لكل منّا مسؤولياته حينما يتصدّى للحديث عن المشروع الوطني منذ أكثر من ربع قرن وقلمي يكتب في هذا المقام العظيم. هنا سأضع أهم الأحداث التي عصفت أو مرّت بنا ونحنُ جزء من الكتابات والآراء التي خضنا مجالها.
· انتفاضة آذار عام 1991 بداية الموقف الرسمي ضد النظام الشمولي الاستبدادي. الموقف تمثّل باتخاذ قرار تأييد الانتفاضة الوطنية العفوية. أربعة عشر محافظة عراقية تحرّرت من سلطة وسطوة النظام السابق. ثم كان مصيرها الفشل. ونتيجة لذلك الحدث فقد التحقتُ بصفوف المعارضة الوطنية.مدينة دهوك الحبيبة كانت نقطة الانطلاق والعمل الوطني.
· تأسيس المؤتمر الوطني العراقي الموحد عام 1992 والعمل ضمن مؤسساته الاعلامية بدءاً من صحيفة المؤتمر ثم إذاعة صوت العراق بعدها تأسيس قناة IBC من هيئة الارسال العراقية. نشاطنا كان واضحاً وتحدياً ضد النظام السابق بكل جبروته وغطرسته وملاحقة أجهزته المخابراتية للمعارضين له. تقاريرنا الاذاعية والتلفزيونية كانت تفضح جرائمه وكُنّا نوثق جرائم وشم الجبين وقطع الأذن للهاربين من الخدمة العسكرية وكانوا يفرّون الى مناطق اقليم كردستان العراق والتي آوت آلاف المعارضين والهاربين من جحيم النظام السابق. المنظمات الدولية لحقوق الانسان كانت توثق تقاريرنا ووكالات الأخبار العالمية تعتمد على تقاريرنا أيضا باعتبارنا مؤسسة إعلامية وطنية ذات مصداقية.
· عام 2003 عام الصدمة والتغيير نحو أمل جديد عصف بالعراق مع خيبة أمل وتلاشي الحلم الوطني بعراق ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الانسان . تحقّقت التعددية الحزبية فقط من خلال محاصصات خائبة ومُهينة للشعب والوطن وللمشروع الوطني الذي ناضلنا من أجله وقدمنا قافلة من الشهداء . عام التغيير فرض علينا مراقبة المشهد العام ودعم من كانوا امل العراق الجديد فكانت الصدمة من خلال أفعالهم . فاستمرت كتاباتنا ذاتها نهجا وطنيا مستقلا. انتقدنا الجميع على حد سواء وحدّدنا أسمائهم وأحزابهم بدءا من حزب الدعوة ، المجلس الأعلى ، التيار الصدري ، الحزب الاسلامي ، طارق الهاشمي، أياد علاّوي ، حارث الضاري، نوري المالكي ، مقتدى الصدر ، جيش المهدي ، عدنان الدليمي، سليم الجبوري …. وقائمتهم طويلة ممن أرهقوا العراق .
· الانتخابات البرلمانية . أعلنّا مواقفنا الواضحة والمعارضة لرموزها وحرّضنا ضد الولاية الثالثة لنوري المالكي وكذلك تولية حيدر العبادي وكتبنا مقالا واضحا عندما أُعلن عن ترشيحه خلفاً لرفيق دربه نوري المالكي.
· العنف الطائفي . الصدمة المؤلمة في واقع المجتمع العراقي كانت مواقفنا أيضا واضحة من خلال تقديمنا مسودة قانون التجريم الطائفي والذي نشرناه من خلال مقالات في هذا الصدد عبر مواقع التواصل الاجتماعي وكذلك مواقع النشر الاعلامية.
· حركة الاحتجاجات المدنية . كتبنا الكثير من المقالات المؤيدة والداعية الى بلورة المشروع الوطني والمعارضة المستقلة بعد توحيد الجهود والصفوف للناشطين.
انتفاضة تشرين الوطنية من هذا العام والمستمرة ونحن نودعه 2019 آملين أن يتحقق المشروع الوطني الذي أعطيناه الكثير من آمالنا وآلامنا وصبرنا وتفانينا وقد تبسّم الفجر لجيل جديد يمثل أمل العراق الذي ندعوا له. إن حركتنا الاعلامية والسياسية تمخصّت عن مرحلة جديدة من توحيد الجهود تمثّلت بالجبهة الوطنية للتغيير في العراق، بلا أي مطامع شخصية سوى أن ننجح في خلق جيل وطني وتوحيد جهود المخلصين لنؤكد على حقيقة مهمة الى الرأي العام تلك أن مفهوم الدولة والمشروع الوطني لايأتيان من إدعاءات هنا وهناك أو وعوداً وأحلاماً تخدع المتلقي فيبني آمالاً شخصية بعيدة عن الواقع. نحن نقدم أفكارنا كرجال دولة وليس رجال أمنيات ، رجال مواقف وليس رجال كتابات متناقضة أو مواقف عقيمة . الشعب والوطن رحم طيب لمن آمن بمفهوم التغيير الوطني والعمل بروح الجماعة. هكذا كنّا وهكذا نفكر ونعمل. لانمتهن التسقيط بل نكتب نقداً وطنياً والمصلحة العامة فوق الخاصة مهما كانت النتائج. متواضعون بتواصلنا مع الآخرين سواء تعالوا علينا أم تواضعوا معنا ومن يتواضع معنا فكراً وعملاً نكون له جنوداً أوفياء إن لمسنا في فكرهم ومنهجهم روح الوطن ومستقبل الشعب. حفظ الله العراق وأهله.