17 نوفمبر، 2024 9:54 م
Search
Close this search box.

في الذكري الأولي لحراك الشعب

في الذكري الأولي لحراك الشعب

أسرار نجاح الثورة السودانية: مصادفتان و ترتيبان
كانت معجزة حقيقية أن تندلع تظاهرات قوية و صامدة “لمدة عام” برغم وحشية أجهزة القمع الرسمية و غير الرسمية من عصابات “الأمن الشعبي” و “كتائب الظل” لتحقق في النهاية جملة من الأهداف الكبيرة بينما تسير قدماً لانجاز كامل الاهداف.
هناك العديد من الأسرار أو الأسباب التي كانت وراء نجاح هذا الحراك و خلف تماسكه..
في الأساس هناك كلمتي سر حصنتا هذا الحراك من الانهزام و حفظتاه من التبدد:
الاول، السلمية؛ و الثانية، الوحدة الوطنية..
السلمية كشفت زيف ادعاء الحزب الحاكم كونه حامي الاستقرار و كافل الامن، فالشباب الأعزل واظب وثابر علي المقاومة بإرادة لا تلين بينما قوة القتل و التعذيب لانت في النهاية..
و الوحدة الوطنية و تماسك النسيج المجتمعي، تم رتقه في الشارع و اثناء المقاومة و التغيير ما أعطاها مصداقية فشعار “يا عنصري و مغرور” ضرب خطاب السلطة الذي أصبح ينتج في مختبرات جهاز الأمن و يتبناه الحزب الحاكم؛ و عصف بمجمل ارث السلطة الانقاذية لثلاثين عاماً، و التي قامت علي دق أسافين بين أعراق و اثنيات و قوميات الوطن الواحد و انتهجت سياسات هدفت لتحطيم إرث التعايش و الانصهار الذي ترسخ لمئات السنين.. فقد ايقن الجيل الناهض الذي مثل وقود التغيير و محركه و ايقن المجتمع كله ان السلطة تستقوي بالعنف و بالسياسات التقسيمية التي تثير الفتن و المخاوف العنصرية فحاربوها بالسلاح الحديد “السلمية و الوحدة” و جردوها من اسلحتها حتي وقفت معنزلة و ضعيفة و مفضوحة.
و في ادارة معركة المواجهة علي الأرض و التظاهر في الشوارع كانت لمصادفتان سعيدتان و لأمرين مرتبين جيداً، كان لهم أثر كبير.. فأولاً، تصادف و توفرت جهة حديثة التشكل (تجمع المهنيين السودانيين) استجابت لتكليف الشعب لها لتنسق الحراك، حديثة التشكل بما يعني انها لم يتلوث سجلها بمخازي تاريخ الخيانة الوطنية و السياسية أو أي من مثالب من خاضوا سابقاً في الشأن العام، بل و هي غير محزبة و غير مسيسة انما جهة مهنية صرفة.. المصادفة الثانية كانت ان الموعد الذي ضرب لمنازلة السلطة في ذكري ثورة ابريل تصادف و إن كان يوم عطلة (يوم السبت) فتمكن الكثيرون من المشاركة و الحضور ما وفر قوة جماهيرية و شعبية ضاربة اربكت الجهاز الأمني و اجبرته علي الانسحاب أمام طوفان الحشود الشعبية.
أما الامران المرتبان فهما؛ اولاً دعت و ثابرت قطاعات عريضة من الناشطين لأن يكون الموعد (6 ابريل) مناسبة لتظاهرة مليونية، و بالفعل ضجت مواقع التواصل المختلفة في السودان بدعوة المليونية كما تم استخدام القصاصات الورقية و الكتابة علي الجيران بكثافة رهيبة حاملة دعوة المليونية.. لم يكن تجمع المهنيين يخطط لأن تكون 6 ابريل نقطة أو علامة فارقة. و بالفعل نجحت دعوات الشباب و الناشطين فكانت 6 ابريل موكب لا كالسابقات توج باعتصام استمر حتي عزل البشير ثم تواصل بعد ذلك و تواصل معه تحقيق المطالب حتي وقعت الحادثة المشؤومة “فض الاعتصام”.
و ثانياً، من الترتيبات المتبعة مواقيت و اماكن و مسارات التظاهرات “المواكب” و التي كانت تعلن بجدول و خرط مع بيانات تلهب الحماسة، اضافة لمواكبة من لجان الاطباء توضح و تكشف أرقام الشهداء الذين ارتقوا و الاصابات اضافة لمجهود خرافي في الطبابة و الاسعاف، و مجهود القانونيين في متابعة حالات الاعتقال و المحاكمات و احكام الغرامة الجزافية.

أحدث المقالات