يمکن القول بأن تناول الاوضاع الختلفة في إيران والاحتمالات القائمة من جانب القادة والمسٶولين الايرانيين والحديث عن مصير النظام نفسه وإحتمال سقوطه، ولاسيما على أثر إنتفاضة 15 نوفمبر/تشرين الثاني2019، والاوضاع المتوترة في داخل إيران المتداعية عنها، صار من المواضيع التي يتکرر طرحها في التصريحات والمواقف الرسمية، ولاريب من إن هذه القضية الحساسة لم يکن هناك أي مجال للتطرق إليها من جانب القادة والمسٶولين الايرانيين لو يکن هناك مايستوجب لذلك وبصورة فعلية وواقعية، خصوصا وإن أوضاع النظام وبعد مضي أکثر من 40 عاما، لايبشر بخير إذ تعصف به المشاکل والازمات من کل جانب، وإن الاوضاع الحالية بشکل خاص أشبه بالهدوء الذي يسبق العاصفة أو بالبرکان الذي قد ينفجر في أية لحظة، ذلك إن النظام الايراني لم يتمکن لحد الان من ضمان إنه قد أمن من هذه الانتفاضة ولن تندلع أو تتکرر مستقبلا.
سقوط النظام الايراني، والذي قد يعتبره البعض شأن داخلي إيراني، ولکن هذا الرأي لايمکن أن يعتد ويٶخذ به، ذلك إن هذا النظام الذي بنى نهجه السياسي على قمع الشعب في الداخل والتدخل في بلدان المنطقة وتصدير التطرف والارهاب للعالم، صار لزاما على بلدان المنطقة والعالم أن يعتبروه بصورة أو أخرى شأنا يعنيهم، وإننا إذا نظرنا للأوضاع في العراق ولبنان واليمن، نجد إنها باتت ترتبط بسياسات هذا النظام وإن إهتمام النظام غير العادي بتطورات الاوضاع في العراق ولبنان بعد الانتفاضتين الاخيرتين فيهما ينبع من خوفه من التطورات المحتملة لهاتين الانتفاضتين وإمکانية إن تٶثر بصورة سلبية على الامن والاستقرار الخاص به.
الحديث عن إحتمالات سقوط النظام الايراني وبعد أن رأى قادة هذا النظام إحتمالا قائما وليس ببعيد وقوعه، فإنهم يسعون من أجل الحيلولة دون ذلك وحتى إن الاساليب القمعية التي إتبعها في قمع الانتفاضة الاخيرة والتي کانت لها ردود فعل وإنعکاسات دولية واسعة النطاق، الى جانب المساعي الحثيثة المبذولة من أجل إجهاض إنتفاضتي العراق ولبنان، إنما هي مساع من أجل مستقبل النظام وضمان بقائه وليس أي شئ آخر، کما إن مايقوم النظام بطرحه من خلال قنوات ووسائل إعلامية ضد منظمة المقاوومة الايرانية والتشکيك بقدراتها وإمکانياتها في تنظيم وترتيب الامور والاوضاع والامساك بزمامها بعد سقوط النظام، لکن وکما معروف وواضح جدا إن المقاومة الايرانية لها برنامجها السياسي الواضح بهذا الصدد والذي يحدد کيفية العمل في مرحلة مابعد سقوط النظام وأخذ الاستعدادات والتحوطات اللازمة في مرحلة إنتقالية محددة لکي يتم بعدها إجراء إنتخابات نزيهة وشفافة تعبر عن إرادة الشعب الايراني وتحقق مايصبو ويهدف إليه.
تخوف النظام الايراني من إحتمالات السقوط، يشمل أيضا أذرعه العميلة له في بلدان المنطقة ولاسيما في العراق ولبنان وبصورة خاصة بعد الانتفاضتين اللتين إندلعتا فيهما ولم يتمکن النظام ولاأذرعه من إخمادهما والسيطرة عليهما، ومن هنا فليس بغريب أن يکون هناك حالة من التنسيق والتعاون غير المسبوق بين النظام وأذرعه في هذين البلدين من أجل ضمان مستقبلهم الذي صار أکثر من أي وقت آخر يسير نحو المجهول!