من قال انه لا يحق لنا أن لا نحلم ، فنحن أحرار ومن حقنا أن نحلم ونتمنى ما نشاء وبمختلف الأمنيات ، ومن الأمنيات التي كنا نريد لها أن تتحقق هي إنهاء العمل بالوكالات في المناصب الحكومية فوكيل الوزير بالوكالة والمدير العام بالوكالة ورئيس الجامعة بالوكالة وعميد الكلية والمعهد بالوكالة ، ولا تتعجبوا إن الوكالة تحولت إلى تقليد بحيث يتم تكليف مدير او رئيس القسم بالوكالة ورئيس الشعبة بالوكالة ، ونحن نتحدث عن الجزء المدني دون المناصب الأمنية والعسكرية لأنها ليست من اختصاصنا واهتمامنا ونحن لا نملك القدر الكافي من المعلومات عن مناصبها سوى علمنا إن اغلبها تدار بالوكالة ، ولان الوكالة تحولت إلى فيروس او تقليد يتنقل وينتقل بشكل أفقي وعمودي في أجهزة الدولة دون عقبات وربما يكون سببا من أسباب الفساد والقصور والتقصير في أداء الأعمال وتقديم الخدمات للشعب ، فقد تعالت الأصوات لإنهاء أسلوب العمل بالوكالات الذي امتد لسنوات بما يؤمن وضع الشخص المناسب في المكان المناسب خارج اعتبارات المحاصصة والحزبية والولاءات غير المشروعة ، واستبشر العراقيون خيرا عند تصويت مجلس النواب على المادة 58 من قانون الموازنة الاتحادية لعام 2019 التي تضمنت : ( تلتزم الحكومة بإنهاء إدارة مؤسسات الدولة بالوكالة ما عدا الأجهزة الأمنية والعسكرية في موعد أقصاه 30 / 6 / 2019 ويعد إي إجراء بعد هذا التاريخ يقوم به المعين بالوكالة باطلا ولا يترتب أي اثر قانوني على أن تقوم الداترة المعنية بإيقاف جميع المخصصات المالية والصلاحيات الإدارية في حالة استمرار بعد التاريخ المذكور أعلاه ) ، فقد توقع البعض أن يكون 2019 موعدا لانتهاء العمل بالوكالات لدخول العام الجديد والمناصب الإدارية تدار بالأصالة بعد معاناة منذ 2015 وبما يسهم في تحقيق أمنيات عموم الشعب .
وهذا النص واضحا جدا ولا لبس فيه أو في تفسيره وواجب التطبيق بموعده المحدد لان سريان قانون الموازنة الاتحادية قد بدأ في 1/ 1 / 2019 بموجب المادة 71 من القانون ، وكان من واجب الحكومة تحويل جميع الوكالات في الدولة إلى الأصالة من خلال مصادقة مجلس الوزراء على مناصب المدراء العامين ومن هم بدرجتهم والتي تقع ضن صلاحياته بإضافة دماء جديدة في الإدارات ، والإيعاز للوزارات كافة والدوائر غير المرتبطة بوزارة بإنهاء العمل بالوكالة للمناصب والمواقع التي يقع تعيينها ضمن صلاحيات الوزير نزولا ، كما كان من واجب مجلس الوزراء تقديم الترشيحات لمجلس النواب للنظر في المصادقة على مناصب وكلاء الوزارات ومن بدرجتهم من رؤوساء الجامعات وغيرهم الذين يقع تعيينهم بالأصالة ضمن صلاحيات مجلس النواب ، وما حصل هو استهلاك للوقت من دون إجراءات فقد تحجج مجلس الوزراء بتأخر تشريع قانون الموازنة وعدم كفاية الوقت للتثبيت بمناصب يزيد عددها عن 5000 واقتراح مناصب بالدرجات الخاصة يبلغ عددها بالمئات ، وكان من ضمن الأعذار المعلنة أيضا هو الانشغال بإشغال المواقع الشاغرة في وزارات ( التربية ، العدل ، الدفاع ،الصناعة ، الداخلية ) التي لم تشغل عند المصادقة على الكابينة الوزارية ، فضلا عن حدوث شغور في وزارة الصحة بعد استقالة الدكتور علاء الدين العلوان ، وأمام الضغوط لتنفيذ هذه المادة والتلميح بالاستجواب فقد طلب السيد عادل عبد المهدي تأجيل موعد التنفيذ إلى تشرين الأول من العام نفسه وقد وافق مجلس النواب على التمديد عرفا لان النص القانوني لم يتضمن المرونة في التمديد ويحتاج إلى تعديل لقانون الموازنة ، ولم يحسم الموضوع لحد اليوم نظرا للانشغال بالتظاهرات والاعتصامات والموافقة على استقالة رئيس مجلس الوزراء وخلو المنصب حاليا .
وان عدم الإيفاء بالموعد المحدد في قانون الموازنة وحسب النص الوارد في المادة 58 منه المشار إليه في أعلاه يشير إلى إن جميع المناصب تعد غير قانونية لان النص تضمن موعدا محددا ( 30 / 6 / 2019 ) ولم يتضمن صلاحيات للتمديد ، مما يعني بان جميع الصلاحيات الإدارية والمالية التي تمارس بالوكالة بعد 1/ 7 / 2019 تعد باطلة وهذا ربما ينسحب على القرارات التي صدرت من ( الوكالات ) ، آذ ليس هناك نصوصا يمكن التعويل عليها في استمرار العمل بالوكالات وممارسة الصلاحيات ، ولعل الوزارة الوحيدة التي أدركت هذا الفراغ واستدركته بالمعالجة هي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي التي اصدر وزيرها قرارا بايقاف العمل بالوكالات واسند مهام تسيير أعمال الكليات والمعاهد ومساعدي رؤوساء الجامعات لمجموعة ممن تم تكليفهم استنادا لقانون السلطة التنفيذية رقم 50 لسنة 1964 وبطريقة تقييد الصلاحيات وعدم صرف الاستحقاق عن تولي المناصب لمن يتولى تسيير الأعمال ( رغم التساؤلات التي عرضت حول معايير الإعفاء والتكليف ) ، وحسب ما ورد في مواقع التواصل الاجتماعي فان مجلس الوزراء تولى إصدار أوامر بتعيين المستشارين والمدراء العامين فقد اصدر أوامر بتعيين عددا منهم في الوزارات وبعضهم ستتم إحالتهم حتما إلى التقاعد في 31 / 12 / 2019 نظرا لبلوغهم السن القانونية للإحالة إلى التقاعد بموجب القانون 26 لسنة 2019( التعديل الأول لقانون التقاعد الموحد رقم 9 لسنة 2014 ) ، ويتوقع أن يستمر العمل بالوكالات لأمد غير معروف ربما يمتد لسنوات لان الحكومة الحالية يعتبرونها حكومة تصريف الأعمال ومحدودة الصلاحيات ويشكلون على قراراتها السابقة بخصوص تعيين المدراء العامين لأنها صدرت بعد انتهاء الموعد المحدد بقانون الموازنة الاتحادية ، وإن الحكومة التي سيتم اختيارها غير معروفة المعالم من حيث الزمن الذي سوف تستغرقه والصلاحيات التي ستمنح لها ، كما إن نصوص مشروع قانون الموازنة الاتحادية لعام 2020 لم تعلن بعد للتعرف هل تم إعادة النص الوارد في المادة 58 الوارد بقانون موازنة 2019 بمشروع القانون الجديد ، وبين هذه التساؤلات فقد ضاعت فرصة إنهاء العمل بالوكالات في عام 2019 مما ينذر بإتباع ذات النهج خلال الأشهر وربما السنوات القادمة وتحمل الشعب لاعباء هذا الفشل في إسناد الوظائف القيادية وإدارة الجهاز الإداري الحكومي ، دون إن تهمل الانعكاسات السلبية العديدة الناتجة من العمل بأسلوب ( ألو؟؟!! كالات ) التي يحلو للساخرين كتابتها بهذا الشكل .