كنت افكر للتو في معنى مفردة الآمن الهش، وقد صارت تتردد على السُن الناس، ومخاوفهم المتواصلة مقابل تاكيدات مؤسساتنا الامنية بأن لاوجود للمليشيات والعصابات المسلحة في بغداد، لكن خبر قطع رأس زميل صحفي اغتيل مؤخراً على ايدي احدى العصابات ورمي جثته قرب بيته، في وسط العاصمة بغداد، اسقطت اخر ورقة توت امنية بالضربة القاصمة، ربما يتساءل قارئ عن مئات الشهداء الذين سقطوا قبله، ومخاوف اخرين من تكرار سيناريو التهجير والتهديد، وادعي هنا ان اعدام صحفي في بلد يعلن وجود الامن ويبصم لاجله بالعشرة عشرات المرات يوميا في نشرات الاخبار، يعني احد امرين، اما اننا فهمنا مفردة الامن بشكل خاطئ بحيث اختلطت علينا اوراقه مابين خطب المسؤولين وهم يتقلبون في احضان مواكبهم وسياراتهم المحصنة وبين الجثث التي احتارت بتبريدها دوائر الطب العدلي في البلاد، او ان القاعدة الملموسة في البلاد اليوم هي المليشيات والعصابات والاستثناء هو المواطن!.
المشكلة ان استهداف صحفي بتلك السهولة في الاداء، والتغافل الاسود من قبل المعنيين لكشف ملابسات الحادث، وضياع دمه بين ملفات الاف المهدورين قبله ، يعني ان علي ان افكر الف مرة ، قبل ان ادعي اني آمنة في بلدي، وان لاعبوة لاصقة او طلقة كاتمة ، او سيف غادر يترصدني ذات يوم، لالتحق بركب من سبقني قبل ان تحرك منظومتنا الامنية ساكناً، وربما وحدها ستتولاني بالعويل والصراخ -كما تفعل في كل مرة- بيانات منظماتنا المجتمعية والنقابية التي لم تمل من تكرار مفردات الشجب والاستنكار والتنديد والمطالبة بأقصى درجات العقاب للفاعلين! وكان الله يحب المحسنين.
المسكين قانون حماية حقوق الصحفيين، ظل وحده مهملاً، على الرفوف وهو الذي جلب لنا الحسد والغيرة من نقابات مجاورة، بكم الهبات والامتيازات التي يعد بها معشر الصحافيين، وتلوحيات كتل سياسية بارزة بتوزيع قطع الاراضي بينهم، قبل يومين من بدء انتخاباتها، من باب الصدفة طبعا والتي تحققت بغير ميعاد، كما تقول المطربة وحيدة خليل,, لكنه لم يمنحنا حتى اللحظة حقنا في الامن الذي هو الجسر الذي يوصلنا لمفردات حرية التعبير والاعلام والديقراطية وحق ابداء الرأي والرأي الاخر وغيرها من مفردات….
اننا ياجماعة بلد مفتون بالتصريحات، والصحف التي تكذب منذ ان ولدتها امهاتها، ونشرات الاخبار والصحف التي يقف ممولها خلف حبرها الاسود تكتب مافي قلبه فقط، وتحرك الاضواء وفق مايشتهي، وعلى مرأى الجميع، وتغلق ابوابها حالما تريد، لان الفلوس مالت ابوها وابو الي خلفوها..
ملاحظة… كيف علي ان احمي نفسي، وقطار الموت يلاحقنا؟ وهو اسرع من كل خططنا الامنية الفاشلة، ولم تعد كل الطرق تؤدي الى روما ,فالعراق نسي ان يسجل براءته الجديدة بأن كل الطرق فيه تودي الى قتلك!!.