خاص : ترجمة – محمد بناية :
أخبرني مهندس بتروكيماويات ياباني من أصل إيراني، ينتمي إلى الجيل القديم، أصيب اليابانيون بالدهشة “حين جاؤوا إيران بعد الثورة؛ لبناء مشروع البتروكيماويات (الإيراني-الياباني)”، من إمكانيات “خوزستان” المذهلة.
وقال أحدهم: “لو كانت لدينا خوزستان؛ لكنا حققنا الإكتفاء الذاتي اقتصاديًا”. وقلنا نحن وقد كنا نحقق أعلى إنتاج نفطي آنذاك: أجل !.. حقيقة “النفط” نعمة لـ”خوزستان”. لكن علق هذا الياباني؛ قائلاً: “ليس النفط فقط !.. ولكن لو كنا نملك في اليابان هذه المساحات الزراعية الشاسعة التي لديكم في خوزستان، لكان لنا السبق والريادة الزراعية في العالم”.. والمقصد أن حتى اليابانيين الذين شاركوا في مشروع البتروكيماويات “الإيراني-الياباني”؛ عرفوا جيدًا قدرات وإمكانيات “خوزستان”. على حد قول “حميد رضا شكوهي”، في صحيفة (آفتاب يزد) الإيرانية الإصلاحية.
إهمال سوء الإدارة يعصف بالمحافظة !
لكن حتى الآن، وبعد سنوات، مازلنا ندير “خوزستان”، التي كانت جزءً من المحافظات الإيرانية الأكثر ثراءً، كما لو كانت أفقر المحافظات الإيرانية.
ولقد تسببت الأمطار الغزيرة حاليًا بالمحافظة، وإختلاط سيول الأمطار بمياه الصرف الصحي وأثارت فزع المواطنين، في إحياء القصة سابقة الذكر في ذهني. قد تقع السيول والفيضانات في أي نقطة بالعالم، وتسبب خسائر حتى في الدول المتقدمة. لذا لا يجب أن نشكك بكل شيء لمجرد حدوث سيل.
لكن ما حدث في “خوزستان” مختلف، فلقد وصلت مياه الفيضانات بالشوارع في أغلب مدن “خوزستان” حتى داخل منازل المواطنين وإمتزجت للأسف بمياه الصرف الصحي. وقد تعرضت المحافظة ذاتها، في آذار/ مارس الماضي، لحدث مشابه مع إختلاف الأبعاد. فالحديث عن العواصف الترابية في “خوزستان” متكرر وكأنما لا ينتهي.
أضف إلى ذلك مشكلة التلوث النفطي، رغم اتفاقيات القضاء على هذه المشكلة، فالغازات المصاحبة لـ”النفط” تقضي على أمان المواطنين، لكن تدريجيًا يتم محو هذه الاتفاقيات، لاسيما تحت وطأة العقوبات الاقتصادية.
والسؤال: هل تستحق “خوزستان” في الحقيقة كل هذه المشاكل الناجمة عن سوء الإدارة ؟.. وهل تحسنت أوضاع المحافظة، حين قالوا: سوف ننفق الجزء الأكبر من عوائد “النفط” على “خوزستان” ؟..
“خوزستان” وعوائد النفط..
أنا أعتقد أن عوائد “النفط” تخص كل الإيرانيين. لكن لو تذهبون إلى “خوزستان” وتتطلعون على حجم المشكلات المخبوء ومعدلات الاستياء الشعبي، لن تتمكنوا بالتأكيد من تجاهل المسألة. ولا يمكن معالجة هذا الكم من الويلات والاستياء في ظرف سنة أو حتى خمس سنوات، لكن يمكن على الأقل التخطيط والأهم العمل للقضاء على هذه المشكلات، وهو عمل قلما تم الإلتفات إليه خلال السنوات الأخيرة.
مع هذا فالمشكلة الأساسية للدولة حاليًا أنه لا يوجد المزيد من عوائد “النفط”؛ التي نريد أن نمنح “خوزستان” الجزء الأكبر منها للمساومة. فقد وصلت العقوبات والصادرات النفطية إلى مرحلة أثارت تعجب السيد، “إسحاق جهانغيري”، النائب الأول لرئيس الجمهورية، بحيث قال: “لا يمكن تصور أن الهند أيضًا لن تشتري النفط الإيراني” !.. ورغم أن عوائد “النفط”، آنذاك، لم تكن بالقدر الذي يلبي احتياجات الكتلة السكانية، وبحسب المسؤولين هناك 60 مليون نسمة في “إيران” بحاجة إلى مساعدات معيشية.
الآن وحيث لا تتوافر عوائد “النفط”، فإن بعض المشكلات يحتاج إلى مال والآخر يحتاج إلى إدارة. ومشكلة “خوزستان” تكمن في عدم وجود المال بالقدر الكافي للقضاء على المشكلات وعدم رؤية المواطن للتدبير المثير للتفاؤل. فلقد إعتاد المسؤولون بالمحافظة إحالة كل شيء إلى “النفط” والشركات النفطية وعوائد “النفط”، التي ربما استطاعت في فترة ما أن تلعب دور عصا موسى، لكن الآن وفي ظل العقوبات لم تعد تستطيع القيام بهذا الدور.
لذا فالأهم هو تغيير نظرة المسؤولين إلى “خوزستان” وأن يلمس المواطن التدابير التي تستهدف حل المشكلات. لقد فقدنا صادرات “النفط” بضغط، “دونالد ترامب”، لكن بالتخطيط والحكمة لن يقتصر الأمل على عوائد “النفط” فقط، ولكن في تطوير الزراعة على سبيل المثال في هذه التربة الزراعية الخصبة التي تحدث عنها المهندس الياباني، أو في التخطيط للقضاء على مشكلات مثل مياه الشرب والصرف الصحي حتى تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه.