24 سبتمبر، 2024 12:16 م
Search
Close this search box.

أهمها تعظيم دور الجيش أمام الميليشيات .. أسباب نشر صور لـ”السيستاني” مع جرحى الجيش العراقي !

أهمها تعظيم دور الجيش أمام الميليشيات .. أسباب نشر صور لـ”السيستاني” مع جرحى الجيش العراقي !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

الصور التي انتشرت، يوم الإثنين الماضي 16 كانون أول/ديسمبر، للمرجع الشيعي الأعلى، آية الله “علي السيستاني”، وهو يتوسط عددًا من مقاتلي الجيش العراقي، تعود إلى لقاء عُقد قبل أشهر عدة، ولكن جرى الكشف عن تفاصيله في الفترة الأخيرة. ولهذا السبب، تعاملت وسائل الإعلام المحلية العراقية والعربية، المهتمة بشؤون “العراق”، مع الصور على أنها خبر جديد، خاصة وأن مقربون من المرجعية قاموا بنشر هذه الصور الآن.. فلماذا هذا التوقيت بالذات ؟.. ولماذا بادر مكتب المرجع الأعلى بنشر هذه الصور برغم حرص المرجعية طوال الوقت على عدم الظهور فى وسائل الإعلام ؟

تعظيم دور الجيش كصانع للنصر..

يقول أحد العسكريين، الذي ظهر في الصور، إن: “اللقاء عُقد قبل أشهر عدة، بناءً على مبادرة من جنود جرحى للقاء المرجع الشيعي، الذي وافق على الفكرة فورًا”.

وحين يتعلق الأمر بـ”السيستاني”، فإن كل شيء يجب أن يكون محسوبًا، كما أعتاد المتابعون، ولا يترك شيئًا للصدف، لذا طرحت فكرة ظهور الصور في هذا التوقيت أسئلة عدة حول الأسباب التي دعت إلى تسريب هذه الصورة في هذا التوقيت، ففي العادة لا يحدث مثل هذا الأمر في مكتب المرجع الأعلى، الذي يتجنب الظهور في وسائل الإعلام.

وقال مراقبون إن: “ظهور صور، السيستاني، متوسطًا مقاتلين جرحى في الجيش العراقي، بالتزامن مع ذكرى الانتصار على (داعش)، دلالته على أن الجيش هو من حقق النصر، وهي رسالة بليغة في توقيت حساس”.

ويرى مراقبون أن تسريب الصور بالتزامن مع ذكرى إعلان النصر على تنظيم (داعش) في “العراق”، يوحي بأن “السيستاني” يريد أن يحتفل بالجيش العراقي، بوصفه صانع هذا النصر، “على حساب الجماعات المسلحة التي يتحدث قادتها عن الخدمات الجليلة التي قدموها للبلاد خلال هذه الحقبة، ويتبجحون بأنهم سدوا الفراغ الذي خلفه الجيش المهزوم”، عام 2014.

وعلى الرغم من أن الجيش العراقي قدم تضحيات كبيرة خلال معركة استرداد أراضي البلاد ودحر التنظيم في الأعوام الماضية، إلا أن الإعلام المحلي، الموالي لـ”إيران”، عمل بقوة على تكريس صورة قائد الجماعات المسلحة الذي يقود البلاد إلى النصر؛ “على حساب الضابط العسكري المأخوذ بالرشوة والمتهم بالصلة مع السفارات الأجنبية”، وهي تهم استخدمها رئيس الوزراء العراقي المستقيل، “عادل عبدالمهدي”، نفسه، قبل أن ينفجر الشارع بوجهه، مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي.

السيستاني” أكد أهمية نزع السلاح خارج إطار الدولة..

وفي محاولته فهم الأسباب التي تحيط بظروف تسريب هذه الصور، يقول المدون، “يعرب الصكر”: “لو عدنا إلى خطبة الجمعة الأخيرة؛ لوجدنا أن، (السيستاني)، أكد أهمية نزع السلاح المنتشر خارج إطار الدولة، مقابل البديل الذي يقدمه وهو الجيش”.

ويضيف أن “السيستاني”؛ “أراد أن يؤكد ألا بديل لكم عن الجيش، وهذا الجيش ليس خيارًا اضطراريًا تفرضه الظروف، بل هو الخيار الاضطراري المدعوم والمزكى من قبلنا والكفيل بحفظ أمنكم وسلامتكم وتظاهراتكم وسلميتكم، فادعموه وثقوا به”.

نفي إشاعة وفاة “السيستاني”..

كلما تعرضت البلاد إلى أزمة كبيرة تتطلب تدخلاً من المرجع الشيعي في البلاد، ظهرت إلى العلن إشاعات عن وفاة “السيستاني”، وفي العادة، عندما يجري تتبع مصدرها، يتبين أنه إيراني.

ولم يُعد غريبًا أو من الصعب على الشعب العراقي فهم هذه المعادلة، لأن النظام الإيراني القائم على فكرة “ولاية الفقيه”؛ يجد في “السيستاني” نموذجًا مزعجًا يرفض الإنصياع، ويُصر على تبني فلسفة عدم التدخل في الشؤون السياسية، بخلاف المرشد في “إيران”، “علي خامنئي”، الذي يحكم قبضته على كل خيوط إدارة الدولة.

وخلال الاحتجاجات الأخيرة، إتخذ “السيستاني” خطوة جريئة للرد على “خامنئي”، عندما اتهم المتظاهرين العراقيين بأنهم مخربون، داعيًا الحكومة إلى إنهاء وجودهم في الساحات والشوارع، إذ حذر المرجع الشيعي في “العراق”، السلطات في “بغداد”، من التورط في المزيد من الدماء.

وفي هذه اللحظة بدأت الإشاعات تدور عن وفاة “السيستاني”، لتبلغ ذروتها الأسبوع الماضي، وهو السبب المباشر الذي دفع مكتب المرجع الأعلى إلى تسريب صوره مع العسكريين، لكن بعد إنتقاء التوقيت بعناية، لتكريس فكرة الانتصار للجيش العراقي على حساب “الميليشيات” أولاً، وللرد على الإشاعات الإيرانية ثانيًا.

وأعلن “السيستاني”، رفضه أن يقوم “طرف إقليمي أو دولي” بـ”فرض رأيه” على المتظاهرين في البلاد. وطالب في خطبة الجمعة، التي تلاها ممثله السيد، “أحمد الصافي”، في “كربلاء”، السلطات؛ “بعدم الزج بالقوات القتالية بأي من عناوينها” ضد المتظاهرين، و”عدم السماح بإنزلاق البلاد إلى مهاوي الإقتتال الداخلي”.

منع استغلال الأحزاب والميليشيات لصوره..

وتسربت رسائل عبر تنظيمات سياسية، تشير إلى أن “السيستاني” يدعم تظاهرات تُعد لها أحزاب بهدف “تعزيز دور المرجعية”، فيما جابت بعض شوارع “بغداد” مسيرات تحمل صور المرجع الأعلى وأعلام (الحشد الشعبي)، وتردد عبارات ضد رموز الطبقة السياسية، الأمر الذي فهم على أنه محاولة من أحزاب يطالب المحتجون بإزاحتها من السلطة للإحتماء بنفوذ المرجع الأعلى.

وضجت وسائل التواصل الاجتماعي في “العراق” بجدل واسع، مع أسئلة عديدة بشأن حقيقة دعم المرجع الأعلى في مدينة “النجف” تظاهرات سياسية، ربما تستخدم لضرب حركة الاحتجاج الشعبية وإفراغها من مضمونها.

ويعاني المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله “علي السيستاني”، لحماية اسمه من الاستغلال السياسي خلال موجة الاحتجاجات التي يشهدها “العراق”، منذ مطلع تشرين أول/أكتوبر الماضي، بينما تراهن الحكومة على الوقت لتذويب التظاهرات، من دون الاستجابة لأي من مطالبها الرئيسة.

لم يتأخر رد “السيستاني” كثيرًا، إذ أصدر مكتبه على الفور بيانًا أكد خلاله رفض المرجع الأعلى استخدام اسمه للترويج السياسي.

وقال مكتب “السيستاني”، إن: “المرجعية الدينية إذ تؤكد أن المشاركة في التظاهرات السلمية حق لجميع العراقيين، فإنها تشدد على ضرورة عدم استغلال اسمها أو رفع صورها من قِبل أي مجموعات مشاركة في التظاهرات من أنصار القوى السياسية أو غيرهم”، مؤكدًا على: “دعم المرجعية وتأييدها المطالب الإصلاحية للمتظاهرين السلميين وعدم تفريقها بين أبنائها المطالبين بالإصلاح على اختلاف توجهاتهم”.

وقال مراقبون إن موقف “السيستاني” قطع الطريق على أحزاب سياسية تشعر بأنها مستهدفة من قِبل الاحتجاجات؛ للنجاة من الغضب الشعبي عبر ركوب قارب المرجعية الشيعية.

وحاول قادة في (الحشد الشعبي) ربط الجدل المحيط بدورهم في قمع الاحتجاجات بتدخلات خارجية، لا سيما من قِبل “الولايات المتحدة”. وقال زعيم (كتائب سيد الشهداء)، وهي أحد أهم فصائل (الحشد الشعبي)، “أبوآلاء الولائي”، إن “الولايات المتحدة”، تروج عبر سفارتها في “بغداد”، اتهامات لـ”المجاهدين” بالتورط في استهداف المتظاهرين.

ويعتقد “الولائي”، الذي اختار لقبًا يربطه مباشرة بـ”الولي الفقيه” في “إيران”، آية الله “علي خامنئي”، إن “السفارة الأميركية” في بغداد “ما إنفكت تروج لفكرة سخيفة عبر أدواتها الصفراء متهمة الشرفاء المجاهدين بإيذاء أبنائنا المتظاهرين”. ووصف “الولائي”، “السفارة الأميركية” في بغداد، بأنها: “سفارة الشر والشيطان”، فيما قال إن المتظاهرين “أبناؤنا الذين كانوا معنا في الخندق نفسه، نقاتل وإياهم العدو الداعشي الإرهابي نفسه، صنيعة أميركا، فأختلط دمنا بدمهم واقتسمنا على الجباه تراب السواتر لنحمي الوطن الذي أردناه وإياهم”.

وهدد “الولائي” بمحو “السفارة الأميركية” في بغداد، مشيرًا إلى أن: “هذه السفارة ستغدو أثرًا بعد حين إذا اندلعت الفوضى في بلادنا الحبيبة”، فيما لوح بأن هذا الرد يأتي “ثأرًا لدماء وسام العلياوي وصفاء السراي”، وهما قتيلان سقطا خلال التظاهرات، الأول ينتمي إلى حركة (عصائب أهل الحق) وقتل برصاص مجموعة وصفت بـ”المندسة”، والثاني شاعر عراقي سقط بنيران قوات الأمن خلال مشاركته في التظاهرات.

ولاية الأمة في مواجهة “ولاية الفقيه”..

ويمثل “السيستاني” المدرسة الفقهية المؤمنة بـ”ولاية الأمة على نفسها”، حيث شرعية الحكم والدولة من الشعب، وبين مدرسة أخرى يتزعّمها مرشد الثورة الإسلامية في إيران، “علي خامنئي”، والتي تؤمن بأن الشرعية لله، وأن الولاية هي مطلقة لـ”الفقيه العادل الحائز للشروط”.

ويعود أصل نظرية “ولاية الفقيه” المطلقة إلى “الخميني”، مؤسس النظام الإسلامي في “إيران”، إذ حرر من موقعه الفقهي نظرية غير مألوفة في الفكر السياسي الشيعي ضمن محاضرات حملت عنوان: “الحكومة الإسلامية”، وفقًا لـ”الحمود”، الذي يرى أن “السيستاني” لا يفكر “بأي مشروعية غير تلك المرتبطة بالشعب”، متحدثًا بوضوح لا لبس فيه عن رفضه حكومة دينية، أو حتى أي دور مباشر لرجال الدين في الجوانب الإدارية والتنفيذية، داعيًا إياهم إلى الإقتصار على الإرشاد والتوجيه العام.

ويشدد “السيستاني”، على: “ضرورة أن تشمل عملية بناء الدولة سيادة العراقيين على بلدهم سيادة كاملة غير منقوصة سياسيًا واقتصاديًا وأمنيًا، رافضًا أي دور للميليشيات، أو أشكال الهيمنة الطائفية”، مشيرًا إلى إمكانية تجاوز المحاصصة العرقية والطائفية من خلال الرجوع إلى صناديق الإقتراع.

لكن الإيرانيين يرون أن بإمكان “السيستاني” أن يفعل المزيد لجهة استخدام تأثيره الروحي الكبير في شيعة “العراق”، في توجيههم صوب المزيد من الإنخراط في التصعيد ضد “الولايات المتحدة” ودول الخليج في المنطقة، بينما يعتقد المرجع الشيعي أن “طهران” تدفع شيعة “العراق” إلى محرقة، بهدف تحقيق طموحات إقليمية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة