خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
كثيرًا ما تُحذر “الولايات المتحدة” من خطورة النفوذ الإيراني في “العراق”؛ وتُطلق التهديدات باستهداف الميليشيات الموالية لـ”طهران” من أجل الحفاظ على استقلالية “العراق”.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه: هـل كان لـ”طهـران” أن تلعب هذا الدور الخطير في “العراق”، والمرفوض من أصله، لولا جريمة الغزو والاحتلال الأميركي وإسقاط النظام الوطني العراقي عام 2003 ؟
بإمكان واشنطن شن الحرب !
أكدت مجلة (ناشيونال إنترست) الأميركية؛ هذا الأسبوع، إمكانية إعلان الإدارة الأميركية حربًا ضد “إيران” للدفاع عن سيادة “العراق”. وتناولت المجلة، في تقريرٍ لمراسلها، “ماثيو بيتي”، تحذير وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، “إيران” والمليشيات الموالية لها في “العراق”، من رد حاسم، وذلك على خلفية استهداف قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية في “العراق”، كان آخرها هجوم صاروخي قرب “مطار بغداد”.
وفسّرت المجلة الأميركية، تحذير “بومبيو”؛ على أنه يعني ضمنًا أن “الولايات المتحدة” قد تخوض حربًا على ما يبدو ضد “إيران”: “دفاعًا عن سيادة العراق واستقراره”، موضحًة إن تصريحات، “بومبيو”، أثارت الإستهجان بشأن صلاحيات إدارة “ترامب” لإعلان حالة الحرب في “العراق”.
على واشنطن وحلفائها التدخل لإنقاذ العراق !
رأت شبكة (فوكس نيوز) الإخبارية الأميركية؛ أنه ينبغي على “واشنطن” وحلفائها الأوروبيين مساعدة “العراق” لمنع إنزلاقه إلى حرب أهلية نتيجة أعمال القمع والقتل التي تقوم بها بعض الميليشيات الموالية لـ”إيران” ضد المتظاهرين.
وقالت الشبكة، في تقرير كتبته الباحثة الأميركية، “ليندا روبنسون”، من مؤسسة “راند” للأبحاث، ومؤلفة عدة كتب عن “العراق” و”أفغانستان”، إن: “المتظاهرين العراقيين أوضحوا مطالبهم بشكل قاطع، وهي: تغيير النظام الطائفي وإنهاء التدخل الإيراني في بلادهم”.
وأشارت إلى أن: “ردود فعل إيران العشوائية والعنيفة تجاه الاحتجاجات في العراق؛ تعكس خوفها من خسارة نفوذها في العراق الذي يشكِّل حاليًا المصدر الرئيس لإيراداتها من التصدير بعد فرض العقوبات الأميركية عليها”.
وأنهت “روبنسون” تقريرها بالقول؛ إن: “الولايات المتحدة لها مصلحة كبيرة بتحقيق الاستقرار في العراق وإنهاء النفوذ الإيراني، لذلك يجب عليها إلى جانب تقديم مساعدات أمنية ومكافحة الإرهاب؛ أن تسعى إلى تعزيز قدراته لضمان سيادته، ويمكن للولايات المتحدة وشركائها الأوروبيين أن يلعبوا دورًا رئيسًا في دعم وتمكين العراق من ضمان سيادته وتطبيق الدستور الذي يحظر وجود ميليشيات وهو ما سيمنع اندلاع حرب أهلية”.
النفوذ الإيراني صار مكروهًا..
تقول الكاتبة السياسية، “منى الجبوري”: کان الاحتلال الأميرکي لـ”العراق”، وإسقاط النظام السابق، أکبر هدية لنظام “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” کي يهيمن بنفوذه على “العراق” ويجعل منه مجرد تابع له بعد أن کان يقف بوجهه کأکبر قوة تحول دون تغلغله وتوسعه في بلدان المنطقة. وقد کان ذروة ترسيخ النفوذ الإيراني قد بدأ بعد أن صار، “نوري المالکي”، رئيسًا للوزراء. إذ أن الأخير قد عمل کل ما بوسعه من أجل أن يکون أداة طيعة لهذا النظام وينفذ کافة ما يريده منه.
تضيف “الجبوري”؛ أن نفوذ نظام “الجمهورية الإسلامية الإيرانية” في “العراق”، صار مکروهًا من جانب الشعب العراقي إلى أبعد حد؛ وبعد أن کان اللاهثون خلف هذا النفوذ هم الذين يفرضون رأيهم وإرادتهم فإن الأکثرية حاليًا صاروا هم الرافضون له، وإن النظام الايراني يعلم ذلك جيدًا، ولذلك فإنه في سعي مستمر وبطرق وأساليب مختلفة من أجل الإمساك بزمام الأمور في “العراق”، والذي يبدو إنه لم يعد متيسر له کما کان خلال الأعوام السابقة، خصوصًا وإن انتفاضة الشعب الإيراني لازالت متواصلة ضد النظام.
السياسات المذهبية لإيران عمقت الطائفية في العراق !
ترى الكاتبة، “هدى رؤوف”؛ أنه على الرغم من إعتماد “إيران” على المكون الشيعي في العلاقة بين البلدين، يمكن القول إن هناك بعض العوامل التي حالت دون إحكام النفوذ الإيراني في “العراق”، منها الاختلاف والتفاوت بين الفصائل الشيعية، وأيضًا الرأي السلبي للشيعة العراقيين تجاه النفوذ الإيراني في “العراق”، وعدم تبني الحوزات الدينية في “النجف” لمبدأ “ولاية الفقيه”.
ولا يمكن القول إن “إيران” وفرت الأمن والاستقرار لصالح “العراق”، فقد أثرت سياساتها المذهبية في “العراق” على تعميق الطائفية وزيادة الصراع بين الفصائل وتذمر الجماعات السُنية. مما يجلي حقيقة أن الدور الإيراني في “العراق”، في مراحله المختلفة، لم يكن بأية حال داعمًا لاستقرار وأمن “العراق”، بل جرى زرع بذور التفكك والإقتتال الطائفي.
مؤشرات رفض النفوذ الإيراني..
بحسب “هدى رؤوف”؛ تُعد الاحتجاجات الجارية حاليًا في “العراق” أهم مؤشرات رفض النفوذ الإيراني، والذي تجلى في الوعي الشعبي العراقي، فقد عبَّر الشباب المتظاهر عن غضبه من الفساد والأداء الحكومي الذي تم ربطه بالتغلغل الإيراني في “العراق”، وتم حرق صور “الخميني”، وهوجمت مقرات الأحزاب والميليشيات الموالية لها، مع انتشار شعار: “إيران برة برة.. بغداد تبقى حرة”.
أميركا دولة “جبانة” أمام إيران !
أوضح المحلل السياسي، “هارون محمد”؛ أن من أطلع على البيان الأميركي الرسمي، على الهجومين المليشياويين الآخيرين على القاعدة “الأميركيةـالعراقية” المشتركة، في “مطار بغداد الدولي”، لا بد وأنه سيلحظ، حجم الخوف الأميركي من “إيران”، الذي إقتصر على تهديدات شفوية بالرد مستقبلاً، في وقت كان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”، يسخر من البيان، ويصفه بأنه مزاعم واهية، بينما كانت الشاحنات الإيرانية العملاقة تعبر منفذ “زرباطية”، وهي تحمل المدرعات والدبابات والمدافع، إلى الأراضي العراقية.
إن الخوف الأميركي من “إيران” بات سمة واضحة لسياسات “واشنطن” في المنطقة، ولم تُعد “طهران” تخشى من تصريحات “البيت الابيض” وتهديداته، و(البنتاغون)، و”الكونغرس”، و”الخارجية”، ووكالة الـ (سي. آي. إيه)، التي تحمل مفردات تحذيرية لفظية لا غير، يقابلها المسؤولون الإيرانيون بمزيد من التدخل العلني في “العراق”، والتهديد السافر لدول الخليج العربي.