خاص : ترجمة – آية حسين علي :
على مدار 74 عامًا من حياة الرئيس الجزائري الجديد، “عبدالمجيد تبون”، تمكن من الصعود إلى أعلى مناصب الحكم في البلد الإفريقي، لم يكن ينقصه سوى أن يتربع على عرشها، ورغم أن صعوده كان بطيئًا إلا أنه لم يرجع خطوة واحدة إلى الوراء، وهو ما يناسب الرجل الوفي للنظام، بحسب صحيفة (البايس) الإسبانية.
وأضافت الصحيفة؛ أنه في الواقع كان إخفاقه الوحيد هو ما سمح له بالوصول إلى الرئاسة، وربما يكون هذا ما منعه من البقاء خلف القضبان، مثلما حدث مع من سبقه في رئاسة الحكومة، “عبدالمالك سلال”، الذي ألقي القبض عليه وأودع السجن، في حزيران/يونيو الماضي، ومن تبعه، “أحمد أويحي”، وهما الإثنان يقضيان مدد طويلة في السجن؛ بسبب قضايا تتعلق بالفساد، إذ شهدت “الجزائر” مشهدًا عبثيًا يتعلق برئيس الوزراء حينها، “عبدالمجيد تبون”، عام 2017؛ إذ قرر الرئيس، “عبدالعزيز بوتفليقة”، إنهاء مهامه بعد 3 أشهر من توليه منصبه، من حزيران/يونيو إلى آب/أغسطس، لتصبح حكومته صاحبة أقصر مدة في التاريخ السياسي البلاد، وكان سبب إقالته هو علم “بوتفليقة” باستعداد “تبون” لوضع قيود على رجال الأعمال الأقوياء الذين نمت ثرواتهم في ظل عشيرة “بوتفليقة”.
وأوضح المحلل السياسي، “عثمان لهيان”، أن: “تبون كان دائمًا أحد الأسماء البارزة في الانتخابات الأخيرة، رغم كونه سياسي رمادي لا يميزه لون، ولا يتمتع بحضور مميز، ومشروع وصوله إلى الرئاسة وُجد منذ بداية خلافه مع الرئيس السابق واستبعاده من الحكومة”.
رهان النظام السابق..
ذكرت (البايس)؛ أنه نظرًا لعلاقته القوية برئيس أركان الجيش، “أحمد قايد صالح”، الرجل القوي في البلد، أُعتبر، “تبون”، منذ بداية الحملة، رهان النظام السابق الذي أُريد له أن يربح، لكن نجمه خفت بعد الفضائح التي طالت ابنه، “خالد”، الذي اتهم بتبييض الأموال والتعاون مع رجل أعمال فاسد في تهريب المخدرات، وسُجن منذ حزيران/يونيو 2018.
ومع ذلك استطاع “تبون”، بفضل وعوده الانتخابية التي لاقت إعجاب كثير من الناخبين، أن يستعيد مكانته بين المنافسين، خاصة ما يتعلق بوعود مثل؛ مراجعة الدستور الحالي، وتعديل قانون الانتخابات لإتاحة الفرصة للجيل الجديد بالصعود والسماح للرئيس المنتخب بتجديد ولايته مرة واحدة، وإتباع دبلوماسية اقتصادية مع الدول الخارجية والاهتمام بتحسين صورة “الجزائر” من بوابة الثقافة، إلى جانب إصلاح شامل للقضاء، كما لعب أيضًا على الوتر الذي برع فيه من قبل وحصل بسببه على وسام استحقاق من “بوتفليقة”، عندما كان وزيرًا لقطاع السكن، إذ تعهد بإنهاء أزمة السكن ومراجعة الحد الأدنى للدخل وإعفاء محددوي الدخل من دفع الضرائب، وتضمنت وعوده 54 إلتزامًا، وضعها رجل له باع وخبرة كبيرين في مجال السياسة والتعامل مع الشعب الجزائري.
“تبون” مقابل الحراك !
أُجريت الانتخابات الرئاسية في ظل استمرار الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس، “بوتفليقة”، وحالة الرفض الشعبي لكل ما يتعلق بنظامه، لذا قررت قوى المعارضة مقاطعة الانتخابات، ولم تحظ صناديق الإقتراع بإقبال كبير؛ وجاءت نسبة المشاركة في الداخل 40.14%، بينما لم يشارك سوى 8% من المقيمين في الخارج.
وفي أول خطاب له؛ حاول “تبون” تهدأة الأوضاع والإلتفاف على الثورة؛ إذ وصف الحراك بأنه “مبارك”، وأعلن أنه يمد يده لحوار جاد من أجل مصلحة البلاد، كما وجه التحية للجيش لتعامله بحكمة وحماية الحراك، لكن كلماته لم يكن لها صدى؛ إذ شكك المشاركون في الحراك في نوايا الرئيس الجديد واعتبروه دمية النظام السابق الذي يتحكم في البلاد منذ عقود، وأكدوا أن لا شيء سوف يتغير لأن “تبون” هو رجل النظام و”بوتفليقة” هو من وضعه في منصبه، وتوقعوا أن يسقط مهما طال الأمد، وحتى الآن لا يعرف مدى قدرة “تبون” على التعامل مع الحراك، وإذا ما كان قادرًا على إنهاءه أو الاستجابة لمطالب المشاركين فيه.
“تبون” ابن نظام “بوتفليقة” وليس تكنوقراط..
أشارت الصحيفة الإسبانية إلى أن “تبون” لا يُعد تكنوقراط، فهو ابن “جبهة التحرير الوطني”، الذي كان الحزب الأوحد في الماضي، لكن بعض الناخبين نسيوا أو تغافلوا هذا الجانب من حياة الرئيس الثامن لـ”الجمهورية الجزائرية”.
وتخرج “تبون”، ابن ولاية “النعامة”، في “المدرسة الوطنية للإدارة”، وهي جامعة متخصصة في إعداد الكوادر، وهو ما أهله للصعود إلى أول درجة في السلم الإداري الجزائري الطويل؛ إذ بدأه بالإلتحاق للعمل كمنتدب في إدارة ولاية “الساورة”، وبعد ذلك بخمسة أعوام، أصبح نائب رئيس ولاية “الجلفة”، ثم شغل منصب والي ولاية “أدرار”، وفي عام 1991 عُين وزيرًا منتدبًا للجماعات المحلية، بعدها تولى “وزارة السكن”، في عام 1999، ثم انتقل إلى “وزارة الاتصالات” و”التجارة” و”الثقافة”، لكنه عاد مرة أخرى ليستمر في “وزارة السكن والعمران”، لمدة 7 سنوات، تحت حكم “بوتفليقة”.