تقرأ بعضَ مقالاتٍ تفوح منها رائحة الكآبة , وتزدحم في كلماتها وعباراتها , أعراضها وعلاماتها , ولهذه الكتابات تأثيراتها السلبية على نفوس القراء وتفكيرهم وسلوكهم.
ومن المعروف أن بعضَ الكُتّاب أكثر عرضة للكآبة , خصوصا عندما لا يملكون عملا أو نشاطا سوى الكتابة.
والأسباب التي تساهم في إصابتهم بالكآبة يمكن إجمالها , بالوحدة والإنفراد , والإمعان في الإستبطان , ونقص النشاطات البدنية والرياضية , وإضطراب ساعات العمل والنوم , وسوء التغذية , وقلة التعرض للشمس , والعوامل الإقتصادية , وعدم الإستقرار في العمل , وتناول الكحول والأدوية , والمشاكل العاطفية والتفاعلات الإنفعالية المتوقدة.
ومن الأعراض الواضحة في الكتابات الكئيبة , أن كاتبها يفكر بطريقة الأسود والأبيض , فتراه يميل إلى التطرف في قراءته للأحداث والحالات التي يتصدى لها , ويحاول أن ينفي الألوان الأخرى.
فتراه – على سبيل المثال – يتفاعل مع التأريخ , فيستحضر كل ما هو سلبي ومتفق مع كآبته.
وكما هو معلوم فأن الشخص المكتئب , يستقدم ما يتفق ومزاجه من الذكريات , فلا يبصر من التأريخ إلا السيئات , ويحاول أن يراكمها ليبرر نظرته الإكتئابية للتأريخ.
كما أن لليأس علاقة فاعلة وواضحة التأثير في كتاباتهم , فلا تجد فيما يكتبونه بصيص أمل أو قطرة رجاء , وإنما هي الظلماء والتداعيات في آبار الهلاك , والغياب المرير في عواصف المأساة.
وتقرأ ما يشير إلى النقمة والغضب والإقامة في مستنقع الأحزان , وكأن الكلمات تبكي والعبارات تلطم.
هذه بعض الملامح البارزة , للكتابات الكئيبة التي تزدحم بها أحيانا مواقعنا وصحفنا , مما يؤثر على إدراك ومشاعر القارئ , ويخلق حالة إجتماعية ذات مواصفات سلبية , تساهم في تأكيد تفاعلاتها , التي قد تتفاقم وتصبح تفاعلات إنتحارية ذات تداعيات مروعة.
ولابد من وعي الآثار الوخيمة للكآبة على الكتابة , وأن يواجه الكاتب الكئيب نفسه , ويسعى إلى تحريرها من قيود السوداوية , وأسر الرؤية القاتمة , التي تؤذيه وتتسبب بأضرار نفسية وفكرية وسلوكية للآخرين.