مرور أكثر من قرن على ولادة اول محامية عراقية
عندما أُسست نقابة المحامين سنة 1933 اقتصر الانتماء اليها على المحامين من الرجال لعدم وجود امرأة عراقية من خريجات كلية الحقوق منذ تأسيس مدرسة حقوق بغداد سنة 1908 الى ذلك التاريخ.
الّا انه بعد مرور عشر سنوات على تأسيس النقابة سنة 1943 انتمت اول عراقية اليها، لتكون المحامية الأولى في العراق.
تعد السيدة (امينة الرحال) أول امرأة مارست مهنة المحاماة في العراق.
ولدت السيدة (أمينة الرحال) في 23/4/1915 وهي من أسرة متنورة كان والدها(علي صائب الرحال) ضابطاً في الجيش العثماني برتبة (قائممقام) وتولى منصب مدير المدرسة الحربية في إسطنبول، ثم أصبح فيما بعد (قائمقاماً مدنياً) لعدد من المحافظات، وهو من أصل عربي من محافظة الانبار، وهي شقيقة الاديب (حسين الرحال) المفكر السياسي المعروف، وهي كذلك ابنة عم الفنان (خالد الرحال) النحات العراقي، وزوجة التربوي (عوني بكر صدقي( صاحب المؤلفات الكثيرة.
نشأت في بيئة كانت التقاليد الاجتماعية والدينية فيها تحرم على المرأة اي اختلاط بالرجل او مجرد الخروج الى الشارع لوحدها والاتصال بالآخرين،
في هذه التقاليد برزت (أمينة الرحال) وكانت أول أمرة عراقية تخلت عن الحجاب، في العقد الثالث من القرن الماضي، وبخطوتها الجريئة فتحت باب التحدي لنساء جيلها وصرن يقلدنها شيئاً فشيئاً،
اكملت دراستها الاولية في بغداد وبعد أن أكملت دراستها في دار المعلمات عينت معلمة في 1/10/1931.
عُدت (أمينة الرحال) من رائدات العمل التطوعي في العراق، حيث سافرت وهي طالبة في دار المعلمات، كرئيسة لوفد المرأة العراقية، الى المؤتمر النسائي الشرقي المنعقد في دمشق في تموز من عام 1930.
ولقد تميزت السيدة (أمينة الرحال) بانغماسها في العمل السياسي وهي طالبة في دار المعلمات، واهتمامها بالعمل الديمقراطي والجماهيري.
فقد اصبحت عضواً في جمعية المرأة العراقية المناهضة للفاشية والنازية ثم انتخبت عضوا في هيأتها الإدارية.
استقالت (أمينة الرحال) من التعليم في 1/10/1939 لتدخل كلية الحقوق في 6/11/1939.
وبعد تخرجها في 1/6/1943 انتمت الى نقابة المحامين في 12/6/1943.
مارست المحاماة لمدة سنتين، ثم اعيد تعيينها في وزارة المعارف(التربية) مديرة لمتوسطة العمارة للبنات بتاريخ 1/9/1945.
وبعد ثورة 14 تموز سنة 1958 عينت (مشرفة تربوية) واستمرت في العمل في وزارة المعارف لغاية 28/8/1963 حين فصلت لأسباب سياسية.
اعيد انتماؤها الى نقابة المحامين في 16/1/1946 واستمرت بالمحاماة لغاية احالتها على التقاعد لأسباب صحية في 19/3/1973
كانت (أمينة الرحال) قد حصلت سنة 1936 عندما كانت في السابعة عشرة من العمر على لقب (السائقة المثالية) لأنها أول امرأة استطاعت أن تسوق سيارتها الخاصة الإنجليزية الصنع من نوع (بيبي فورد) في شوارع بغداد بعد حصولها على إجازة السوق.
وفي مقابلة صحفية لها قالت” إنها عندما كنت أسوق سيارتي في شوارع بغداد كان بعض سكان بغداد لا يصدقون ما يروه وأنا امر أمامهم بسيارتي سافرة الرأس، فيصابون بالذهول والدهشة والاستغراب، وبخاصة الأطفال الذين كانوا يصفقون لي في مداعبة طريفة لا تخلو من شغب طفولي بريء، ويصادف أن بعض رجال المرور يؤدون لي التحية اعتقادا منهم بأني موظفة اجنبية وبمنصب كبير في السلك الدبلوماسي”.
ولكن البعض الآخر بارك لها تلك الخطوة الجريئة والتي اعتبروها انتصاراً للمرأة العراقية الواعية.
وقد حصلت (أمينة الرحال) على تكريم مديرية المرور العامة قبل عدة سنوات وذلك لسياقتها سيارتها لأكثر من نصف قرن دون أن ترتكب أي مخالفة.
انتقلت الى رحمة الله في 15/2/2002.