16 نوفمبر، 2024 7:26 ص
Search
Close this search box.

الثورة السودانية .. بين شبح الديكتاتورية العسكرية وحلم الديمقراطية !

الثورة السودانية .. بين شبح الديكتاتورية العسكرية وحلم الديمقراطية !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

يرى كثير من الكُتاب والمحللين الإستراتيجيين أنه حتى لو كانت “الثورة السودانية”، التي اندلعت في تموز/يوليو الماضي، تسير ببطء، إلا أنها تحقق نجاحات في مشوار التحول نحو الديمقراطية؛ وهو بالطبع مشوار طويل يحتاج إلى كثير من التحمل والصبر.

فيكفي أن “السودان” – لو واصل قطف ثمار الثورة – فلن يشهد بعد الآن انقلابات عسكرية، ولن يعاني من العنف والفوضى بل سينعم  بالديمقراطية والتنمية والاستقرار.

على أبواب عهد جديد !

في مقال نشره موقع (منتدى الفكر الإقليمي) في “إسرائيل”، يقول الكاتب، “إيتي ملآخ”، إن “السودان” قد بدأ عصرًا جديدًا، منذ أوائل تموز/يوليو 2019.

وقبل هذا التاريخ؛ وتحديدًا، في نيسان/إبريل من العام الجاري، تمت الإطاحة برئيس النظام العسكري الحاكم، “عمر البشير”، بعد الاحتجاجات الشعبية التي طالبت بإقامة نظام ديمقراطي ومراعاة الحقوق المدنية. وبعد ذلك مباشرة، بدأت المفاوضات بين قيادات المتظاهرين والمجلس العسكري المؤقت، الذي تولى الحكم بعد “البشير”، لكن تلك المفاوضات توقفت بعدما أصدر المجلس العسكري أوامره بإطلاق النار على المتظاهرين بالعاصمة، “الخرطوم”، في حزيران/يونيو الماضي، مما أدى إلى مقتل وإصابة مئات المدنيين.

إصدار الوثيقة الدستورية..

يضيف الكاتب الإسرائيلي؛ أنه مع بداية شهر تموز/يوليو 2019، توصل أهم فصيل معارض، وهو تحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير”، إلى اتفاق مع “المجلس العسكري” بشأن إدارة المرحلة الانتقالية للتحول من الدكتاتورية العسكرية إلى الديمقراطية.

وتمت صياغة الاتفاق ضمن وثيقة دستورية نصَّت على تشكيل “مجلس سيادي”، يتكون من ممثلين عن الجيش والمتظاهرين. وفي 21 من آب/أغسطس 2019، أدى أعضاء “المجلس السيادي” اليمين الدستورية  في “الخرطوم”.

تحديات عديدة..

غير أن هناك؛ بحسب الكاتب، تحديات عديدة تواجه تطبيق الاتفاق وتهدد مسار الديمقراطية في “السودان”. وتناول الكاتب بنود الوثيقة الدستورية، التي هي سارية لأكثر من ثلاث سنوات؛ وتتعلق بتشكيل “مجلس سيادي” مكون من خمسة أفراد عسكريين، وخمسة أعضاء من قوى إعلان الحرية والتغيير، إضافة إلى شخصية أخرة أسماها “شخصية وطنية”.

فيما يتولى رئاسة المجلس أولاً، الجنرال “عبدالفتاح البرهان”، قائد المجلس العسكري المؤقت، وبعد عام وتسعة أشهر ستخلُفه شخصية مدنية. وسيحتفظ المجلس بسلطات تشريعية وأمنية وتفاوضية مع التنظيمات المسلحة في البلاد وغير ذلك. ووفقًا للوثيقة الدستورية تم تعيين رئيس وزراء جديد، وهو الخبير الاقتصادي السوداني، “عبدالله حمدوك”.

كما نصت الوثيقة الدستورية – إلى جانب تشكيل الحكومة – على تعيين “مجلس تشريعي” لـ”السودان”، يضمن لتحالف “قوى إعلان الحرية والتغيير” حرية اختيار ثلثي أعضائه، ويضمن لباقي فصائل الاحتجاج  الحق في تعيين الثلث الآخر.

كذلك نصت الوثيقة على تشكيل لجنة للتحقيق في حوادث إطلاق النار، في حزيران/يونيو 2019. وتتناول الوثيقة الدستورية أيضًا القضايا التي ستعالجها المؤسسات الانتقالية، بما في ذلك السياسة التي ستحقق السلام في مناطق “دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان”. وتدعو الوثيقة دول العالم لتقديم الدعم لـ”السودان”، لا سيما على المستوى الاقتصادي.

مخاوف من عودة الجيش لإختطاف السلطة..

أشار الكاتب الإسرائيلي إلى أنه رغم الجوانب الإيجابية في الوثيقة الدستورية، إلا أن بعض المحللين يعتقدون أن التيار المدني كان مخطئًا عندما سمح للجيش بتولي رئاسة “المجلس السيادي” في أشهره الأولى، التي تمثل أهم فترة، من حيث إحلال التغييرات الجذرية.

موضحًا أن هناك مخاوف أيضًا من إمكانية قيام الجيش، في ظل الظروف الحالية، بإختطاف زمام الحكم مرة أخرى. ولذا تكمن الأهمية القصوى للعضو الحادي عشر في “المجلس السيادي”، أي تلك “الشخصية الوطنية” المذكور أعلاه، والتي ستكون بمثابة رمانة الميزان بين التيارين المدني والعسكري.

الاقتصاد هو المحك !

يرى الكاتب أن التحدي الأكبر الذي يواجه الحكومة الحالية هو التحدي الاقتصادي، حيث سيكون له أثر كبير على مستقبل نظام الحكم في “السودان”. لأن الحياة المعيشية للمواطنين في مجالات مثل “التعليم والصحة والبنية التحتية”، هي التي ستشكل الرأي العام في “السودان”؛ فيما يتعلق بأداء الحكومة الانتقالية، وإذا لم يطرأ تحسن ملموس في الحياة المعيشية للمواطن السوداني، فسوف تتراجع ثقة الشعب في نظام الحكم المدني.

تفاؤل حذر !

وختامًا يرى الكاتب الإسرائيلي أن هناك حالة من التفاؤل الحذر لدى المراقبين، لأن “الثورة السودانية” – التي تمكنت من الحفاظ على طابعها السلمي وحظيت بالدعم الدولي – قد حققت هدفها الأول المتمثل في إرساء المرحلة الانتقالية، تمهيدًا لإقامة نظام حكم ديمقراطي وإقرار الحقوق المدنية.

وعلى الرغم من المخاطر والتحديات الحالية، إلا أنه إذا واصل السودانيون جني ثمار الثورة، فلن تشهد البلاد انقلابات عسكرية ولا أحداث عنف ولا فوضى، بل سيقوم نظام ديمقراطي عنوانه الاستقرار والتنمية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة