22 ديسمبر، 2024 3:40 م

بعد صعود غونسون .. الطريق معبد نحو “بريكست” .. فهل يستطيع الخروج في الموعد المحدد ؟

بعد صعود غونسون .. الطريق معبد نحو “بريكست” .. فهل يستطيع الخروج في الموعد المحدد ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في أقل من خمسة أعوام، شهدت “بريطانيا” ثالث انتخابات عامة؛ إلا أنها مختلفة عن سابقاتها، بعد أن قرر البريطانيون القطيعة مع التردد الذي طغى على نظرتهم لملف الخروج من “الاتحاد الأوروبي”، مانحين تفويضًا مطلقًا لـ”حزب المحافظين” بزعامة، “بوريس غونسون”، للاستعجال بإتمام إجراءات الطلاق بين “بريطانيا” و”الاتحاد الأوروبي”، بعدما ضاقوا ذرعًا بثلاثة أعوام من الجدال السياسي حول (بريكست) بلا حل في الأفق.

واكتسح “المحافظون” بأغلبية ساحقة، “البرلمان البريطاني”، بشكل لم يسبقه نظير منذ عهد المرأة الحديدية، “مارغريت تاتشر”، لدرجة أنهم كسبوا دوائر كانت دائمًا معقلًا لـ”حزب العمال”. فحصدوا بذلك 365 مقعدًا من أصل 650 مقعدًا، التي تعادل نسبة 43.6 في المئة، بزيادة 68 مقعدًا عن انتخابات 2017، مسجلين بهذا أفضل نتيجة انتخابية للحزب منذ 1987.

فيما تراجع “حزب العمال” بقيادة، “غيريمي كوربين”، بشكل لافت، فقد خسر 42 مقعدًا، عقب حصوله على 203 مقاعد فقط داخل “مجلس العموم”. كما تراجع تمثيل الديمقراطيين الليبراليين إلى 11 مقعدًا من أصل 21. في المقابل رفع “القوميون الأسكتلنديون” تمثيلهم في البرلمان إلى 48 مقعدًا، بزيادة 13 مقعدًا.

البدء بمرحلة العلاج..

وبعد إعلان النتيجة بيوم، دعا “غونسون” إلى بدء مرحلة العلاج من عدم اليقين والفوضى التي تسبب بها استفتاء خروج “بريطانيا” من “الاتحاد الأوروبي”، (بريكست).

وأكد “غونسون”، الذي جعل من (بريكست) قضيته الأساسية في حملته الانتخابية، أن النواب البريطانيين سوف يصوتون قبل أعياد الميلاد، (الكريسماس)، على اتفاق خروج “بريطانيا” من التكتل الأوروبي.

ومنذ الاستفتاء، أحدث (بريكست) انقسامًا في “المملكة المتحدة”، وأثار بحثًا عن الذات في كل شيء، بدءًا من الانفصال والهجرة الوافدة، وإنتهاءً بالرأسمالية والإمبراطورية البريطانية الحديثة.

ودعا “غونسون” إلى بدء مرحلة العلاج. وقال، يوم الجمعة الماضي، من أمام مقر إقامته، في “10 داوننغ ستريت”: “إنني بصراحة أطالب الجميع بإغلاق الصفحة وإفساح المجال للعلاج”.

وكان قد طلب من الناخب البريطاني إعطاءه تخويلاً برلمانيًا من أجل الوفاء بوعده وإتمام الطلاق مع “بروكسل”.

الانسحاب من التكتل في 31 كانون ثان..

كما قال “مايكل غوف”، الوزير البريطاني المسؤول عن الاستعدادات للخروج من “الاتحاد الأوروبي”: إن أولوية حكومة رئيس الوزراء، “بوريس غونسون”، هي الانسحاب من التكتل، في 31 كانون ثان/يناير 2020، بعد أن عاد “حزب المحافظين” للحكم بأغلبية كبيرة حصل عليها في انتخابات مبكرة.

وأضاف “غوف”، لتليفزيون (سكاي)؛ أن البرلمان ستسنح له الفرصة للتصويت على مشروع قانون الانسحاب من “الاتحاد الأوروبي” في وقت قصير نسبيًا، وقال إن الأولوية الأساسية للحكومة في الداخل ستكون دعم خدمات “قطاع الصحة العامة”.

وجاءت تصريحاته بعدما قال الكثير من السياسيين والمحللين إن من المستبعد بشكل كبير أن تحقق “بريطانيا” هدفها بالتوصل لاتفاق تجاري، في 11 شهرًا فقط، بعد خروجها المزمع من “الاتحاد الأوروبي”، (بريكست)، في 31 كانون ثان/يناير المقبل.

وقال “غوف” إن: “الكثير من التفاصيل التي نحن في حاجة إليها؛ موجودة بالفعل في الإعلان السياسي لـ (البريكست)، لذا فالكثير من العمل قد تم إنجازه”.

وأضاف أنه: “وكما أشار عدد من الناس، هناك مجالات تتفق فيها عن كثب وبالفعل مصالح الاتحاد الأوروبي ومصالح المملكة المتحدة”.

وقال: “لذا أنا واثق أنه سيكون في مقدورنا عدم الرحيل فحسب من الاتحاد الأوروبي، في 31 كانون ثان/يناير، بل وإستكمال كل التفاصيل لشراكة جديدة في وقت أقصر”.

لا يمكن الخروج بالإطار الزمني الخاص بـ”غونسون”..

فيما أعترف “ميشيل بارنييه”، كبير المفاوضين في “الاتّحاد الأوروبي”، في لقاءٍ خاصّ؛ بأنه لا يمكن الإنتهاء من المفاوضات التجارية المتعلّقة بخروج “بريطانيا” من “الاتّحاد الأوروبي”، ضمن الإطار الزمني الذي طالب به رئيس الوزراء البريطاني، “بوريس غونسون”.

واعتبرت صحيفة (الإندبندنت) البريطانية؛ أن هذا الإعتراف يتناقض مع تعهدات رئيس الوزراء بـ”إنجاز الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي”.

وفي تسجيل تم تسريبه وحصلت عليه (إندبندنت)، أطلع “ميشيل بارنييه” اجتماعًا خاصًا أن الجدول الزمني لـ”المملكة المتحدة”، الذي حدّد 11 شهرًا لإنهاء المحادثات التجارية بحلول السنة 2021، هو “غير واقعي”، مشيرًا إلى أن المفاوضات ستستمر لوقتٍ طويل بعد نهاية السنة المقبلة.

وأضاف “بارنييه”، في حديثه خلال اجتماع مغلق مع مجموعة من كبار الأعضاء في “البرلمان الأوروبي”، في “بروكسل”، هذا الأسبوع: “في ما يتعلق بهذا الاتفاق، لن ننجز كلّ شيء خلال 11 شهرًا. سنفعل كلّ ما في وسعنا، لكننا لن نتمكّن من الإنتهاء من كلّ شيء”.

تعيين وزراء جدد..

إلى هذا؛ أوردت وكالة أنباء (بلومبرغ) الأميركية، أن “غونسون” سيعين رئيس الوزراء البريطاني وزراء جددًا في حكومته، اليوم الإثنين.

وأوردت الوكالة أن رئيس الوزراء يتمتع الآن بالسلطة اللازمة لفرض رؤيته للخروج من “الاتحاد الأوروبي” وإعادة تشكيل الاقتصاد البريطاني، بعد أكبر فوز لحزبه المحافظ، منذ عهد “مارغريت تاتشر”، قبل 32 عامًا.

ويحتاج “غونسون” لشغل مناصب وزراء “الثقافة، وويلز، والبيئة”، والتي أصبحت شاغرة بعدما تركت “نيكي مورغان”، السياسة، و”أجبر ألون كيرنز”، على الاستقالة، وخسر “زاك غولد سميث”، مقعده، وستكون مهمته التالية هي إكمال خروج “المملكة المتحدة” من “الاتحاد الأوروبي”، بحلول نهاية كانون ثان/يناير المقبل.

وأشارت الوكالة الأميركية إلى أنه بعد ثلاث سنوات من الفوضى، التي أعقبت تصويت عام 2016؛ للخروج من “الاتحاد الأوروبي”، أعاد “غونسون” رسم خريطة “المملكة المتحدة” الانتخابية بفوز مدو على “حزب العمال”، في انتخابات 12 كانون أول/ديسمبر الجاري، وهو الآن يتمتع بأغلبية برلمانية كبيرة، وأصبح سيد المشهد السياسي في “لندن”.

الاتحاد الأوروبي مستعد للتفاوض..

ومع فوز “بوريس غونسون” الساحق في الانتخابات التشريعية، بات “الاتحاد الأوروبي” مستعد للتفاوض بعد تطبيق (بريكست) بشأن علاقته الجديدة مع “بريطانيا” محذرًا من أي “منافسة” غير نزيهة.

وقال رئيس المجلس الأوروبي، “شارل ميشال”، في ختام قمة في “بروكسل” الأخيرة: “من غير الوارد ختم المفاوضات بأي ثمن. يمكننا ختمها عندما نعتبر أن النتائج متوازنة”.

واستقبل الأوروبيون نبأ فوز “غونسون” بإرتياح؛ لأنه يعني أن (بريكست) سيتم في الموعد المحدد.

لكن الوقت بات داهمًا بالنسبة لـ”الندن” و”بروكسل”؛ إذ لم يُعد هناك سوى بضعة أشهر للتوصل إلى اتفاق بحلول 2020.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية، “أورسولا فون دير لاين”، إن فترة التفاوض “طموحة جدًا”.

وأضافت: “11 شهرًا فترة قصيرة”؛ بين الأول من شباط/فبراير و31 كانون أول/ديسمبر 2020.

وحذرت المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”: “سيكون لدينا منافس على أبوابنا”، بعد (بريكست)؛ ما قد “يدفع” الأوروبيين “إلى إتخاذ قرارات بوتيرة أسرع”.

وأعلن الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”: “لا يجب على بريطانيا أن تصبح منافسًا غير نزيه”.

وفي المفاوضات سيحرص الأوروبيون على أن تضمن العلاقة المقبلة قواعد لعبة منصفة.

وهذا ما ذكر به القادة الأوروبيون الـ 27، الجمعة، في استنتاجاتهم حول (بريكست): هذه العلاقة التي سيتفاوض بشأنها المفاوض الحالي لـ”الاتحاد الأوروبي” حول (بريكست)، “ميشال بارنييه”؛ “يجب أن تقوم على توازن الحقوق والواجبات”.

وشددوا على دعمهم لـ”خروج منظم” لبريطانيا “على أساس الاتفاق”، الذي أبرمه “غونسون” خلال القمة السابقة، في تشرين أول/أكتوبر الماضي.

وقال “ماكرون”: “حان وقت الوضوح” بعد أشهر من المماطلة حول (بريكست)، منذ استفتاء حزيران/يونيو 2017.

وأضاف: “أتمنى أن يصادق البرلمان البريطاني على اتفاق (بريكست) في أسرع وقت ممكن”.

بريكست” دون عوائق..

وحول هذا الموضوع؛ قال الكاتب الصحافي والمحلل السياسي، “محمد أبوالعينين”، إن: “بوريس غونسون بات بإمكانه الآن أن ينفذ عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي دون أية عوائق، بعد حصوله على الأغلبية البرلمانية، التي تمكنه من تمرير التشريعات التي تسمح له بتحقيق ذلك، وتنفيذ وعوده الانتخابية، خاصة فيما يتعلق بمسألة (البريكست)، وعليه ربما يقدم غونسون، الجمعة القادمة، القانون الخاص بهذه المسألة”.

تحديات أمام بريطانيا..

وحول التحديات التي ستواجه “بريطانيا”، بعد هذه الخطوة، أشار “أبوالعينين” إلى أنه ربما تؤثر على المستوى البعيد والمتوسط لما لها من تحديات متمثلة في تماسك “الاتحاد الأوروبي” من عدمه، وتماسك “المملكة المتحدة” في نهاية المطاف، لحصول أغلبية مقابلة لـ”الحزب الوطني الأسكتلندي”، للانفصال عن “بريطانيا”، وفق ما أعلنته رئيسة الحزب، وأيضًا هناك تصاعد للوطنيين الأيرلنديين، في مواجهة الديمقراطيين للخروج أيضًا من عباءة “المملكة المتحدة”.

لازال يشكل الكتلة الأكبر..

من جانبه؛ قال المنسق العام للمجموعة العربية بحزب العمال، “عمر إسماعيل”: “إن المعارضة في أي نظام ديمقراطي لها العديد من الأدوار، منها المراجعة والمحاسبة وسن القوانين، ومما لا شك فيه أن حزب العمال لا يزال يشكل الكتلة الأكبر من المعارضة في مجلس النواب البريطاني، ولكنه في موقف ضعيف نظرًا لقلة عدد أعضائه داخل البرلمان، كما أن الحزب سيدخل في مرحلة اختيار رئيس جديد”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة