عندما إنطلقت قناة الجزيرة عام ١٩٩٦ لم أستطع إيقاف تدفق الدموع من عيني فرحا كنت أيامها شابا مندفعا يملأني الحماس فلطالما كنت متشوقا ومتحمسا لموقف أو خطوة عربية جريئة تكسر الحاجز الذي وضعنا فيه والذي دائما ماكان يصنفنا على أننا دول متأخرة ومتخلفة ،،
انطلقت قناة الجزيرة وبسرعة البرق أصبحت بالصدارة ولم يعد بإمكان الإعلام العربي اللحاق بها
في ذلك الوقت كنت اعتقد ان بداية جديدة لعهد عربي جديد قد بدأ وأن أول حاجز تم تخطيه بنجاح
وبدأت الأحلام تتدفق وتعيش في رأسي فمادمنا قد نجحنا في الإعلام فسننجح في الصناعة والزراعة والإقتصاد والرياضة والفن والعلوم والسياسة والقوة العسكرية وووووو وأفكار لها أول وليس لها آخر
وكل واحدة من هذه الأفكار كانت كل تفاصيله تدور في رأسي
وقتها قلت في نفسي – انه العصر الذي لطالما حلمت به –
وأكثر شيء أثارني وزاد من حماسي هو إدعاء القناة انها لاتتبع سياسة الدولة القائمة عليها
لم أعر اهتماما لعدم انتقادها الشأن الداخلي القطري رغم انها انتقدت كل الدول العربية بلا استثناء واعتقدت انه ليس في قطر أحداث عربية تستحق تسليط الأضواء عليها
كنت أرى في كل اعلامي يعمل في قناة الجزيرة فارسا مغوارا عربيا قوميا يحمل هموم الأمة
دارت عجلة الأيام وبدأت القناة تقطف ثمار عملها وبدأت الثورات العربية
الشعب العربي يثور
الشعب العربي حي
الشعب العربي يستعيد هيبته
هكذا كنت اتصور
كانت نشوة الإنتصار والأمل تملأ كل جوارحي
قناة الجزيرة أصبحت رمزا للتحرر العربي ورمزا للتقدم ورمزا للبطولة
كانت هناك أصوات تهاجم أو تنتقد القناة بل واحيانا تتهمها بالعمالة هنا وهناك ،، لم اعر أي اهتمام لهذه الأصوات
إنهم أعداء النجاح والمتخاذلين والمنبطحين والرجعيين
كنت مولعا لدرجة الهوس بمتابعة القناة مادمت مستيقظا ولامجال لقناة أخرى في حياتي
وحصل مالم يكن في الحسبان
قامت القناة بتغطية مباشرة لأحداث مايسمى بقضية خاشقجي ،، انها قضية انسانية وكلنا نتعاطف معها ولابأس من أن تقوم القناة بتغطية الموضوع
وهذا ماتصورته في البداية لكن الأمور بدأت تأخذ منحى آخر
لم يعد الأمر تغطية إخبارية
لم يعد الأمر محايدا
لم يعد الأمر عفويا
أصبحت هجمة منظمة ،، وضد من ،، ضد بلد عربي كبير ،، المملكة العربية السعودية ،،
لم يعد هدف القناة اعلامي بل أصبح مؤامرة
ماذا دهاكم يا قناة الجزيرة
مالذي حصل
لماذا تصبوا الزيت على النار
صارعت نفسي
هل هذه هي القناة القومية العربية التي لطالما تفاخرت بها
ان استهدافها للمملكة العربية السعودية نظاما وشعبا وأرضا أصبح كارثة
ثم ماهذا التنسيق الكبير بين القناة وقنوات اخرى ومواقع وصحف وكتاب ومحللين
تنسيق لم يحصل في أي وقت سابق
كل هذه المؤسسات الإعلامية والسياسية شنت اكبر هجمة اعلامية في تاريخ الكرة الأرضية ضد السعودية
شيء آخر لم أنتبه له طوال متابعتي للقناة ولسنوات عديدة وهو التنسيق الغريب والعجيب بينهم وبين الإخوان المسلمين
ياالهي
هل ما أراه وأسمعه حقيقة
قناة الجزيرة الليبرالية يتضح انها اخوانية
لم أصعق بحياتي كهذه الصعقة
عشت زمنا في ذهول
واتسائل مابال هؤلاء الأبطال الأشاوش مذيعي ومقدمي القناة
هل هم جزءا من هذه المؤامرة ام انهم مغلوب على أمرهم
اسئلة كثيرة تدور وتدور في رأسي
ربما يسأل البعض لماذا تثير هذا الموضوع اليوم وقد مضى عليه وقت من الزمن
ان مادعاني الى الكتابة اليوم هو موقف القناة من الأحداث الجارية في العراق تحديدا
تخيلوا لو ان هذا الأمر كان قدحصل في مصر او الاردن او أي بلد غير اخواني او غير موالي لإيران كيف كانت ستغطية قناة الجزيرة
اخيرا أقول للقناة
لقد أضعت اكثر من ٢٠ سنة من عمري وأنا مخدوع بشعاراتكم ولن أضيع لحظة أخرى