3 نوفمبر، 2024 12:35 ص
Search
Close this search box.

فتش عن راية القاعدة بين المتظاهرين!

فتش عن راية القاعدة بين المتظاهرين!

كلما حدثت فوضى أو صدام بين الدولة وتيار الإسلام السياسي يحدث أمر يبدو متشابه في دول كثيرة وهو, ظهور راية تنظيم القاعدة السوداء بين المتظاهرين وتعالي أصوات الأناشيد الجهادية مع قلة ظهور وإختفاء الأعلام والأناشيد الوطنية. حدث هذا في العراق مع إنتفاضة أبناء المناطق الغربية, وفي سوريا مع اندلاع ثورتها ضد النظام وفي ليبيا وتونس واليمن وأخيرا ً في مصر بين متظاهري رابعة العدوية. الغريب في الأمر أن تلك الظاهرة تختفي بعد عدة أيام لتعود الأعلام والأناشيد الوطنية بين المتظاهرين لترتدي تلك المظاهرات حلة جديدة تختلف عن سابقاتها. إلى ما تدل تلك الظاهرة وكيف يمكن قراءة الواقع الذي تنتمي إليه؟
نعم, هناك عدة دلالات لتلك الظاهرة أولها أن طيف الإسلام السياسي متنوع ومختلف بين الراديكالية والاعتدال. فعندما يحدث أي صدام بين تيار الإسلام السياسي ومؤسسات الدولة يطفوا إلى السطح أكثرها راديكالية وتشددا ً بإعتباره أقصى حالات التمرد على تلك المؤسسات ليتصدر قادتها المشهد محاولين أخذ زمام الأمور وقيادة الجماهير نحو الصدام. ثانيها هي محاولة المعتدلين الاستفادة من الراديكاليين, ولو لبرهة, من أجل إبراز أنهم ينطلقون من مصدر قوة بوجود المتشددين الذين يؤمنون بالعنف من أجل الوصول إلى الهدف المنشود وأنهم الوحيدون القادرون على كبحهم وترويضهم حيث يختفي الصوت المتشدد بعد بضعة أيام بعد سيطرة المعتدلين على ساحات التمرد والاعتصام, أي بعد وصول الرسالة, والدخول في المفاوضات السياسية التي تتطلب أن يختفي المتشددون تحت السطح, أي أن هناك حاضنات من المعتدلين لأكثر الجماعات راديكالية فتجاملها من أجل الحصول على مكاسب سياسية بحتة. ثالثها تماهي الخطاب الوطني والأقليمي بين المتظاهرين مما يعطي صورة مشوشة عن الخلفيات الأيدلوجية لتلك الكتلة البشرية. رابعها أن فشل النظام السياسي بدمج تيار الإسلام السياسي يوفر فرصة للراديكاليين للظهور في المشهد السياسي مما يوفر حاضنة خصبة لنمو هذا التيار المتطرف ويهيئه للدخول في نزاع مسلح مع مؤسسات الدولة.
هناك جانبان يجب مناقشتهما, الأول يتعلق بالدولة ومؤسساتها والثاني بتيار الإسلام السياسي. أما الأول وهو أن أي تهميش, سياسي أو اقتصادي أو اجتماعي, لأي جهة سياسية أو فئة اجتماعية يفتح بابا ً للتطرف والعنف. أن هناك الكثير ممن ينتمي للجماعات الراديكالية المتشددة لأنه ليس مهمشا ً سياسيا ً فحسب بل اقتصاديا ً حيث تدفع الفاقة الكثير من الشباب العاطلين عن العمل إلى الانخراط في الجماعات المسلحة المدعومة دوليا ً, أو مهمشا ً اجتماعيا ً بحكم إنتمائه لفئة أو طائفة معينة. وعلى هذا الأساس يكون السؤال: هل بذلت مؤسسات الدولة جهدا ً لاحتواء أي حالة من حالات التمرد بالتنمية الاقتصادية للبلد وذلك بتوفير فرص العمل للشباب والتركيز على الاندماج الاجتماعي إضافة إلى الحوار السياسي القائم على قاعدة مشتركة وهي الديمقراطية؟ ولكن, ماذا سنفعل لمن لايؤمن بالديمقراطية أو يؤمن بها فقط كوسيلة للوصول إلى السلطة؟ نعم, هذا هو الجانب الثاني الذي يجب مناقشته!
لابد من الأشارة أن تيار الإسلام السياسي لايؤمن بالديمقراطية إلا كوسيلة للوصول للسلطة, فهو يؤمن بالديمقراطية فقط كآلية وليس كثقافة, لذلك يرفض هذا التيار أغلب مفردات الديمقراطية عدا فكرة صناديق الاقتراع وفكرة الليبرالية الاقتصادية. نعم, فهم لايؤمنون بالتعددية, قبول الآخر المختلف باللون والجنس والإثنية, الحرية وبالخصوص حرية العقيدة وحرية التعبير, المساواة بين الرجل والمرأة, أو فكرة العلمانية. كل تلك المفاهيم لاوجود لها في قاموس الإسلام السياسي. إذن, السؤال الثاني: هل راجع مفكرو الإسلام السياسي التراث لتأسيس موقف جديد من الديمقراطية وحاضنتها العلمانية وذلك لتهيئة قاعدة مشتركة للإندماج في مؤسسات الدولة والدخول في حوار معها لعزل التيارات الراديكالية التي لاتؤمن بالديمقراطية؟ لابد أيضا ً من شجب وإدانة العنف والإرهاب بإسم الإسلام وإستخدامه كطريقة للوصول إلى السلطة وبهذا, سيقطع الإسلام السياسي المعتدل الطريق على التيارات الراديكالية, بالخصوص تلك التي تحمل اجندات اقليمية وتكفر المجتمع, بتهميشها وتقزيمها وفضحها قبل أن تركب الموجة مستغلة عواطف البسطاء والمهمشين من الجماهير.
أذن, فتش عن راية القاعدة ستجد أنها تظهر في كل صدام بين تيارات الإسلام السياسي ومؤسسات الدولة حيث يختفي من الساحة كل شيئ وطني لتبرز بدله اجندات اقليمية بأعلام وأناشيد وهيئة ما أنزل الله بها من سلطان يستغلون عواطف الناس بإسم الإسلام ويستخدمهم الإسلام السياسي المعتدل على أمل إسكاتهم بعد الوصول إلى السلطة, ولكن, لايعلمون بأنهم قد رهنوا مستقبلهم السياسي بفئة لاتؤمن إلا بالعنف, فالحفاظ على الوسطية أصعب من الوقوع بالراديكالية والتطرف الذي يستخدم أسهل الطرق وهو العنف, العنف وحده!
[email protected]

أحدث المقالات