خاص : كتبت – نشوى الحفني :
ردًا على الاتفاقات التركية مع “حكومة الوفاق” الليبية، بدأ المشير، “خليفة حفتر”، عملية عسكرية تحت مسمى “التقدم نحو قلب طرابلس”، حيث أفادت قناة (ليبيا)، الموالية للجيش الليبي، بتقدم الوحدات العسكرية في كافة محاور العاصمة، “طرابلس”، تنفيذًا لأوامر القيادة العامة، في حين أشارت وسائل إعلام موالية لـ”حكومة الوفاق” الليبية بوقوع اشتباكات عنيفة بـ”عين زارة” في ضواحي “طرابلس”.
إعلان “حفتر” جاء في خطاب تليفزيوني تعهد فيه: بـ”منح المسلحين في طرابلس الأمان مقابل إلقاء السلاح”، كما أوصى، قوات الجيش، باحترام حرمات البيوت، وموكدًا على أن: “الجيش الليبي منتصر لا محالة في معركة طرابلس”.
كما اعتبر أن طرابلس “أصبحت وكرًا للمجرمين يستضعفون فيها الأهالي بقوة السلاح … منذ صارت مؤسسات الدولة فيها أداتهم لنهب ثروات الليبيين جهارًا نهارًا وعلى رؤوس الأشهاد، ومنذ تنصيب العملاء من الخونة الطامعين لينفذوا أوامر أسيادهم، ليضيع الوطن وهم أذلاء صاغرون”، حسب تعبيره.
ويأتي إعلان “حفتر” في وقت تشهد فيه مناطق جنوب وجنوب شرق البحر الأبيض المتوسط أوضاع متوترة، بعد إعلان “تركيا” توقيع اتفاقية مع “حكومة الوفاق” الليبية، في “طرابلس”، وبعد ساعات على تقديم “أنقرة” طلب إلى “الأمم المتحدة” لتسجيل مذكرة التفاهم الموقعة مع حكومة “السراج”؛ حول ترسيم مناطق النفوذ البحري في شرق المتوسط، رغم من اعتراض “مصر واليونان وقبرص”.
وكان الجيش الليبي قد أكد، في وقت سابق، تقدمه جنوبي العاصمة، معلنًا سيطرته على “معسكر حمزة”. وقال مدير إدارة التوجيه المعنوي، العميد “خالد المحجوب”، إن الجيش تقدم في أكثر من محور بالمنطقة الغربية، مشيرًا إلى سيطرته على “جسر الزهراء” و”الناصرية”؛ إضافة إلى “مصنع الهريسة”.
وأضاف أن تقدم الجيش أدى إلى إرباك كبير في صفوف المجموعات المسلحة المتبقية، وسط هروب عدد من قياداتها.
إلى ذلك؛ أعلن أن الوحدات العسكرية تمكنت من تأمين شمال غرب “مخيم اليرموك”، جنوبي العاصمة.
وأفادت مصادر محلية؛ أن “معسكر حمزة”، الذي سيطر عليه الجيش الليبي، كان من أهم مواقع مسلحي “حكومة الوفاق”.
“السراج” ينفي اقتحام العاصمة..
فيما نفى رئيس “حكومة الوفاق” الليبية، “فايز السراج”، في كلمة متلفزة، أمس؛ اقتحام العاصمة، قائلًا: “لا ساعة صفر سوى صفر الأوهام، ولا سيطرة ولا اقتحام لطرابلس وأحيائها”.
وأضاف: “قواتنا تجهزت لصد العدوان والذود عن العاصمة، وقامت بتحرير عريان”.
إلى ذلك؛ ناشد من وصفهم، بـ”القلة من أبناء الوطن”، بالتخلي عن المشاريع الوهمية والعبثية.
كما نفى “عبدالمالك المدني”، الناطق الرسمي باسم مكتب الإعلام الحربي التابع لقوات “الوفاق”، أمس، تقدم الجيش الليبي وسط “طرابلس”.
وأكد، في تصريحات تليفزيونية؛ أن الأوضاع تحت سيطرة قوات “حكومة الوفاق”، مشيرًا إلى أن عمليات الكر والفر مستمرة بالوتيرة ذاتها التي جرت خلال الأسابيع والأشهر الماضية.
وأضاف “المدني”؛ أن قوات “الوفاق” دفعت بتعزيزات إلى محاور القتال للتصدي لمحاولة قوات الجيش الأخيرة.
سيطرة جوية..
ومع هذا النفي من قِبلهم؛ أكد المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء “أحمد المسماري”، على سيطرة الجيش جويًا على العاصمة الليبية، قائلاً: “لدينا سيطرة جوية ومدفعية كاملة على العدو في طرابلس”.
وأضاف أن: “قواتنا نفذت عمليات نوعية ضد أهداف لكتائب حكومة الوفاق في طرابلس”.
كما شدد “المسماري” على أن: “نداء القائد، خليفة حفتر، للميليشيات من أجل إلقاء السلاح هو الأخير”.
إلى ذلك؛ قال إن: “وحدات الجيش بدأت بالتقدم نحو العاصمة، وإن بعض المساندين في الداخل بدأوا القيام بعملياتٍ نوعية ضد الميليشيات داخل طرابلس”، مضيفًا أن: “المعركة التي أعلنت ما زالت في بدايتها”، وأن: “حكومة الوفاق لديها ميليشيات غير متجانسة؛ ولن تصمد أمام القوات المسلحة في كل مراحل هذه المعركة”.
وأوضح “المسماري”، أنه جرى إسقاط طائرة تركية، مساء أمس، حاولت الإغارة على قوات الجيش الليبي، لافتًا لإجراء غارات على “مطار مصراتة”، وصلت لـ 4 غارات، مشددًا على أن القوات الجوية الليبية، مازالت في سماء “مصراتة” ومناطق أخرى، لاستهداف أي تحرك للميلشيات الإرهابية.
اتفاقية غير شرعية..
ورد “المسماري”، على سخرية، “فايز السراج”، رئيس “حكومة الوفاق”، من إعلان قائد الجيش الوطني الليبي لساعة الصفر، ناصحًا، “السراج”، بأن يبقى في “طرابلس” ليشاهد بعينه ما يحدث.
ووصف “المسماري”، اتفاقية “السراج-إردوغان”، بأنها غير شرعية، وأن الاتفاقية الأمنية هي الثمن الذي بيعت به “ليبيا” والجيش الليبي للأتراك.
يُشار إلى أن قائد الجيش الوطني الليبي، “خليفة حفتر”، كان أعلن مساء الخميس: “بدء المعركة الحاسمة” في “طرابلس”، من أجل تحريرها من الميليشيات، مؤكدًا على أن المعركة لن تتوقف قبل تطهير العاصمة.
دعوة لوقف القتال..
من ناحية ثانية؛ حضّ قادة “فرنسا وألمانيا وإيطاليا”، الجمعة، جميع أطراف النزاع في “ليبيا”؛ على وقف القتال. وبعد اجتماع لقادة “الاتحاد الأوروبي”، في “بروكسل”، أكّد الرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، والمستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، ورئيس الوزراء الإيطالي، “غوزيبي كونتي”، أنّ الاستقرار في “ليبيا”: “لا يمكن تحقيقه إلا عبر حلّ سياسي”.
مخاوف من تحولها لحرب شوارع..
وإنطلقت تحذيرات كثيرة من قِبل أعضاء “المجلس الأعلى للدولة” في “ليبيا”، مشيرة إلى تخوفات من وصول المعارك لقلب العاصمة، الأمر الذي قد ينتج عنه خسائر بشرية كبيرة، نظرًا لهجرة سكان الأحياء الواقعة بالقرب من الاشتباكات وتكدسهم في قلب المدينة.
في البداية؛ قال النائب، “محمد معزب”، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن: “المعارك الدائرة في طرابلس يمكن أن تتحول إلى حرب شوارع”.
مضيفًا أن: “المناطق التي تدور فيها المعارك الآن لا يتواجد فيها سكانها، إلا أنه حال دخول قوات حفتر إلى العاصمة طرابلس يحول المشهد إلى عمليات دامية”.
بشأن ما تردد عن هروب بعض الشخصيات إلى خارج “ليبيا”، شدد على عدم خروج أي من أعضاء المجلس الرئاسي أو الوزراء أو أعضاء المجلس الأعلى للدولة.
وأشار إلى أن التصعيد الذي أقدم عليه، المشير “خليفة حفتر”، سيؤدي إلى سقوط الكثير من الضحايا من الطرفين، وأن القوات المهاجمة للعاصمة؛ لن تتمكن من الدخول للعاصمة، “طرابلس”.
وشدد على أن قوات “الوفاق” لديها الكثير من القوات التي لم تدخل المعارك حتى الآن، وأن الحرب ستستمر لشهور وستؤدي إلى إزهاق أرواح الكثير من المواطنين إثر إكتظاظ العاصمة بالسكان.
وبحسب “معزب”: “فقوات الوفاق قد تلجأ إلى طلب الدعم من تركيا؛ إذا ما وجدت نفسها مضطرة لطلب الدعم”، إلا أنه وحتى اللحظة لم تقم قوات “الوفاق” بأي طلب من هذا القبيل، فيما ردت “حكومة الوفاق” على استفسار “المجلس الأعلى للدولة”، بشأن ما أثير حول إرسال قوات تركية لـ”ليبيا”؛ بأنها: “ليست بحاجة للدعم التركي في الوقت الراهن”.
وأشار إلى أن الجميع يأمل أن تحل الأزمة داخليًا، وألا تحدث عمليات استقطاب خارجية.
مخاوف من حدوث مواجهات عسكرية..
ويقول “عبدالباري عطوان”، في (رأي اليوم) اللندنية؛ إن: “الكثير من المراقبين يضعون أيديهم على قلوبهم خوفًا من أن تؤدي هذه الخطوة؛ التي تتزامن مع تصعيد متفاقم بين مصر وتركيا حول ليبيا، إلى حدوث مواجهات عسكرية … على أرضية الاتفاق البحري الذي وقعته حكومة الوفاق، التي يرأسها فايز السراج، مع نظيرتها التركية، والذي يقسم شرق المتوسط الغني بالغاز بين البلدين”.
ويتساءل “عطوان”: “هل ستطلب حكومة الوفاق نجدة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الذي تعهد بحمايتها ؟.. وكيف سيكون رد مصر، الداعمة لحفتر، إلى جانب الإمارات، وهل ستقصف طائراتها السفن التركية المحملة بالجنود والمعدات في حال وصولها إلى الموانيء الليبية ؟”.
ويختتم الكاتب بالقول: “لا نعتقد أن حفتر يمكن أن يطلق الرصاصة الأولى في حرب السيطرة الكاملة على طرابلس؛ إلا إذا كان قد حصل على ضوء أخصر من مصر والإمارات وفرنسا وروسيا وتغافل أميركا، والكرة الآن في ملعب إردوغان”.
“هل ستحارب تركيا في ليبيا ؟”..
وفي (الشرق الأوسط) اللندنية؛ كتب “عبدالرحمن الراشد”، مقالاً بعنوان: “هل ستحارب تركيا في ليبيا ؟”، يقول فيه إن توقيع “السراج” على الاتفاقية البحرية مع “تركيا”؛ “جلب للوفاق المزيد من العداوات مع الأوروبيين”.
وردًا عليهم تعهد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، بأنه سيرسل لـ”الوفاق”، قوات تركية، للقتال إلى جانبهم، لكن لا أحد يصدق وعوده. حتى وزير خارجية “تركيا” سارع للتنصل؛ قائلاً: “لا نستطيع، لأن هناك حظرًا دوليًا على التدخل عسكريًا، ولن نرسل أسلحة، سنرسل فقط مدربين”.
ويضيف “الراشد”: “الأرجح أن يكرر، إردوغان، مع حلفائه الليبيين ما سبق وفعله مع حلفائه السوريين، أن يسهل انتقال المزيد من المتطرفين المسلحين الهاربين من سوريا إلى ليبيا. خياره الثاني أن يعقد صفقة مع الروس، ويفعل ما فعله مع السوريين، عندما أجبرهم على التوقف عن القتال وفاوض على حسابهم”.
ويؤكد الكاتب على أن: “سمعة إردوغان في الوحل، عند معظم العرب لا السوريين فقط، فهو على مدى ثماني سنوات من الحرب والمظالم والمذابح في سوريا لم يرسل جنديًا واحدًا لمساعدة الشعب السوري رغم وعوده. فلماذا يصدقه أحد أنه سيرسل قواته بالسفن للقتال في ليبيا ؟”.
“إردوغان” مسؤول عن تأجيج الأوضاع..
وتتهم صحيفة (الخليج) الإماراتية؛ في افتتاحيتها، “إردوغان”، بالمسؤولية عن تأجيج الأوضاع في “ليبيا”، حيث تقول: “يصدّر نظام الحكم التركي مشاكله الداخلية بتوتير الأجواء حول بلاده، تارة في سوريا وأخرى في شمال إفريقيا. وإذا كان الوضع في سوريا سمح له باحتلال جزء جديد منها؛ فإن الوضع في شمال إفريقيا يختلف”.
وتؤكد الصحيفة على أن: “أكثر المتضررين من كل هذه العربدة التركية، مصر، التي تواجه عصابات الإرهابيين في شرقها، بشبه جزيرة سيناء. وتتعرض لخطر من غربها عبر حدودها الممتدة مع ليبيا”.
وتختتم الصحيفة الإماراتية بالقول: “ربما لن تفعل مصر مع جارتها الشقيقة، ليبيا، ما فعله إردوغان في سوريا؛ وتحتل شريطًا حدوديًا لتأمين حدودها الغربية من الخطر الإرهابي المدعوم من تركيا ودول أخرى. لكن مصر لن تسكت عن التهديدات التركية في البحر المتوسط، ليس فقط لاعتبارات المصلحة الاقتصادية المباشرة بتهديد مصادر إنتاج الغاز الطبيعي، التي بدأ استغلالها حديثًا، وإنما لأن في ذلك تهديدًا لأمن المنطقة ككل، خاصة شرق المتوسط”.