خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
كثيرًا ما يتشدق رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، بأنه استطاع خلال فترة حكمه أن يقيم علاقات صداقة مع الكثير من الدول العربية؛ وعلى رأسها “السعودية” ودول الخليج؛ وأن “القضية الفلسطينية” لم تُعد عائقًا أمام التعاون مع البلدان العربية. لكن سرعان ما يتضح كذب “نتانياهو”؛ وأن “إسرائيل” لا تريد سوى تحقيق مصالحها.
فقد نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالًا للمحلل الإستراتيجي الإسرائيلي، “يوئيل غوزنسكي”، يحذر فيه من مغبة امتلاك “السعودية” للقدرات النووية؛ حتى لو كان ذلك دفاعًا عن نفسها أمام التهديد النووي الإيراني.
الاهتمام بالنشاط النووي..
يقول “غوزنسكي”: تمتلك “السعودية” مركزين يعملان في مجال الأبحاث النووية – أما أحدهما فيمارس نشاطه في العلن، وأما الآخر فيعمل سرًا وما خفي فيه أعظم مما نعلمه.
وخلال هذا العام؛ أظهرت الصور الملتقطة عبر الأقمار الاصطناعية أن “السعودية” أقامت لأول مرة، وبمساعدة جهات خارجية، مصنعًا لإنتاج صواريخ (أرض-أرض) بعيدة المدى، ومفاعلًا للأبحاث النووية. كما أعلنت المملكة مؤخرًا أنها تمتلك مناجم لإنتاج كميات كبيرة من (اليورانيوم).
مخاطر تخصيب “اليورانيوم”..
في تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ أكد وزير الطاقة الأميركي السابق، “ريك بيري”، أن المفاوضات حول تقديم المساعدات الأميركية للمشروع النووي السعودي وصلت لمرحلة متقدمة. وأشار “بيري” إلى أن الطرفين يعتزمان التوقيع على اتفاقية تعاون في هذا الشأن، لكن “الرياض” أعلنت أنها غير مستعدة للإلتزام بعدم تخصيب (اليورانيوم).
وتُجدر الإشارة إلى أن تخصيب (اليورانيوم) يمكن استغلاله في أنشطة مشروعة مثل إنتاج الوقود النووي اللازم للمفاعلات البحثية ومفاعلات توليد الطاقة؛ كما يمكن استخدامه كذلك لإنتاج المادة الإنشطارية اللازمة للأسلحة النووية؛ على غرار المشاريع النووية العسكرية في كل من “إيران” و”باكستان”.
الرياض ستمتلك القدرة النووية..
أوضح المحلل الإسرائيلي؛ أن اهتمام “المملكة العربية السعودية” بالمجال النووي ليس بالأمر الجديد، رغم ما يحمل ذلك من مخاوف أن تلجأ المملكة إلى استخدام النشاط النووي العسكري في ظروف وحالات معينة.
ولقد تزايدت تلك المخاوف إلى حد كبير، في آذار/مارس من العام الماضي 2018، عندما أعلن ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، للمرة الأولى وبشكل علني، أنه في حال امتلكت “إيران” القدرة النووية العسكرية فإن المملكة ستمتلك هي الأخرى نفس القدرة؛ وبأسرع ما يمكن.
صحيح أن الدافع الرئيس لتطوير النشاط النووي حتى غير العسكري؛ هو دافع أمني في المقام الأول. ومع ذلك فليس واضحًا إن كان، “محمد بن سلمان”، يقصد التصنيع الذاتي للأسلحة النووية أم شراؤها أم مجرد الاستعانة بها من خلال التعاون مع “باكستان” أو أية جهة أخرى.
مساويء الاتفاقية النووية..
من وجهة نظر “السعودية”؛ فإن الاتفاقية النووية التي أبرمتها “طهران” مع الدول العظمى؛ لم تضع حدًا للطموحات النووية الإيرانية؛ بل إنها جعلت “إيران” أكثر عدوانية.
والأخطر من ذلك؛ هو أن آلية التصعيد التي وضعتها “إيران” في مواجهة “الولايات المتحدة”، خلال العام المنصرم، ربما ستسفر عن إبرام اتفاقية أفضل بالنسبة لـ”طهران”، أو حتى عن تخلي “الولايات المتحدة” عن الملف النووي الإيراني دون تحقيق تسوية.
نقطة اللا عودة !
يرى الكاتب الإسرائيلي؛ أن البرنامج النووي الإيراني أثار مخاوف دول الجوار، لا سيما “السعودية” و”الإمارات”، وكذلك “تركيا”؛ لكن سعي تلك الدول لامتلاك القدرة النووية لن يجعل “إيران” تتراجع عن طموحاتها النووية. وفي مرحلة معينة قد يصل السباق النووي، بين “إيران” ودول الجوار، إلى نقطة اللا عودة.
النووي السعودي ليس في صالح إسرائيل !
أضف إلى ذلك أنه قد قامت في المنطقة العديد من المشاريع النووية غير العسكرية؛ وهي بطبيعة الحال تُعد مشروعة في نظر المجتمع الدولي؛ لكنها ستخلق في نهاية المطاف واقعًا جديدًا من حيث انتشار الأنشطة النووية المدنية؛ وشيئًا فشيئًا سيتم تجاوز الخطوط الحمراء.
لذلك فإن أي نشاط نووي من جانب “السعودية”، حتى لو كان نشاطًا مدنيًا وغير عسكري، سيتعارض مع المصالح الإسرائيلية؛ رغم التنسيق المشترك بين “تل أبيب” و”الرياض”، ورغم وجود تعاون إستراتيجي بين الدولتين.