خاص : ترجمة – لميس السيد :
على الرغم من ثروتها النفطية التي لا يمكن تصورها تقريبًا، إلا أن الموارد المالية في “المملكة العربية السعودية” تراجعت مع ارتفاع سعر “النفط الخام”، مما تسبب في تضخم عجز ميزانيتها.
ذكرت مصادر لوكالة (فرانس برس) أن عملاق النفط السعودي، “أرامكو”، جمع 25.6 مليار دولار في أكبر طرح عام أولي في العالم.
طرحت الشركة السعودية للنفط، “أرامكو”، أسهمها في السوق السعودي بعد تقدير قيمتها بحوالي 1.7 تريليون دولار، وهي تستعد لبيع 1.5 في المئة من الشركة لتمويل خطة التحول الاقتصادي، (الرؤية 2030).
لكن لماذا تضطر “المملكة العربية السعودية”، التي جنت تريليونات الدولارات من مواردها الهائلة من الطاقة، إلى بيع قطعة من جوهرة التاج الاقتصادي لتأهب نفسها لمستقبل ما بعد “النفط” ؟
أليست السعودية ثرية بالفعل ؟
لا يزال لدى “السعودية” حوالي 500 مليار دولار من الاحتياطيات المالية؛ التي يديرها “البنك المركزي” في البلاد؛ ونحو 250 مليار دولار يديرها “صندوق الاستثمار العام”، محرك الاستثمار الرئيس في المملكة.
قال الجنرال، “ديفيد بترايوس”، الذي يرأس حاليًا معهد “KKR” العالمي لأبحاث الاستثمار، في مقابلة تليفزيونية أجريت، في شهر تشرين ثان/نوفمبر 2019، في “أبوظبي”: “إن المملكة تواجه حقيقة نفاذ الأموال تدريجيًا”.
خلاصة القول؛ هي أنهم يحتاجون إلى المال، كما يحتاجون إلى ذلك الاستثمار الخارجي، الذي يُعد ضروريًا لتحقيق (الرؤية 2030).
وأضاف “بترايوس”، لوكالة (فرانس برس)، إن هناك عاملًا آخر يقود عملية الإكتتاب، وهو رغبة ولي العهد، الأمير “محمد بن سلمان”، الشاب في؛ “تنفيذ مشروع مبهج لإظهار أنه يقوم بإصلاح البلاد”.
من جانبها؛ قالت “كارين يونغ”، من معهد “أميركان إنتربرايز”، لـ (فرانس برس)، إن المضي قدمًا في إدراج “أرامكو”، على الرغم من أنها لا ترقى إلى المستوى المأمول للتقييم، الذي يبلغ 2 تريليون دولار، هو مجرد “تعهد سياسي لولي العهد بتطوير المملكة، يرغب في تنفيذه على أية حال”.
متابعة: “ويتعلق هذا التغيير بظهور المملكة لأول مرة في مجتمع المستثمر الدولي، وإضفاء الشرعية على الدولة للجمهور عالمي والدول الاستثمارية العتيدة”.
أين ستوجه أموال إكتتاب “أرامكو” ؟
منذ أن تولى، الأمير “محمد بن سلمان”، السلطة؛ كشفت “المملكة العربية السعودية” عن خطط لسلسلة من “مشاريع عملاقة” ستستوعب عشرات المليارات من الدولارات، تأمل أيضًا أن تجلب الاستثمار وآلاف الوظائف.
وتشمل تلك الرؤى “مشروع البحر الأحمر”، الذي سيتم بناؤه عبر أرخبيل من 90 جزيرة قبالة مدينة “جدة” الساحلية السعودية، ويمتد إلى الصحارى والجبال القريبة.
“نيوم”؛ مدينة ضخمة مستقبلية، تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، تم التخطيط لها على ساحل “البحر الأحمر” الشمالي، مع خطط تزويدها بسيارات الأجرة الطائرة والروبوتات المتكلمة.
وفي العام الماضي، تم إطلاق “مدينة الترفيه”، في مدينة “القدية”، بالقرب من “الرياض”، مع وجود مخططات تشمل الحدائق الترفيهية الراقية ومرافق رياضة السيارات ومنطقة سفاري.
سبب ندرة الاستثمار الأجنبي..
تعرضت “المملكة العربية السعودية” لمستويات عالية من تدفق رأس المال، في عام 2017، وهو العام الذي قاد فيه، الأمير “محمد بن سلمان”، حملة مكافحة الفساد التي أدت إلى اعتقال المئات من الأمراء ونخبة رجال الأعمال.
عززت هذه الخطوة الصادمة حكمه، ولكن أيضًا جعلت المستثمرين الدوليين في حالة من التوتر.
قالت “يونغ”، لوكالة (فرانس برس): “مناخ المخاطر السياسية الإقليمية وخيارات السياسة الخارجية السعودية وقمع المعارضة السياسية، كلها عوامل قللت من إنتماء المستثمرين لهذا البلد”.
وقد واجهت “الرياض” أيضًا انتقادات بشأن مقتل الصحافي، “جمال خاشقجي”، داخل قنصلية المملكة، في “إسطنبول”، في عام 2018، وكذلك بسبب الحملة المستمرة ضد الناشطين السياسيين.
كما أسهمت التوترات المتزايدة بين “المملكة العربية السعودية” و”إيران”، خصمها اللدود، بعد سلسلة من الهجمات على ناقلات النفط والهجمات الصاروخية على البنية التحتية لـ”النفط”، في زيادة الشعور بالتوتر لدى المستثمرين.
هل يمنح الإكتتاب العام “أرامكو” مصداقية أكبر للشركة ؟
“أرامكو”؛ هي شركة حكومية مشهورة بالسرية، ولكن كان عليها رفع الغطاء عن عملياتها في نشرة الإكتتاب العام، والتي أدرجت حجم المخاطر لديها ونقاط القوة لمجتمع المستثمرين.
ومع ذلك، يبدو أنها ستظل بعيدة لفترة ما عن خطط الإدراج الثاني في سوق الأوراق المالية الأجنبية.
أكد “نيل بارتريك”، محلل شؤون الشرق الأوسط، ومقره “لندن”: “أن التحضير لطرح عام أولي كان مخططا له، ولذا أصبحت أرامكو أكثر شفافية مما كانت عليه بالفعل”.
وتابع: “وأتصور أنه قد يتعين على أرامكو المضي قدمًا في إتجاه الشفافية في حالة إذا كان الإكتتاب المحلي الناجح يشجع الخطط المستأنفة للخطط الدولية”.