الانتفاضة التي اندلعت من بغداد العاصمه و امتددت الى اكثر من مدن الوسط والجنوب هي امتداد لمظاهرات محدده وكانت ساحة التحرير في وسط بغداد مركزها حيث كان الشباب المحتجين ضد الفساد والبطالة فيها يجتمعون ويعبرون عن احتجاجهم ويطالبون بالاصلاح .
محدودية تلك التظاهرات وبهذه الصيغة كانت بشكل لم يظهر مايسمى بـ( حكومة بغداد ) اهتمامها لابتصرف المتظاهرين ولا بشعاراتهم من جهة ومن جهة اخرى ان مصادر الاعلام ماكانوا يتحدثون عنها الا بشكل يسير بمعنى تسقيط الفرض كما يقول المثل .
ولكن توسع تدفق المحتجين الى نفس المكان وفي بداية تشرين الثاني حدث بشكل غير متوقع اقل من قبل ( كل مرة نؤكد مايسمى بالحكومة المنتجة من عملية سياسية عرجاء اسس على خطأ ولا تمارس الا اعمال تؤدي الى الفساد ولا تنتج الا القطط السمان ) ‘ عليه رأينا أن اقطابها الفاسدين لجأوا راسا الى اتهام ( ايادي خارجيه والبعثين الظلمة ) واضافوا علية ( حبيبهم الذي اوصلهم الى بر الفساد بعد اسقاط الدولة في العراق ونعني الادارة الامريكية بعد ان ظهر بعض الخلاف بينهم حول المساحة المسموحة لهم ليخدموا على اساس طائفي وحدود التعاون مع النظام الايراني ) ‘ وبعد توسيع قوة ومساحة الانتفاضة ‘ ظهرت توقعات وتحليلات من هنا وهناك يشبهونها بالانتفاضات التي حصلت في تونس و الجزائر و مصر و ليبيا و واخيرا في اليمن وسوريا .متوقعين ان تؤدي انتفاضة العراقيين الى نفس مصير ماحصل في تلك البلدان ..!
دون الدخول في عرض بعض التفاصيل ‘ اذا هناك تشابه بين ( السبب ) و ( الهدف ) و ( التوجه ) لتحرك العراقيين في انتفاضتهم وبين انتفاضات تلك الدول ‘ ولكن ولان الوضع سيء في العراق هو ناتج عن تراكمات غباء مصدر القرار في الادارة الامريكية منذ ان احتل العراق واخطر ما ظهر نتيجة هذا الغباء كان فتح كل ابواب العراق امام تدخل دول المنطقة من بينهم ان الاحتلال حرك فيهم ارث الاطماع التاريخية والذي له جذور عدوانية اولا و ثانيا أن الاداره الامريكية وتحت عنوان ( حكم الاغلبية ) اطلق يد مجموعة من السياسيين ( لهم صولات في كل شي ء الا الرغبة في اعادة بناء دولتهم وسمى هذه التوجه بالعملية السياسية ‘ فكان هؤلاء ومنذ 2004 قد اثبتوا بالعمل الملموس أنهم يتصرفون بالروح الانتقامية في عملهم مع الاخرين مبتعدين بشكل واضح عن اي عمل يقنع المواطن العراقي انهم يتوجهون لبناء الدولة .. واصرار هؤلاء على هذا النهج ادى الى تخريب كل شيء في العراق و دفع كل عراقي مؤمن بان سقوط الديكتاتورية فتح افاق حياة الحرية المسؤولة عن اعادة بناء دولتهم بالاحباط .
لم يتوقف توجهات هؤلاء المتنفذين في العملية السياسية عند ذلك الحد الذي اباح حدود العراق لكل اشكال التدخلات السيئة ‘ بل ظهر تنافس غريب بينهم بهدف من منهم اجدر بالذهاب على هذا النهج الى ابعد الحدود بحيث لايظهر في الافق اي امل بظهور ارادة وطنية ‘ وجاء ظهور داعش ( والذي شك كل الوطنيين ليس في العراق ‘ بل في المنطقة انه صناعة القوى العدوانية الطامعة في المنطقة وفي المقدمة الحركة الصهونية العالمية ) ليكون حجة لهم في الاصرار على الروح العدوانية والانتقام والتمسك بالتدخل الخارجي على اساس اطماع طائفية وأسس كل مشارك منهم في الحكم قوة ميليشية تحت عناوين شتى ادى الى اضعاف وجود القوة الامنية الوطنية ذات صفات دولة ذات سيادة في القوة والارادة باسم العراقيين يضمن الامان والحياة الشريفة لمواطنيهم ‘ وتوجوا تصرفاتهم هذه بالفساد وسرقوا كل ثروات البلد و المهزلة ان كل طرف من تلك الاطراف يتهم الاخر باللص والفاسد المالي .. و ألخ
من خلال هذه القراءه السريعة نريد ان نؤشر الى تجربة انتفاضة العراقيين ولنقول : ان هذه الانتفاضة اذا لاتتوجه وبشجاعة عراقية باتجاه ظهور ارادة متمسكة بقرار وطني مركزي ‘ سيكون خطر على العراق واهله كبيرا و زيادة خراب العراق وعذاب العراقيين اقرب من تحقيق هدف المنتفضين ‘ لأن وضع المنتفضين هنا ليس كوضع منتفضي ليبيا والجزائر وتونس ومصر ‘ أن شعوب تلك البلدان عندما انتفضوا بوجه انظمتهم كانت في عاصمتهم حكومات منظمة كدولة بمعنى كلمة الدولة والنظام وحتى القوة التي وقفت بوجههم كانت قوة لدولة منظمة كان بينهم من يفهم معنى هكذا انتفاضات فكان الرهان على مدى صمود المنتفضين و التمسك بعدم ضياع البلد بين الطرفين ‘ هذا الصراع ادى بالنتيجة الى اجبار بوتفليقة للتنحي و الى زين العابدين للهروب و مبارك الذهاب الى المستشفى والقذافي عندما عاند شعبه المنظم قتل …وقوته استسلم للشعب والنتيجة ان ارادة الدولة احتضن الشعب ومنظمي الانتفاضات ‘ ولكن في العراق ‘ لاوجود لشيء اسمه الدولة بمفهوم الدولة التى كانت في تلك البلدان ‘ هؤلاء الذين يحكمون العراق لحد الان غير متفقين على رمز العلم و النشيد الوطني وهذا اضعف الايمان ‘ يحكمون العراق ويحافظون على ما سرقوه من الشعب وهذا همهم الكبير اكثر من دماء الشعب ‘ لاتوجد قوة امنية منظمة للدولة ومن المفروض في النهاية ان تكون منتميه للشعب ‘ بل هناك العشرات من الفئات المسلحة تحت عنوان مشارك في العملية السياسية ولهم علاقات خارج الارادة الوطنية العراقية اقوى من ارتباطهم بارادة العراقيين …. من هنا ان الخوف من الانتفاضة ونتائجها ‘ خوف مشروع جدا لمصير الشعب العراقي ‘ اذا لم تحصل معجزة توحد الارادة فان نتيجة هذه الانتفاضة ستكون اقرب من نتيجة الوضع في اليمن و سوريا … حرب طويلة الامد لاسامح الله وسيحرق فيها الكثير من الاخضر واليابس ..