17 نوفمبر، 2024 1:41 م
Search
Close this search box.

نطالب باستقالة رئيس الوزراء العراقي القادم

نطالب باستقالة رئيس الوزراء العراقي القادم

بالامس كان عربون الفوز بمنصب رئيس الوزراء، لاية كتلة او ميليشيا مسلحة تادية فروض الولاء والطاعة، اما للمحتل الامريكي او الفارسي او لكليهما. اضافة الى نيل مباركة المرجعية الدينية لدورها الفعال في هذا الخصوص بالذات. اما اليوم فالعربون هو انهاء الثورة العراقية الشاملة. ولو تمكن عادل عبد المهدي القيام بهذه المهمة الغادرة، لاحتفظ بهذا المنصب وضمن ولاية ثانية وثالثة ورابعة، بل وخلدوا اسمه في سجل الابطال، باعتباره المنقذ الذي جنب العراق حرب اهلية طاحنة.
وفق هذا السياق تسابقت المليشيات المسلحة فيما بينها، لانهاء الثورة العراقية، وعن طريق واحد دون غيره، وهو اللجوء الى اكتساح ساحات الاعتصام بقوة السلاح، مستغلين قرار الثوار بعدم الانجرار الى العمل المسلح، والتمسك بالسلمية مهما قدموا من تضحيات جسام. ومعروف ما حدث، فقد قامت مجاميع كبيرة تابعة لعدد من الميليشيات، وعلى وجه التحديد، تلك التي تدين بالولاء للولي الفقيه الايراني علي خامنئي، امثال عصائب اهل الحق وحزب الله والنجباء والخراساني ومنظمة بدر، قاموا بهجوم مسلح على ساحات الثوار يومي الخميس والجمعة الماضيين في منطقة السنك والخلاني وجسر الاحرار، تحت سمع وبصر الحكومة العراقية وقواتها الامنية. بل وقدمت المساعدة لها حين اطفأت الانوار في ساحة الخلاني لتسهيل عملية حصد الارواح، التي ذهب ضحيتها اكثر من خمسة وعشرين شهيدا وجرح العشرات اغلبهم في حالة خطرة.
ان هزيمة هذه المليشيات على يد الثوار السلميين في جميع الساحات، لا يعني استسلامها وعدم الرجوع الى تكرارها، وربما على وجه السرعة. خاصة وانها تلقى الدعم والتاييد من اطراف العملية السياسية الطائفية لانقاذها من السقوط، ومن ملالي طهران والامريكان للحفاظ على نفوذهما في العراق، ومن جميع دول الجوارالتي تخشى من امتداد لهيب الثورة الى عروشهم المهزوزة. وهذا ما يفسر صمت هذه الدول على ما يجري من جرائم ومجازر ضد شعب اعزل من ابسط ادوات الدفاع عن النفس، سوى صدروهم العارية والعلم العراقي الذي يحملونه. في حين تقوم الدنيا ولا تقعد لمجرد قتل اسرائيلي او مواطن في هونكونك او في اقصى الارض، ليس هذا فحسب، فانتصار الثورة سيعيد للعراق استقلاله السياسي وسيادته ووحدته الوطنية، ووضع ثرواته في خدمة العراقيين، وسيمكنه من تطهير ارضه من دنس المحتلين ومحاسبتهم على الجرائم التي ارتكبوها، وتحميلهم مسؤولية النتائج التدميرية التي ترتبت على جريمة الاحتلال والمطالبة بالتعويضات التي تحددها اللجان المختصة.
دعونا نسترسل اكثر، فاذ حدث وفشلت هذه المحاولات الغادرة وستفشل حتما، جراء اصرار الثوار على الصمود حتى تحقيق الانتصار النهائي، لا نستبعد قيام هؤلاء الاشرار بتقديم تنازلات تصل حد التضحية بجزء من مكاسبهم ومحاسبة بعض الفاسدين من الدرجة العاشرة، وتشكيل حكومة من شخصيات مستقلة، او شخصية وطنية معتدلة، على امل الالتفاف على الثوار واقناعهم بالعودة الى بيوتهم. فشبح الثورة العراقية العملاقة يقض مضاجعهم ليل نهار، فهي بالنسبة لهؤلاء الاشرار بمثابة سلاح الدمار الشامل، الذي لا تستطيع مواجهته لا هم ولا امريكا ولا ايران ولا اية قوة بالعالم. لكن هذه المحاولات لن تاتي بالنتائج المرجوة. فالثوار قالو كلمتهم في عدد من الشعارات الواضحة جدا، من قبيل “نريد وطن بدونكم” و”نطالب باستقالة رئيس الوزراء القادم من باب الاحتياط”.
ليس الثوار وحدهم الذين لن يخدعوا بهذه الوسائل المعلبة، وانما ستكون مرفوضة من قبل جميع العراقيين، مادامت الحكومة هي من صنع ذات العملية السياسية المجربة بالفساد وسرقة المال العام وارتكاب الجرائم وخدمة المحتل، يضاف الى ذلك معاناة العراقيين الكبيرة على يد هذه الحكومات. خاصة بعد مهزلة حكومة عادل عبد المهدي المستقيلة، التي لم تف بوعودها المعسولة وتحقق الاصلاحات التي عجز اسلافها عن تحقيقها فحسب، وانما ازداد الامر سوءا ليتوجها بارتكاب مجازر ضد الثورة العراقية. بل توصل العراقيون الى قناعة ابعد من ذلك واعتبروا الحكومة القادمة اداة بيد ملالي طهران اكثر من الحكومات السابقة. اذ لم يعد خافيا بان ممثل ملالي طهران قاسم سليماني يشرف علنا على اختيار رئيس الحكومة المرتقبة واعضاءها. واي حديث عن نية الحكومة الجديدة تصحيح الوضع في العراق، او تلبية مطالب الثوار، او بعضا منها، ليست سوى ضحك على الذقون واستخفاف بالعقول. وكدليل على ذلك، رفض الثوار كل الاصلاحات الزائفة التي قامت بها الحكومة، سواء تلك التي تخص تقليص الامتيازات، او محاسبة فاسدين من الدرجة العاشرة، او اطلاق سراح بعض المعتقلين. وكان اخرها رفض تعديل قانون الانتخابات. وبالتالي فان ما يجري من لقاءات لتشكيل الحكومة الجديدة لم يعد يعني شيئا على الاطلاق، لا للثوار ولا لعموم الشعب العراقي.
كاتب هذه السطور على يقين تام بفشل كل هذه المحاولات، سواء كانت عسكرية او سياسية. فتفاصيل ساحات التحرير تبشر كلها بالانتصار الميمون، وليس بالتراجع او القبول بانصاف الحلول، او المراهنة من جديد على الحكومة القادمة، وانتظار ما ينتج عنها من اجراءات اصلاحية، وتفشل معها ايضا جميع الحملات الاعلامية لاجهزة الحكومة التي تروج مقولات ظاهرها الحق وجوهرها الباطل. من قبيل كفانا حروبا وسفك الدماء البريئة، كفانا تدميرا وخرابا، لنعطي القادم الجديد فرصة ونفسح المجال امام الحوار وحل مشاكلنا بالطرق السلميةالخ. فالثورة العراقية اظهرت للقاصي والداني بانها ثورة سلمية، على الرغم من تعرضها الى استخدام القوة العسكرية، وسقوط مئات الشهداء والاف الجرحى. بل ان محاولات الخلط المتعمد للمفاهيم السياسية قد عفا عليها الزمن وتجاوزتها احداث الثورة المظفرة. ونقصد هنا الخلط بين ما يسمح به المفهوم السياسي لجهة الحوار وحل المشاكل بالطرق السلمية في ظل بلد مستقل، وبين الحوار مع احزاب طائفية وعرقية نصبها المحتل من اجل تنفيذ مخططاته الغادرة وتكريس مشروعه لعقود طويلة من الزمن. اذ ليس هناك اي قاسم مشترك، اعظم او اصغر، يلتقي حوله عملاء الاحتلال والفاسدين والحرامية من جهة والثورة العراقية التي يتطلع ابناؤها الابطال الى استعادة الوطن بدون هؤلاء والحفاظ عليه مستقلا وموحدا يتمتع في ظله العراقيون بالحرية والتقدم الاقتصادي والاجتماعي من جهة اخرى.
نعم يا ابناء الثورة الابطال، لا اصلاح يتحقق، لا من خلال الحكومة الحالية، ولا من خلال الحكومة القادمة، ولا عبر البرلمان، ولا باللجوء الى الدستور او المحكمة الاتحادية او مجلس القضاء، كون جميع هذه المفردات هي نتاج عملية الاحتلال السياسية التي جرى بناؤها وتكوينها والية عملها لخدمة المحتل وعملائه، وليس لخدمة العراق واهله، وبالتالي لا بديل للثورة سوى الثورة، ولا بديل اخر عن اسقاط هؤلاء الاشرار وحكومتهم العميلة وبرلمانهم الفاسد ودستورهم الملغوم وانتخاباتهم المزورة وقضائهم المرتشي. لقد اثبتت تجارب الانتفاضات التي قامت على مدى السنين الماضية، بان المراهنة على تعديل او اصلاح العملية السياسية من داخلها، اوعلى سقوطها من تلقاء نفسها، بانها مراهنة فاشلة لم نحصد منها سوى الخيبة تلو الاخرى.
لقد قدم السلوك الفاشل والاجرامي الذي اتسمت به اطراف العملية السياسية للثوار فرصة ثمينة للاجهاز عليها، والتخلص من شرورها وتشكيل حكومة وطنية فعلا تعيد العراق لاهله من دون هؤلاء الاشرار.
ان التاريخ ليس كريما لتقديم مثل هذه الفرصة الثمينة مرة اخرى.

أحدث المقالات