25 ديسمبر، 2024 8:34 م

رغم مكابرة النظام الإيراني .. السلطات تعترف للمرة الأولى بقتل المتظاهرين بالرصاص !

رغم مكابرة النظام الإيراني .. السلطات تعترف للمرة الأولى بقتل المتظاهرين بالرصاص !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في تصريحات ستعرضها للمزيد من العقوبات والمحاصرة، خاصة الاقتصادية منها، أكدت السلطات الإيرانية، للمرة الأولى، أمس؛ أن قوات الأمن قتلت متظاهرين بالرصاص؛ خلال ما تصفه منظمات حقوقية بأنها أدمى احتجاجات منذ “الثورة الإسلامية”، عام 1979.

وأعترف التليفزيون الرسمي بقتل المحتجين، دون أن يذكر أرقامًا؛ وجاء ذلك قبل ساعات من قول الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إن إيران “تقتل ربما آلافًا وآلافًا من الأشخاص الآن ونحن نتكلم”.

وبشكل متسارع إمتدت الاضطرابات، التي اندلعت فجأة يوم 15 تشرين ثان/نوفمبر الماضي، بعد أن رفعت الحكومة أسعار “البنزين” بنسبة 300 في المئة، إلى أكثر من 100 مدينة وبلدة وأخذت منحى سياسيًا مع مطالبة محتجين من الشباب والطبقة العاملة بتنحي الزعماء الدينيين للبلاد.

وأخمدت السلطات الاحتجاجات، في الأسبوع الماضي، بحملة أمنية.

تصوير قوات الأمن أثناء إطلاقها النار..

وكانت “منظمة العفو الدولية” قد قالت، يوم الإثنين الماضي، إن لقطات مصورة كثيرة للغاية أظهرت، بعد أن فحصها جهاز التحقق الرقمي في المنظمة، قوات الأمن الإيرانية وهي تُطلق النار على المحتجين.

وقال التليفزيون الرسمي: “كان مثيرو الشغب مسلحين بالسكاكين والأسلحة. احتجزوا الناس رهائن من خلال إغلاق جميع الطرق في بعض المناطق. لم يكن أمام قوات الأمن خيار سوى أن تواجههم بحسم.. ولقي مثيرو شغب حتفهم في الاشتباكات”.

ولم تفصح “إيران” رسميا عن عدد القتلى، لكن “منظمة العفو الدولية” قالت إنها وثقت مقتل 208 محتجين على الأقل، وهو ما يجعل هذه القلاقل الأدمى، منذ انتفاضة عام 1979، التي أطاحت بـ”الشاه”، الموالي لـ”الولايات المتحدة”، وجاءت برجال الدين الشيعة إلى الحكم.

“أكاذيب صريحة”..

وقال التليفزيون الإيراني؛ إن المتحدث باسم القضاء، “غلام حسين إسماعيلي”، رفض، اليوم الثلاثاء، تقدير “المنظمات المعادية” لعدد القتلى؛ واصفًا إياه بأنه “أكاذيب صريحة”.

وقال هذه الإحصائيات “تضم أشخاصًا لا يزالون على قيد الحياة وآخرين توفوا بشكل طبيعي”. واتهم “إسماعيلي”، المنظمات ووسائل الإعلام الأجنبية، بممارسة “الدعاية” والوقوف وراء عمليات القتل. وكشف “إسماعيلي” أن 300 شخص اعتقلوا ما زالوا رهن الاحتجاز في “طهران”، بدون إعطاء أرقام على مستوى البلاد. وكانت السلطات قد قالت إن خمسة أشخاص قُتلوا وأن أكثر من 500 شخص قد جُرحوا.

عودة تدريجية للإنترنت تكشف كذب النظام..

وخلال الاضطرابات؛ قطعت “طهران” الإنترنت لمدة أسبوع، وهو ما حال دون قيام الإيرانيين في الداخل بنشر مقاطع الفيديو والمعلومات عن الاحتجاجات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي اللقطات المصورة والمعلومات التي تهدف لجذب مزيد من المتظاهرين.

إلا أنه مع استعادة “الإنترنت” تدريجيًا، بعد أسبوع، وتصريح المرشد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، بأنه تم إحباط مؤامرة “خطيرة للغاية”، بدأت صورة الأحداث تظهر تدريجيًا.

وتُظهر العديد من مقاطع الفيديو من بعض المناطق التي اندلعت فيها التظاهرات؛ ويقدر عددها بنحو 100 منطقة، قوات الأمن تُطلق النار من مسافة قريبة على المتظاهرين العزل أو تضربهم بالهراوات.

وتظهر بعض اللقطات، غير الواضحة، أشخاصًا ينزفون وهم ملقون على الأرض وهم يصرخون بفزع بينما يهرع آخرون لمساعدتهم. وتُسمع أيضًا أصوات حشود تُطلق شعارات ضد الأجهزة الأمنية والنخبة الحاكمة وتُعبر عن إحباطها بسبب التضخم والبطالة.

استخدام غير مسبق للعنف..

عن ذلك؛ قالت “راحة بحريني”، الباحثة في “منظمة العفو الدولية”، في مقال نُشر في صحيفة (نيويورك تايمز)، أمس؛ إن السلطات استخدمت القوة المفرطة في الماضي ضد المتظاهرين المسالمين. وأضافت: “ما رأيناه هذه المرة هو استخدام غير مسبوق للقوة الفتاكة ضد المتظاهرين العزل”.

وقال تقرير التليفزيون الإيراني إن قوات الأمن اشتبكت مع “مثيري شغب مسلحين بأسلحة شبه ثقيلة”، في “ماهشهر”، بـ”إقليم خوزستان”، الغني بـ”النفط” في جنوب غرب “إيران”، والتي شهدت سقوط أكبر عدد من القتلى. وقال أيضًا إن بعض المارة وبعض أفراد قوات الأمن لقوا حتفهم.

وقالت “وزارة الاستخبارات” الإيرانية إن السلطات اعتقلت قادة مجموعة كانت تخطط لإثارة الاضطرابات في الجامعات في “طهران”، مطلع الأسبوع، وإن كثيرًا ممن اعتقلوا في الشهر الماضي في المنطقة المحيطة بالعاصمة، وعددهم 2021 شخصًا، تم الإفراج عنهم بعد ذلك.

تزايد الغضب بسبب فرض العقوبات..

وتزايد الغضب على الركود الاقتصادي والفساد في أوساط رجال الدين ورجال الأمن، منذ إعلان “ترامب”، في العام الماضي، انسحاب بلاده من “الاتفاق النووي”، الذي وقعته “إيران” مع الدول الكبرى، في عام 2015، واصفًا إياه بأنه معيب، ثم أعاد فرض “العقوبات الأميركية” على “طهران” مما أدى إلى المزيد من تكبيل الاقتصاد القائم على “النفط”.

واتهمت “إيران”، “الولايات المتحدة” وحلفاءها في المنطقة، بإشعال الاضطرابات التي وصفها الزعيم الأعلى الإيراني، “علي خامنئي”، بأنها “مؤامرة خطيرة للغاية”.

ترامب” يناقض وزير خارجيته حول إيران..

وفي تصريحات له، أمس، ناقض الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تصريحات وزير خارجيته، “مايك بومبيو”، حول دعم “الولايات المتحدة الأميركية” للمظاهرات التي اندلعت في “إيران” مؤخرًا، مشيرًا إلى أنه لا يدعمها، وذلك خلال لقاء جمعه بالرئيس الفرنسي، “إيمانويل ماكرون”، على هامش اجتماع “حلف شمال الأطلسي”، في العاصمة البريطانية، “لندن”، أمس.

وقال “ترامب”، عند سؤاله حول دعمه للمظاهرات في “إيران”: “لا أود التعليق على ذلك، لكن الجواب لا”، على حد تعبيره.

وجاء تصريح الرئيس الأميركي ليناقض ما كتبه “بومبيو”، عبر صفحته الرسمية على موقع (تويتر)، الأسبوع الماضي، إذ قال حينها: “كما قلت للشعب الإيراني منذ سنة ونصف، الولايات المتحدة معكم”.

وربط وزير الخارجية الأميركي، تغريدته بأخرى، نشرها عام 2018، وقال خلالها للمتظاهرين الإيرانيين: “الولايات المتحدة تسمعكم، وتدعمكم وتقف معكم”، على حد تعبيره.

لكن “ترامب” عاد وكتب، بعد وقت قصير، على (تويتر)؛ يقول إن “الولايات المتحدة” تؤيد “شجعان إيران الذين يحتجون من أجل حريتهم”.

روحاني” يهاجم واشنطن ويصفها بالإرهاب..

في سياق ذي صلة؛ قال الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، أمس، إن “أميركا” دولة إرهابية خططت لتركيع “إيران”، حتى آذار/مارس المقبل؛ من خلال الضغوط الاقتصادية، لكن “إيران” تجاوزت الظروف الصعبة وانتصرت.

وأكد “روحاني”، خلال كلمة له بمناسبة “اليوم العالمي للمعاقين”؛ أن: “إيران واجهت ضغوطًا اقتصادية لا سابق لها بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي وفرض العقوبات”.

وأضاف أن: “أميركا دولة إرهابية خططت لتركيع إيران، حتى آذار/مارس المقبل؛ من خلال الضغوط الاقتصادية علينا”، لكنه أكد أن: “إيران تجاوزت الظروف الصعبة وانتصرت وأثبتت أن صمودها ومقاومتها حال دون بلوغ العدو أهدافه”.

وأوضح الرئيس الإيراني أن: “أميركا ترسل لنا رسائل ومطالب للحوار بشكل سري؛ على خلاف الشعارات التي تطلقها في العلن، والأوروبيون الوسطاء يعلمون ذلك”.

وتابع: “التنمية في إيران استمرت على الرغم من الضغوط الأميركية الشديدة”، مضيفًا أن: “على أميركا أن تدرك أن سياساتها تجاه طهران خاطئة ولن تجدي نفعًا”.

وقال: “لا يمكننا رفع الضغوط الاقتصادية الناجمة عن العقوبات عن الشعب الإيراني، لكننا نسعى إلى تقليصها”.

عقوبات جديدة لتقويض “إنستيكس”..

يُذكر أنه في محاولة لتفادي تلك العقوبات؛ أنضمت 6 دول أوروبية جديدة لآلية (إنستيكس)، الأسبوع الماضي، إلا أنه يبدو أن هناك المزيد في جعبة “الكونغرس” الأميركي، حيث يحاول بعض الأعضاء فرض عقوبات جديدة لتعطيل هذه الآلية بدعوى خضوعها تحت سيطرة “الحرس الثوري” الإيراني، المصنف إرهابيًا، ولن تطال هذه العقوبات فقط الكيانات الإيرانية؛ وإنما ستطال الأوروبية التي أقبلت على الإنضمام إليها، وهو الأمر الذي يزيد الخناق أكثر حول عنق النظام الإيراني لكي يواجه مزيدًا من الاحتجاجات الشعبية التي تواجه بالعنف والقمع الدموي من قبلهم، فيضعها دائمًا على صفيح ساخن لا يهدأ، فإما أن يستجيب النظام ويخضع خارجيًا قبل داخليًا أو يقضي عليه داخليًا، وبهذا تكون “واشنطن” قد حققت هدفها دون أن تدخل حربًا أو تفقد فلسًا واحدًا عليهم.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة