23 ديسمبر، 2024 5:57 م

ستكون ولادة عسيرة .. حكومة العراق الجديدة بين إرادة الثوار وأطماع “طهران” وضعف الساسة !

ستكون ولادة عسيرة .. حكومة العراق الجديدة بين إرادة الثوار وأطماع “طهران” وضعف الساسة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مع استمرار الاحتجاجات العراقية المطالبة بتغيير كامل للطبقة السياسية؛ وبعد تقديم رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، استقالته للبرلمان، على الفور ذهبت الأحزاب السياسية إلى تشكيل الحكومة الجديدة، الأمر الذي تنازل عنه ائتلاف (سائرون) ليترك الأمر للشعب والثوار.

وحتى قبل أن يعلن البرلمان موافقته رسميًا على استقالة رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، وحكومته، أمس الأول، بدأت الأحزاب السياسية إجراء اجتماعات و”لقاءات متواصلة” لبحث المرحلة المقبلة في البلاد، حسبما أكد مصدر سياسي رفيع.

ويجب على البرلمان، الذي تعرض لشلل هو الأطول في تاريخ “العراق” الحديث، التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة تضمن توازن القوى وموافقة جميع الأطراف السياسية.

وتزامن مع ذلك؛ ما أذيع من أنباء عن زيارة “قاسم سليماني”، قائد (فيلق القدس) الإيراني، ليتحكم في تعيين شخصية جديدة يضمن ولائها للجارة الإيرانية صاحبة النفوذ الكبير في “العراق”، التي “لن تستسلم بسهولة”، بحسب ما يرى المحلل المختص بشؤون العراق، “حارث حسن”.

كما يوجد المرجع الشيعي الأعلى في العراق، آية الله “علي السيستاني”، الذي دفع بإتجاه سحب الثقة من “عادل عبدالمهدي”، والمجتمع الدولي الذي أعرب عن إدانته للقمع الذي قوبلت به الاحتجاجات وخلف أكثر من 420 قتيلًا، بالإضافة إلى ضغط الشارع.

المظاهرات أقوى من التدخل الأجنبي..

وعقب مضي نحو شهرين من أول حركة احتجاجات عفوية إنطلقت في “بغداد” ومدن جنوب “العراق”، ولدت القناعة لدى الكوادر السياسية العليا في البلاد، بأن “المظاهرات أقوى من التدخل الأجنبي”.

وتصاعدت مطالب المحتجين الذين ما زالوا يسيطرون على ساحات التظاهر، بعدما كانت تقتصر على فرص عمل وخدمات عامة، إلى إصلاح شامل للمنظومة السياسية التي نصبتها “الولايات المتحدة”، بعد سقوط نظام “صدام حسين”، عام 2003.

وأصبح تغيير الطبقة السياسية المتهمة بالفساد وتبخر ما يعادل ضعف الناتج المحلي لـ”العراق”، الذي يُعد بين أغنى دول العالم بـ”النفط”، مطلبًا أساسيًا للمحتجين الذين يكررون اليوم في كل المدن رفضهم بقاء “الفاسدين” و”جميع السياسيين” الحاليين.

تنازل عن حقه في تشكيل الحكومة..

وأتخذ تحالف (سائرون)، الكتلة السياسية الأكبر في البرلمان والمدعوم من رجل الدين الشيعي البارز، “مقتدى الصدر”، وتحالف (النصر)؛ الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، جانب المحتجين عبر رفضهم المشاركة في المفاوضات الحالية.

حول سبب انسحابهم من تشكيل الحكومة، قال “حارث حسن”، في هذا الصدد: “إنهم يعلمون بأن السقف مرتفع للغاية؛ ومن الصعب عليهم إرضاء الشارع”.

وأوضح: “إنهم لا يريدون مواجهة مزيد من الغضب والرفض”، في حين لم تتغير الطبقة السياسية التي تسيطر على مقدرات البلاد، منذ 16 عامًا، والتي: “لا تدرك كيف تتخلص من أساليب تفكيرها التقليدية”.

حكومة انتقالية..

مؤكدًا على أن: “السيناريو الأفضل، (الآن)، هو تشكيل حكومة انتقالية تُرسخ إطارًا تشريعيًا جديدًا للانتخابات القادمة”.

ويعتبر المحلل أن من يتولى القيادة “لا يحتاج إلى أن يكون خبيرًا في السياسة، بل يمكنه قيادة هذه المهمة، وبالتأكيد يقدم وعدًا بعدم الترشح للانتخابات”.

وأكد مسؤول رفيع، رفض كشف هويته؛ تأييده هذا الأمر، مشيرًا إلى أن الفترة “الانتقالية يجب ألا تستمر أكثر من ستة أشهر”.

في إطار ذلك، قال رئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، أمس، أن البرلمان يعمل على بلورة قانون انتخابي جديد بهدف “استعادة الثقة بالعملية السياسية والانتخابية”.

وبدأ في هذا السياق؛ مشاورات مع رؤساء الكتل البرلمانية وممثلي “الأمم المتحدة” في “العراق”.

صالح” يواجه مشاكل تسمية المرشح الجديد..

في نفس الإطار، ذكرت مصادر سياسية عراقية، أن الرئيس، “برهم صالح”، يواجه مشاكل في تسمية مرشح جديد لتولي مهمة تشكيل الحكومة الجديدة خلفًا لحكومة “عادل عبدالمهدي”.

وأوضحت المصادر أنه مع انسحاب تحالف (سائرون)، الكتلة الأكبر في البرلمان العراقي، من تشكيل الحكومة الجديدة، فإن ذلك يعني أن يذهب رئيس الجمهورية إلى ثاني أكبر كتلة في البرلمان، وهي تحالف (الفتح)؛ بزعامة “هادي العامري”.

وأمام الرئيس العراقي، وفقًا للمهلة الدستورية، 15 يومًا لتسمية مرشح جديد لتشكيل الحكومة، بعد بلورة موقف بالتعاون مع الكتل والأحزاب السياسية، والنظر في مطالب المتظاهرين بشأن آلية تشكيل الحكومة.

ويهدد المتظاهرون بمواصلة المظاهرات الاحتجاجية وربما توسيعها في حال طرحت الكتل السياسية مرشحًا من بينها لشغل منصب رئيس الوزراء المقبل، باعتبار أن هذا يعني قفزًا على مطالبهم الرامية إلى أن يكون رئيس الوزراء المقبل مستقلًا ومؤهلًا لإدارة البلاد في الفترة الانتقالية.

وبحسب الآلية الدستورية، فإن الرئيس العراقي يكلف الكتلة الأكبر في البرلمان لتقديم مرشح خلال مدة 15 يومًا لتشكيل الحكومة الجديدة، ومن ثم يتولى رئيس الوزراء الجديد خلال 30 يومًا تقديم تشكيلته الوزارية للبرلمان للمصادقة عليها.

وتتوقع مصادر سياسية عراقية أن تتضح ملامح الشخصية المرشحة لتشكيل الحكومة الجديدة قبل نهاية الأسبوع الحالي، لعدة اعتبارات أبرزها السيطرة على حالة الإنفلات الأمني التي تشهدها عدد من المدن، فضلًا عن استحقاقات إقرار الموازنة الاتحادية للبلاد في موعدها، إضافة إلى أن الكتل البرلمانية متوافقة على السير بإتجاه تلبية مطالب المتظاهرين بترشيح شخص مستقل لتشكيل الحكومة الجديدة.

إشكالية ليست سهلة..

في سياق ذلك؛ قالت النائبة في البرلمان العراقي، “آلاء الطالباني”، إن الإشكالية ليست سهلة؛ وإذا عدنا للدستور فإن رئيس الجمهورية، منذ اليوم، سيكون أمامه 15 يومًا ليكلف بها اسم آخر أو شخصية من الكتلة الأكبر ليكون مكلفًا بتشكيل الحكومة خلال فترة 30 يومًا.

وفي هذه الـ 15 يومًا لا تزال هناك إشكالية قانونية، وهي هل على رئيس الجمهورية أن يلتزم بموضوع الكتلة الأكبر ؟.. فهناك تفسير يقول إنه يجب الإلتزام بالكتلة الأكبر في حالة الحكومة الأولى، أما إذا استقالت الحكومة الأولى أو الثانية، أو عندما يخفق أو يفشل الشخص المكلف الحالي بتشكيل حكومته، خلال 30 يومًا، يُكلف رئيس الجمهورية شخص آخر.

وهناك من يقول إن أي شخص سيأتي يجب أن يحظى بقبول جميع الكتل السياسية؛ والأهم هو قبول الشارع له.

وهناك من يقول عكس ذلك؛ فالدستور واضح ويجب أن يكون من الكتلة الأكبر، ورئيس الوزراء المُقال حاليًا لم يأتِ من الكتلة الأكبر، ولم تكن له كتلة برلمانية أصلاً، بل جاء باتفاق كتلتي (سائرون) و(الفتح)، وكان مرشحًا توافقيًا. وكتلة (سائرون) هي الأكبر عددًا في “مجلس النواب” العراقي، ولكنهم أعلنوا، أمس الأول، خلال مؤتمر صحافي عن تنازلهم عن هذا الإستحقاق؛ ولن يكون مرشح رئاسة الوزراء منهم.

وأكدت “الطالباني” أن الكتلة الثانية، من حيث العدد، هي (الفتح)، فهل سيقوم رئيس الجمهورية بتسمية المكلف بتشكيل الحكومة من الكتلة ؟ أم من خارجها ؟.. وقد تتفق كتلة (الفتح) على مرشح توافقي منهم، هذا ما ستكشفه الاجتماعات خلال الأيام المقبلة.

وأضافت “الطالباني” أن المستشار الحالي في رئاسة الجمهورية والنائب السابق، “علي الشكري”، هو من الأسماء المرشحة لرئاسة الوزراء، ولكن لحد اللحظة لم يتم طرح الأسماء رسميًا، وهناك مطالب جماهيرية من المتظاهرين بأن يكون لهم رأي في اختيار رئيس الوزراء القادم.

لا موقف واضح من الكتل الكُردية..

وقالت “الطالباني” إن الكتل الكُردستانية، إلى الآن، لا موقف واضح لها من الكتل الكُردية، سوى تصريح رئيس الحزب الديمقراطي الكُردستاني، “مسعود البارزاني”، الذي أكد فيه أن أي اختيار جديد يجب أن يكون وفق السياقات الدستورية.

وأضافت “الطالباني” أنه لا اعتراض للكتل الكُردية حاليًا، وهم سيكونون جزءًا من حل الأزمة في “العراق”.

شروط اختيار رئيس الوزراء القادم..

من جانبه؛ قال النائب في البرلمان العراقي عن تحالف (القوى العراقية)، “مقدام الجميلي”، إنه بالنسبة لموضوع اختيار البديل لرئيس الوزراء، وقّع أكثر من 125 نائبًا في “البرلمان العراقي” على شروط اختيار رئيس الوزراء القادم.

وأكد “الجميلي” على أن الشروط هي أن يكون رئيس الوزراء الجديد مستقل وغير متحزب، وأن يكون أكاديميًا ولا يكون من الذين اشتركوا بالعملية السياسية كجهة تنفيذية، خلال الفترة الماضية، ولا يحمل جنسيتين، وأن يكون متواجدًا ومقيمًا في البلد منذ فترة طويلة.

وسوف يتم التصويت على شروط اختيار رئيس الوزراء القادم، وهذا القرار سيرسل إلى رئاسة الجمهورية.

وأضاف “الجميلي” أن هؤلاء النواب، الذين وقعوا على اختيار رئيس الوزراء؛ هم من كل الكتل في “البرلمان العراقي”، من (سائرون) و(الفتح) والكتل الكُردية، بالإضافة إلى تحالف (القوى العراقية) وجميع الكتل الأخرى في “مجلس النواب” العراقي.

وأضاف “الجميلي” أن الحراك الجماهيري الغاضب، الذي تمخض عنه استقالة الحكومة؛ لا يرضى بأن يأتي برئيس وزراء شغل منصبًا تنفيذيًا خلال المرحلة الماضية.

جلسات مستمرة منذ بداية الاحتجاجات..

وأستدرك “الجميلي” أنه منذ اليوم الأول لبدء الاحتجاجات، في الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، كانت هناك جلسات مستمرة لـ”مجلس النواب” تمخضت عنها إقرار قوانين وقرارات مهمة منها، والكثير من القوانين التي خرج المتظاهرون للمطالبة بها، منها قانون التقاعد والانتخابات الموحد الخاص بـ”مجلس النواب”، وكذلك تغيير “المفوضية المستقلة للانتخابات”، والشروع بالتصويت على قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من أجل ضمان انتخابات مبكرة تضمن للجميع المشاركة، وولادة برلمان جديد بعدد أقل من العدد الموجود حاليًا.

وعن الأسماء المطروحة لرئاسة الحكومة، قال “الجميلي”؛ إن كل الأسماء المطروحة هي متداولة في الإعلام ولا يوجد شيء رسمي للعمل عليه.

الكتل السياسية هي الحلقة الأضعف..

من جانبه؛ قال السياسي المستقل، “غانم العابد”، إنه ولأول مرة في تاريخ الحكومات العراقية، ومنذ العام 2005 وإلى اليوم، تكون الكتل السياسية هي الحلقة الأضعف في تسمية شخصية رئيس مجلس الوزراء القادم، وإن الكتل ستسعى من أجل أن تأتي بشخصية رئيس وزراء يبقي على الأقل على مصالحها أو نفوذها، وعدم فتح ملفات الفساد وعدم فتح كل الملفات السابقة.

وأكد أن القول الفصل أصبح بيد “إيران” من جهة؛ وبيد المتظاهرين من جهة أخرى، والمتظاهرون لن يرضوا بحكومة تستبدل “عادل عبدالمهدي” بشخص آخر، ويكون بنفس الأداء، و”إيران” ستبحث عن رئيس وزراء سيكون له دور مكمل لما بدأه رئيس الوزراء المستقيل.

وأكد “العابد” أن الموضوع سيكون عسيرًا، ولن يمر رئيس الوزراء بسهولة؛ ولن يُحسم وسيطول لفترة ليست بالقصيرة.

مطالب المتظاهرين رفعت إلى الأمم المتحدة..

فيما قال الناشط في التظاهرات العراقية، “علي عزيز”، إن نهجنا معروف وواضح، وقد أوصلنا رسالتنا مع ممثل المتظاهرين في “الأمم المتحدة”، “مظفر قاسم حسين”، وبعثت مطالبنا بظرف مغلق إلى الأمين العام للأمم المتحدة وإلى “مجلس الأمن الدولي” لمساعدة المتظاهرين في تحقيق مطالبهم.

وأكد أنهم يريدون “مجلس حكم”، مؤقتًا، يقود البلد لمرحلة إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بحيث يتألف هذا المجلس من قضاة ومتظاهرين هم من يختارهم، وبالتالي ليضمنوا عدم مشاركتهم بأي انتخابات لاحقة.

وأضاف أنهم لا يريدون أي حزب من أحزاب السلطة ولا أي وجه من وجوه هذه العملية السياسية، ويطالبون بتأسيس أحزاب جديدة وفق القوانين العادلة، فمنذ العام 2003، ولحد الآن، لم يجن العراقيون من هذه الأحزاب سوى القتل والسرقة والفساد والخراب.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة