22 ديسمبر، 2024 11:35 م

مطالب باستقالته .. هل ينجو “صالح” من طوفان “ثورة تشرين” أم سيسقط مع المحاصصة ؟

مطالب باستقالته .. هل ينجو “صالح” من طوفان “ثورة تشرين” أم سيسقط مع المحاصصة ؟

خاص : كتبت – هانم التمساح :

وصل الرئيس العراقي، “برهم صالح”، على خط الانتفاضة التي يزداد أوارها في عموم “العراق”، متأخرًا، نهاية تشرين ثان/نوفمبر المنصرم، وعقب شهر كامل من التظاهرات؛ ليعلن الرئيس، “برهم صالح”، أنه موجود على خط الأزمة ليمارس دوره كمحامٍ عن الدستور، في مسعى للتهدئة وتقديم تصور شامل لحل الصِّدام، الذي تشهده شوارع “بغداد” والمحافظات؛ بضراوة واتساع لم يتوقف حتى باستقالة رئيس الوزراء، وحاول الرئيس “صالح” أن يتبنى وجهة نظر المتظاهرين ويطالب بحصر السلاح في أيدي الدولة فقط؛ وأن يتم محاسبة من أقترفوا جرائم قتل المتظاهرين.

وحاول “برهم صالح” أن يلقي طوق النجاة إلى شركائه في العملية السياسية بـ”العراق”، المهدد بأصوات الشعب الغاضب، بحلول يظنها تُخرج البلاد من أزمتها الحالية لخصها في: “إجراء انتخابات مبكرة بإعتماد قانون انتخابي جديد ومفوضية انتخابات جديدة، تتخطى علل وثغرات الانتخابات الماضية، ومنع التلاعب والتزوير لأصوات الناخبين؛ بعيدًا عن التزوير والمحاصصة الحزبية، بإشراف خبراء وقانونيين كفء ومستقلين”، لعله بذلك يبريء نفسه من الاتهامات الموجهة للطبقة السياسية كلها بالفساد، فهل ينجو “برهم صالح” بنفسه؛ أم يسقط مع سقوط الرئاسات الثلاثة و”نظام المحاصصة” ؟

صالح” : الوضع القائم غير قابل للاستمرر وعلى الدولة احتكار السلاح..

وقال الرئيس العراقي: “طالبنا الكتل السياسية التفاهم على بديل مقبول لعبدالمهدي”. وذكر “صالح”: “سأوافق على إجراء انتخابات مبكرة وإعتماد قانون انتخابات جديد، وسوف نستبدل مفوضية الانتخابات الحالية بأخرى جديدة”.

وأوضح أن الوضع القائم غير قابل للاستمرار، وأن: “مطالب الشعب وضعتنا على المحك”، مشيرًا إلى أن: “على البرلمان تلبية مطالب المتظاهرين المشروعة والقطاعات المحرومة”. وأوضح الرئيس العراقي أن: “الحكومة مطالبة بأن تكون حكومة الشعب ولابد من محاسبة المجرمين المتورطين بالعنف. وعلى الدولة احتكار السلاح لمنع أي قتال بين الجماعات المسلحة”.

وأضاف الرئيس “صالح” أن: “القمع مرفوض واستخدام القوة والعنف مرفوض والحل بالإصلاح ومواجهة المجرمين”. وقال إن الشباب هو أمل العراق “وأنا منحاز إليكم بمشاعري، ومعكم في مظاهراتكم ومطالبكم المشروعة”. وتابع قائلاً: “نتوقع في الأسبوع المقبل تقديم قانون انتخابي جديد يسمح بانتخابات أكثر عدلاً وحماية لأصوات الناخبين، ويمنع التزوير وإقامة مفوضية جديدة بعيدة عن الهيمنة، ونعمل على إجراءات إصلاح تخدم المصلحة العليا في العراق”.

في وقت أصدرت تنسيقيات التظاهر بيانات تدعو المحتجين إلى التصعيد والاعتصام، وإتخاذ يوم الأول من تشرين ثان/نوفمبر يومًا أوسع للاحتجاج، دعا الرئيس، “برهم صالح”، في خطابه المتلفز، إلى التهدئة بُعيد استقباله لرؤساء الكتل السياسية، بينهم رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، وضرورة تعاون الجميع في حفظ الأمن العام، ومواجهة من وصفهم بمن يريدون سوءًا بـ”العراق”، واصفًا ما يمر به شعب “العراق”، بـ”اللحظة التاريخية الحرجة”، التي تشير إلى حجم التوجس والخطورة التي تمر بها السلطات.

مؤكدًا: “أن التاريخ يعلمنا أن صوت الشعب هو أقوى من أي صوت”، مطالبًا بإجراءات سريعة تقتضيها المسؤولية القانونية ومحاسبة المقصرين الذين استخدموا العنف المفرط تجاه المتظاهرين، داعيًا إلى حصر السلاح بيد الدولة وحدها، كاشفًا أن هناك جماعات مسلحة تستخدم السلاح كلما تنافرت مع بعضها، محملًا البرلمان المسؤولية الأولى كونه ممثل الشعب.

ودعا الرئيس العراقي إلى: “أن تخطو الدولة جديًا لمحاسبة كبار الفاسدين والإنتهاء من هذه الملفات بأسرع ما يمكن”، مذكرًا: “أن سبب الاحتجاجات يكمن في الفساد الذي أغرق البلاد في الفقر والحرمان والعوز لطبقات المجتمع وجيوش العاطلين”، التي تحدث عنها نظيره في السلطة التنفيذية، “عبدالمهدي”، في خطابه ليلة الخامس والعشرين من تشرين أول/أكتوبر الماضي، ليلة اندلاع أوسع تظاهرات في “العراق”، واجهتها السلطة بالرصاص وزادت حصيلة القتلى إلى 300 قتيل، في “بغداد” والمحافظات ذات الأغلبية الشيعية، مما دفع الرئيس، “صالح”، إلى القول: “الوضع القائم في العراق غير قابل للاستمرار”.

مشرًا إلى ضرورة إجراء حوار وطني للعمل من أجل ما وصفه: “معالجة الإختلالات البنيوية في منظومة الحكم وفق السياقات الدستورية”. وتابع: “باشرنا هذا من أجل صياغة قانون انتخابي جديد مقنع للشعب يعالج المشكلات القانونية ويسمح بانتخابات أكثر عدلًا وأشد تمثيلًا للشعب؛ بما في ذلك حق الترشح للشباب”.

لم يفرط في “عبدالمهدي” حليف الكُرد بسهولة واضطر لتخفيف وطأة استقالته !

بدبلوماسيته المعهودة؛ حاول “صالح” تخفيف أسى وصدمة صديقه الرئيس، “عبدالمهدي”، حليف الكُرد، وملبي طلباتهم بسخاء، لتخفيف وطأة نبأ استقالة “عبدالمهدي” المؤكدة، وقال: “إن رئيس الوزراء كان قد أبدى موافقته تقديم استقالته؛ طالبًا من القوى السياسية الاتفاق على بديل مقبول، بما يمنع حدوث فراغ دستوري”، محاولًا تجميل صورة “عبدالمهدي” في اللمسات الأخيرة؛ ليبدو بطلًا يخشى وقوع “العراق” في مأزق فراغ.

مؤكدًا على طي صفحة “عبدالمهدي”، الذي يعارض تحالف (الفتح)؛ وعرّابها “قاسم سليماني”، تلك الاستقالة التي تحول دون وجود رئيس وزراء تسوية مثل، “عبدالمهدي”، الذي مكنّهم بضعفه وتردده، وإنكشافه بعدم وجود كتلة ساندة له يمثلها، وأصوات برلمانية تشد من أزره، ما مكنهم من فرض هيمنة أحزابهم وفصائلهم المسلحة التي تساند السياسة الإيرانية، التي جعلت “العراق” ممرًا لمشروعات إقليمية لا طائل منها لـ”العراق” وشعبه، الذي تؤشر تظاهراته أن “العراق”، بشيعته وسنته وكُرده وأقلياته المتآخية، قادرٌ على إدارة استقلاله السياسي وإتباع سياسة النأي بالنفس والدخول بمعارك خاسرة، لطالما أفقدته قوته ومكنّت خصومه من النفاذ إليه، وإبتلاع مقدراته، وإزدياد ضحاياه الذين زجوا في معارك خاسرة طويلة، منذ ثمانينيات القرن الماضي، ونزف خلالها دماء غزيرة.

ارتفاع سقف المطالب والإصرار على إسقاط “المحاصصة”..

وارتفعت سقوف المطالبات التي لم تُعد مقتصرة على تحسين العيش والخدمات التي بدأوا بها في الأول من تشرين أول/أكتوبر الماضي، إلى رفض علني للتدخل الإيراني وأتباعه، وتأكيد قدرة “العراق” على إدارة شؤونه الوطنية بعيدًا عنها وعن أحزابها التي عبثت، ليس في السياسة والاقتصاد العراقي فحسب، بل في فرض أجنداتها الاجتماعية مما أثار الشارع وطنيًا وقيميًا.

وفي وقت ترفض فيه مطالب المتظاهرين إعادة إنتاج برلمانات يصفونها بأنها، “مفرخة الفساد”، ويرفضون كل الوجوه التي تصدت للعملية السياسية وتسببت في إفقار الشعب، وأنتجت برلمانًا ورئاسات فاسدة، تفردت بها الأحزاب الدينية الموالية والمساندة لـ”إيران”، بنسبة مشاركة لا تتعدى فعليًا الـ ‎%‎20، وأغلبية صامته كانت تتفرج على ما يجري على أمل إسقاط نتائج انتخابات، عام 2018، التي لا تمثل جمهور الناخبين الحقيقيين، من قِبل المجتمع الدولي الذي أراد التحقق من شرعيتها، لكن أحزاب السلطة سارعت بحرق صناديق الانتخابات بـ”ماس كهربائي”، في وقت إنقطاع الكهرباء عن “بغداد” الرصافة.

لقد أدرك العراقيون، حينها؛ أن هناك تحديًا حقيقيًا في الشارع لا يمكن أن يحسم إلا بإعادة تأسيس البنية السياسية الحالية التي تمادت في تمكين “إيران” بالتدخل بالشأن العراقي، وغلبة قرارها على باقي قرارات الكتل والمكونات التي تماهت معها في قبول الأمر الواقع بقوة السلاح ولباس الشرعية البرلمانية، وتوظيف الدستور لمصالحها، لكن عجّل ضعف وتخاذل “عبدالمهدي” وخضوعه إلى إرادتها ليكون مخلبًا مكسورًا لنهش وجوه العراقيين الذين أسقطوه بالضربة القاضية وإصرارهم على عودة العراقي العربي الآبي إلى عهد بطولته، كما يؤشر ذلك ملايين العراقيين الذين خرجوا بصدور عارية يهتفون لوطنهم براية واحدة.

مطالب باستقالة “برهم صالح”..

من جانبه؛ انتقد الأمين العام لحزب (التصحيح الوطني)، “كامل الدليمي”، موقف رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، من الأوضاع التي يشهدها “العراق”.

وقال “الدليمي”، إن: “برهم صالح إلتزم الصمت تجاه ما يجري في العراق، وكأنه ينأى بنفسه عن المسؤولية وهو حامي الدستور وصاحب التكليف لعبدالمهدي رئيسًا لمجلس الوزراء”.

وخاطب الأمين العام لحزب (التصحيح الوطني)، “صالح”، بالقول: “الحكومة استقالت وننتظر استقالتك أيضًا؛ لانك لست ببعيد عن المسؤولية، الاستقالة شجاعة وليست موقف معيب”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة