المنتفضون العراقيون الغاضبون بحرق القنصلية الايرانية في النجف، يمکن إعتباره تطور نوعي في مسار الموقف الشعبي في العراق من إيران، وهو قد جسد رفضا عراقيا قويا للدور الايراني الذي صار أخطبوطيا وألقى بظلاله السوداء على مختلف الاوضاع في بلاد الرافدين، مع إنه يمکن إعتبار حرق القنصلية الايرانية في النجف بمثابة رسالة للمنظمات والاحزاب والميليشيات العميلة لإيران من آثار وتبعات تابعيتها لإيران.
ولاغرو من إن حرق القنصلية الايرانية في النجف والذي من شأنه إحراج النظام الايراني أمام الشعب خصوصا وإن أهالي النجف معظمهم من الشيعة الذين يفترض إنهم محسوبون على هذا النظام کما يزعم في وسائل إعلامه، قد کان دافعا لمطالبة ممثل المرشد الإيراني، علي خامنئي، إلى ملاحقة المتظاهرين الذين أقدموا على حرق جزء من القنصلية الإيرانية في النجف، الأربعاء الماضي، إذ زعم حسين شريعتمداري في صحيفة كيهان، بحسب ما أفادت مواقع إيرانية معارضة، أن إضرام النار بالقنصلية الإيرانية يهدف إلى إضعاف ما سماه محور المقاومة. ولم يقف ممثل خامنئي عند هذا الحد بل إنه تجاوز بکثير عندما قام بوصف المنتفضين العراقيين الرافضين لتدخلات النظام الايراني الذي أحرقوا القنصلية الايرانية وبمنتهى الصلافة بالـ “أوباش المأجورين”، وطالب الحشد الشعبي – الذي توصف بعض فصائله بولائها الشديد لإيران – بـ”اقتلاع جذورهم”!
بحسب مواقع التواصل الاجتماعي ومصادر أخرى مختلفة، فإن هناك إرتياح واضح من جانب العراقيين فقط لهذه الخطوة وإنما هناك أيضا ترحيب وتإييد کامل لها من جانب شعوب المنطقة وحتى الشعب الايراني نفسه، لهذه الخطوة فقط وانما تإييد کامل لها، وهو مايدل على مدى حالة الکراهية والرفض المعتمرة في صدور ونفوس العراقيين من النفوذ الايراني في بلادهم خصوصا وإن الوجوه السياسية المتشبثة والمتعلقة بکراسي السلطة ولاتريد التخلي عنها ولم تقدم للشعب العراقي سوى الفقر والحرمان والتخلف، معظمها محسوبة على طهران لم تتجرأ أن تٶيد هذه الخطوة أو تقف الى جانب المنتفضين وتعلن عن رفضها للتعابير غير المقبولة بحق المنتفضين واللهجة الاستعلائية التي فيها الکثير من الغطرسة ضدهم.
الشعب العراقي وعندما ضاق ذرعا بالبريطانيين وماجنوه على العراق فقد بادر الى القيام بثورة العشرين التي ردد فيها شعاره المعروف”الطوب أحسن لو مکواري”، من الواضح جدا إنه قد إنتفض ضد النظام الايراني ورموزه في العراق بعد أن ضاقت به السبل من جراء الاوضاع بالغة السلبية والتي صار واضح جدا بأن للنظام الايراني يد فيها، وإن الذي يدفع ويحث ويحفز العراقيين للإنتفاضة بوجه هذا النظام والتابعين له، هو إن الشعب الايراني بحد ذاته يرفضه أيضا ويسعى لتغييره ولاسيما وإن الانتفاضة الحالية العارمة للشعب الايراني قد جسدت هذه الحقيقة وفي کل الاحوال فإن ماجرى للقنصلية الايرانية في النجف ليس مجرد عملية حرق وإنما فضيحة فريدة من نوعها حيث تکشف کذب مزاعم النظام الايراني بإلتفاف الشيعة العرب حوله عموما والشيعة العراقيين خصوصا.