باتفاقيات عسكرية وبحرية .. “تركيا” تبسط سيطرتها على الأجواء الليبية !

باتفاقيات عسكرية وبحرية .. “تركيا” تبسط سيطرتها على الأجواء الليبية !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في اتفاقيات تضع “تركيا” في مواجهة مع عدة دول في شرق المتوسط؛ والتي أبرمت اتفاقات بحرية وأخرى تتعلق بمناطق اقتصادية مع “اليونان” و”قبرص”، مما يترك “أنقرة” بلا حلفاء تقريبًا في المنطقة، أعلنت الرئاسة التركية، أمس، أن “حكومة الوفاق الوطني” الليبية وقعت اتفاقًا عسكريًا جديدًا مع “تركيا”، الداعمة الرئيسة لها في نزاعها مع رجل شرق “ليبيا” القوي، المشير “خليفة حفتر”.

وقالت الرئاسة التركية إن اتفاق “التعاون العسكري والأمني”؛ تم توقيعه، مساء الثلاثاء الماضي، خلال لقاء في “إسطنبول” بين الرئيس، رجب طيب إردوغان”، ورئيس حكومة الوفاق الليبية، “فايز السراج”.

وأوضح مدير الاتصال في الرئاسة التركية، “فخرالدين ألتون”، أمس، أن النص الجديد هو “نسخة أوسع من الاتفاق الإطاري للتعاون العسكري المبرم” بين البلدين، مؤكدًا على أن الاتفاق الجديد “سيعزز العلاقات بين جيشينا”، داعيًا “الأطراف الفاعلة المسؤولة الأخرى” إلى دعم حكومة “السراج”، المعترف بها من جانب “الأمم المتحدة”.

وقال المسؤول التركي إن: “استقرار ليبيا يرتدي أهمية كبرى لأمن الليبيين ولمكافحة الإرهاب الدولي”.

للتصدي لمحاولات الإنقضاض على السلطة..

من جهته؛ قال “السراج”، في بيان صدر في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، إنه تم توقيع مذكرتي تفاهم، إحداهما تخص التعاون الأمني، والثانية مذكرة تفاهم في المجال البحري، وذلك في ختام محادثاته التي أجراها في “تركيا” مع الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، الذي جدد دعم بلاده لحكومة “السراج”، وأكد رفضها للتدخل الخارجي في الشأن الليبي.

وأضاف “السراج”، الذي رافقه مسؤولون أمنيون وعسكريون في حكومته، أن القوات الموالية لها “قادرة على دحر العدوان”، وزعم أنها تدافع عن مدنية الدولة، وتتصدى لما وصفه بمحاولات العسكر الإنقضاض على السلطة.

ويأتي هذا الاتفاق على الرغم من دعوة أطلقتها “الجامعة العربية”، للدول الأعضاء، بوقف التعاون مع “تركيا” وخفض تمثيلها الدبلوماسي لدى “أنقرة” على خلفية الهجوم الذي تشنه في شمال “سوريا” ضد المقاتلين الأكراد.

ورفضت “حكومة الوفاق الوطني”، المدعومة من “تركيا” و”قطر” خصوصًا، ويبدو أن “إيطاليا” القوة المستعمرة السابقة تساندها، تلبية هذا الطلب.

أما خصمها، المشير “حفتر”، الذي بدأت القوات الموالية له هجومًا، في نيسان/أبريل 2019، للسيطرة على “طرابلس”، فيتمتع بدعم “مصر” و”الإمارات العربية”، وكذلك بدعم سياسي من “الولايات المتحدة” و”روسيا”. وتتهم “فرنسا” بأنها تفضله، لكنها تنفي ذلك.

وذكر خبراء من “الأمم المتحدة”، في تقرير؛ أن كلًا من “الأردن وتركيا والإمارات العربية المتحدة” إنتهكت “بانتظام” حظر الأسلحة الذي فرضته “الأمم المتحدة” على “ليبيا”، منذ 2011.

وأكد “إردوغان”، في حزيران/يونيو الماضي، أن “تركيا” تزود “حكومة الوفاق الوطني” بأسلحة، معتبرًا أن هذه المعدات العسكرية سمحت لطرابلس “بإعادة التوازن” إلى الوضع في مواجهة قوات “خليفة حفتر”.

لاستخدام الأجواء الليبية دون إذن..

وأدانت اللجنة الخارجية بالبرلمان الليبي تلك الاتفاقيات التي أبرمها المجلس الرئاسي مع “تركيا”؛ وتعتبرها تهديدًا وإنتهاكًا صارخًا للأمن والسيادة الليبية.

وأضافت اللجنة أن رئيس “حكومة الوفاق” الليبية، “فايز السراج”، يسعى من وراء هذه الاتفاقية إلى منح “تركيا” استخدام الأجواء الليبية، وكذلك البرية والمياه الإقليمية، دون إذن الجانب الليبي.

وأكدت الحكومة الليبية المؤقتة، ليل الأربعاء، رفضها التام للاتفاقية الموقعة بين الحكومة التركية و”حكومة الوفاق” في “طرابلس”، واعتبرتها غير شرعية وتحتاج إلى موافقة “مجلس النواب”.

وشددت الحكومة الليبية، في بيانها، على رفض التدخل التركي في شؤون “ليبيا”.

رفض يوناني..

ورفضت “اليونان”، الإعلان، ووصفته بأنه أمر منافٍ للعقل من الناحية الجغرافية لأنه يتجاهل وجود جزيرة “كريت” اليونانية، بين الساحلين التركي والليبي.

غير شرعي ولا يؤثر على المصالح..

وقالت “وزارة الخارجية” المصرية، في بيان؛ إن مجلس رئاسة الوزراء الليبي “منقوص العضوية بشكل بَيّن، ويعاني حاليًا من خلل جسيم في تمثيل المناطق الليبية”، لافتة إلى أن: “دور رئيس مجلس الوزراء محدود الصلاحية في تسيير أعمال المجلس، وكل ما يتم من مساعٍ لبناء مراكز قانونية مع أي دولة أخرى يُعد خرقًا جسيمًا لاتفاق (الصخيرات)”.

كما شددت “مصر” على أن التوقيع، وفقًا لما تم إعلانه: “غير شرعي، ومن ثم لا يُلزم ولا يؤثر على مصالح وحقوق أي أطراف ثالثة، ولا يترتب عليه أي تأثير على حقوق الدول المشاطئة للبحر المتوسط، ولا أثر له على منظومة تعيين الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط”.

لفرض سيطرتها على الأراضي الليبية..

ومن جانبه؛ أعلن وزير الداخلية بحكومة الوفاق، “فتحي باش أغا”، توقيع اتفاقية أمنية بين حكومته والحكومة التركية.

وأوضح “باش أغا”، في تصريحات صحافية؛ أن الاتفاقية تتعلق بمكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، مضيفًا أن “حكومة الوفاق” وقعت على الاتفاقية من أجل فرض سيطرتها على الأراضي الليبية.

وقال إن الاتفاقية غطت كل الجوانب الأمنية التي تحتاجها “حكومة الوفاق”.

تطور خطير للتدخلات التركية..

كما قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالبرلمان الليبي، “طلال الميهوب”، عن الاتفاق الأمني الجديد الذي وقعته “حكومة الوفاق” مع “تركيا”، يُعد تطورًا خطيرًا للتدخلات التركية في “ليبيا”، مشيرًا إلى أن هذه الاتفاقية ما هي إلا غطاء لمزيد من تسليح الميليشيات الموالية لـ”الوفاق”، ومحاولة لنجدتهم خاصة بعد الهزائم المتتالية في مواجهة الجيش الليبي بمعركة “طرابلس”، كما أنه بوابة لتعزيز سلطة “الإخوان”؛ وبالتالي تثبيت أقدام “تركيا” في “ليبيا”.

وتوقع “الميهوب” أن ترسل “تركيا”، خلال الأيام القادمة، مزيدًا من شحنات الأسلحة والمقاتلين إلى الميليشيات المسلحة الموالية لـ”حكومة الوفاق”، برًا وجوًا، وذلك في محاولة لإعادة إحيائها على أمل مساعدتها في تغيير مسار المعارك لصالحها، خاصة بعد إنهيارها أمام ضربات الجيش الليبي وفقدانها لأغلب آلياتها العسكرية.

وأضاف أنّ الجيش الليبي سيدافع عن السيادة الليبية وسيضع حدًا لسطوة التنظيمات المتشددة، المدعومة من “أنقرة” عسكريًا وسياسيًا، كما سيقف في وجه خيانة “إخوان ليبيا” للبلاد وفتحهم الباب لدولة أجنبية معادية للتدخل في شؤون دولة ذات سيادة، لافتًا إلى أن نهايتهم إقتربت.

يكشف تخبط حكومة الوفاق..

ومن جانبه اعتبر الناشط السياسي، “سراج التاورغي”، أن الاتفاقية العسكرية التي تم توقيعها بين “حكومة الوفاق” والسلطات التركية، جاءت لتكشف حجم التخبّط الذي يعيشه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، الذي يدعم قيادات إرهابية ومجرمين للقتال في صفوف قواته والدفاع عنه، مضيفًا أن توجهه نحو “تركيا” واستغاثته بها لإنقاذه، سيزيد من غضب الشعب الليبي، الذي يرفض كل تدخل أجنبي على الأراضي الليبية، خاصة من الحكومات الداعمة لـ”الإخوان”، ضدّه.

موضحًا أن: “تركيا قدمت الكثير من الدعم لحكومة الوفاق وجرّبت الحرب ضد الجيش الليبي، ولكنّها فشلت وتملّك الإحباط رئيسها، إردوغان، بعد أن تمّ تدمير كل طائراتهم المُسيّرة ومخازن أسلحتهم في مصراتة وطرابلس، وها هي الآن تعود لتبحث عن تعزيز سلطة الإخوان في ليبيا من بوابة طرابلس ومصراتة، وكذلك في شمال إفريقيا عبر توقيع الاتفاقيات، لافتًا إلى أن الليبيين ضاقوا ذرعًا بأفعال الميليشيات المسلّحة ولن يسمحوا بتسليم بلدهم إلى جماعة الإخوان”.

رد فعل على التسليح من جانب الدول الأخرى..

وقال “ماجد عزام”، الكاتب والمحلل السياسي التركي، إن مذكرات التفاهم التي وقعت بين “حكومة الوفاق” الليبيبة، المعترف بها، و”أنقرة”، ليس جديدًا؛ فضلًا عن أنه ينسجم مع الموقف الدولي من الحكومة الليبية ضد أي محاولة انقلابية غير شرعية بعيدًا عن إرادة الشعب الليبي، على حد قوله.

وأشار إلى أن الأمر ليس مرتبطًا بتوقيت حظر الطيران فوق “طرابلس”؛ وإنما هو تعبير عن دعم الدولة الليبية، كرد فعل على خطوات من دول أخرى لتسليح أجسام غير شرعية في “ليبيا”.

ستبقى مذكرة تفاهم..

من جانبه، قال المحلل السياسي الليببي، “عبدالستار حتيتة”، إن “تركيا” تستند على الحكومة الهشة في “طرابلس” لموضع قدم اقتصادي وعسكري في “ليبيا”، مشيرًا إلى أن مذكرة التفاهم ستبقى مذكرة تفاهم ولن ترقى لاتفاق حقيقي بين البلدين؛ لأن دون ذلك خطوات تشريعية لن يكتب لها النجاح.

درع ضد اليونان ومصر وقبرص اليونانية..

ويذكر أن الخبير البحري التركي، اللواء “جهاد يايغي”، كان حضّ بلاده أخيرًا على الإسراع في توقيع اتفاق مع “ليبيا”، لتحديد مناطق النفوذ البحري، مشددًا على أن الظروف الحالية في “ليبيا” تُشكل أنسب أرضية لتوقيع مثل هذا الاتفاق.

ورأى أن مثل هذا الاتفاق مع ليبيا “سيكون بمثابة درع ضد اليونان وقبرص اليونانية ومصر”.

وخلص إلى أن ما سماه “منطقة النفوذ البحري”؛ التي ستحدّد بين بلاده و”ليبيا”، ستحول “دون توقيع اليونان اتفاق منطقة اقتصادية خالصة مع قبرص اليونانية ومصر، وتوقيع قبرص اليونانية اتفاقًا مماثلًا مع ليبيا”.

تحذير من زيادة مخاطر حوادث بحر “إيغه”..

وكان رئيس الوزراء اليوناني، “كيرياكوس ميتسوتاكيس”، قد حذر الثلاثاء الماضي؛ من زيادة مخاطر حصول حوادث في “بحر إيغه” جراء استمرار “السلطات التركية في التصرف بشكل عدواني”.

وصرح خلال زيارة لـ”روما”: “من جانبنا نحافظ على ضبط النفس، والدفاع باستمرار عن حقوقنا الوطنية وسيادتنا”. ولاحظ أن: “الموقف التركي الاستفزازي يمتد ليشمل الإنتهاكات في المنطقة الاقتصادية الخاصة لقبرص بخرق القانون الدولي في شرق البحر المتوسط”.

ولفت إلى أن بلاده “دعمت على الدوام حلاً عادلاً ومتوازنًا ومستدامًا لمشكلة قبرص، لكن بعد مرور 45 عامًا يتواصل، ويا للأسف، الاحتلال. وهذا يحدث لبلد مستقل ذي سيادة، وعضو في الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة”.

وأكد على أن الوقت قد حان “لإعادة إطلاق المحادثات بين الطائفتين، (اليونانية والتركية)، كونها لا تزال السبيل الوحيد نحو إقامة اتحاد فيدرالي ثنائي يستند إلى قرارات الأمم المتحدة”.

عقوبات أوروبية على تركيا..

ومعلوم أن “المجلس الأوروبي” أعلن إعتماد إطار محدد لفرض عقوبات على “تركيا”، على خلفية استمرارها في التنقيب عن “النفط” في المياه الإقليمية لـ”قبرص” شرق البحر المتوسط، معربًا عن دعم الاتحاد لـ”نيقوسيا” واحترام سيادتها.

وعلى رغم تمهيد “الاتحاد الأوروبي” لفرض عقوبات عليها، ردت “أنقرة” بتأكيد تمسكها بأعمال التنقيب عن “الهيدروكربون”، التي تجريها في شرق “البحر المتوسط”.

وقالت “وزارة الخارجية” التركية، إن: “تركيا لن تخضع لتهديدات ولن تتراجع عن حقوقها في شرق البحر المتوسط، وستواصل أعمال التنقيب”​​​. وأضافت أن: “الاتحاد الأوروبي لا يرى الحقائق ولا يستطيع أن يتخذ قرارًا قانونيًا وعادلاً … من غير الممكن أن يلعب الاتحاد الأوروبي، الذي فقد صفته كلاعب حيادي في حل المسألة القبرصية، دورًا بناء ومفيدًا في شرق البحر المتوسط”.

ومعلوم أن “الاتحاد الأوروبي” قد ندد، في أكثر من مناسبة؛ بأعمال التنقيب التي تجريها “تركيا” داخل ما يعتبره المياه الإقليمية القبرصية، واصفًا إياها بأنّها غير شرعيّة.

وتعتبر “أنقرة”، تلك المنطقة في المتوسط؛ جزءًا من “الجرف القاري التركي”، وقد منحت عامي 2009 و2012 “شركة النفط الوطنية التركية” تراخيص للتنقيب فيها.

ويُذكر أنّه عثر في “الجرف القاري” وفي المنطقة الاقتصادية الخالصة التابعة لـ”قبرص” على حقول غاز. وتقول “تركيا” إن لها الحق في استغلال الثروات الطبيعية في هذه المنطقة، وقد أرسلت سفن حفر إليها، الأمر الذي وصفته، “قبرص”، بأنّه عمل غير قانوني لأنّه يمس بمياهها الاقتصادية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة