في خطاب وصف بالعابر للحدود أطلقت المرجعية الدينية العليا خطاباً شديد اللهجة على القوى السياسية منذ 2003 بدون استثناء..
حيث أكدت في خطابها الأخير على فشل القوى الحاكمة والماسكة للسلطة في تنفيذ مطالب المتظاهرين السلميين حتى في حدودها الدنيا, بجانب فقدان الثقة بتحقيق شيئ من الإصلاح الحقيقي على أيديهم , ما يعني تلاشي صلاحية بقائهم في السلطة.. كما أنها وفي خطابها اتهمت المكونات السياسية بأنهم سبب الفساد المتفاقم يوماً بعد يوم , والخراب المستشري على جميع الأصعدة، حين جعلوا الوطن مغانم يتقاسمونها فيما بينهم وتغاضى بعضهم عن فساد البعض الآخر , حتى بلغ الأمر حدود لاتطاق وهذا بحد ذاته إدانة للقوى السياسية لأنهم شركاء في الفساد، وتحدثت عن إيقاف الفاسدين وملاحقتهم وتجريمهم بنهب الوطن وسرقة خيراته .
المرجعية خلال خطبتها انذرت الماسكين للسلطة والذين يعتقدون ان بإمكانهم التهرب من استحقاقات الإصلاح الحقيقي، بالتسويف والمماطلة بأنهم واهمون إذ لن يكون مابعد هذه الاحتجاجات كما كان قبلها في كل الأحوال..
يرى مراقبون عارفون بشوؤن المرجعية الدينية أنها بهذا الخطاب، ربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى من اللجوء إلى الدعوة للخروج لتظاهرات مليونية، كواجب شرعي للإطاحة بالفاسدين ومحاكمتهم، والدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في البلاد وغيرها من مطالب تدعو إلى توفير فرص العمل للعاطلين وتحسين الخدمات والمستوى المعاشي .
أكدت في خطابها أيضا على ضرورة إحداث تغيير في النظام الانتخابي، وإقراره بعيدأ عن التدخلات الحزبية، والذي كان يخدم مصالحهم وزاد نفوذهم في السلطة, ومكنهم من مفاصل الدولة كافة ما جعلها تحاط بإخطبوط الفساد فأمسى خطرأ ينخر جسدها ويضرب مفاصلها وأركانها الحيوية, إلى جانب سعي الكتل السياسية النافذة إلى ضمان بقائها في السلطة من خلال تشريع قوانين فصلتها على مقاسها وبالتالي فأن وجودها الآن باطل..
إلى جانب الإحباط وتكرار الخيبات والخذلان الذي تعرض له الشعب العراقي من الحكومات المتعاقبة على حكمه، والتي أدت إلى الإحباط في الشارع العراقي وهو مادفع المسؤولين للاعتقاد بعدم حدوث احتجاجات بهذا الحجم وهذا الوعي حيث أزال الشباب السلميون هذه النظرية وأسقطوها .
أن سعة الفجوة بين الشعب وحكوماته المتعاقبة جعلت الأمور تسير نحو الانهيار، وأمام أخطاء الحكومة فإن هذا الجيل يعتبر نفسه “فاقداً لحقوقه الحقيقية” وهو ما تسبب بحالة الانهيار في الشارع وتحولها إلى انتفاضة شعبية ضد الحاكم، وهنا تقف الحكومة أمام جيل يمتلك ذهنية مغايرة تماما لجيل نشأ في سنوات النظام السابق، فجيل الشباب الحالي لا يعاني من الشعور بـ”المظلومية “فحسب بل سرقة خيراته وثرواته، ولعل الشعار الذي استخدمه ويستخدمه المتظاهرون “باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية” خير دليل على فقدان الثقة بالأحزاب السياسية والتي استخدم بعظها الدين كغطاء لها في الحكم .