تصاعدت في الأيام القليلة الماضية وتيرة الأحداث المؤلمة الخارجة عن نطاق الحراك الشعبي الذي باركه الناس واستبشرنا به خيرا وانحنينا له اجلالا وتقديرا ولا زلنا. ومنذ الأيام الاولى كانت تحدث بعض الخروقات لسلمية هذا الاحتجاج التي هي أغلى ما يملكه وأفضل ما يزهو به كتحرك احتجاجي متحضر يريد التغيير عبر وسائل نظيفة ومتحضرة وفي نفس الوقت مضمونة التأثير. وكنا كلما أردنا عزل المتجاوزين والخارجين على هذه السلمية عن حشود المحتجين الأبطال، قلنا المحتجين السلميين وهكذا درج الجميع على ذلك ابتداء من المرجعية الدينية الى كل الداعمين للاحتجاج والحريصين عليه وعلى مشروعه الاصلاحي النبيل وأهدافه السامية ، فصارت الاشادة والدعم للمحتجين السلميين كأنها تستبطن الرفض وحتى الادانة الضمنية للاحتجاج بالطرق الاخرى غير السلمية.
يبدو ان هذا الوصف “اي الادانة” غير المباشرة للأعمال والتصرفات البعيدة عن روح الاحتجاج وهدفه الحقيقي الذي هو الإصلاح اصبح غير كاف لايصال الرسالة المطلوبة لأولئك المتمسكين بأساليبهم غير السلمية او بالأحرى غير المسؤولة. لايكفينا ان نسمي من يعمد الى غلق المدارس ومنع الكادر التعليمي وتهديد التلاميذ واصحاب الاعمال وأساتذة الجامعات من مزاولة أعمالهم. لايكفينا بان نصفه بانه غير سلمي ولا يفي هذا الوصف بمن يعمد الى الحرق والتخريب والهجوم على رجال الأمن واتخاذ الاحتجاجات النبيلة غطاءا لأعماله الخبيثة. ان هؤلاء أخطر على الحراك من الفاسدين وعناصر الطبقة التي يراد تغييرها. من حقكم أيها المحتجون الشرفاء ان ترفضوا هؤلاء الذي يريدون تشويه حركتكم المباركة ومنعها من تحقيق أهدافها عبر عملية تشويه وإساءة كانت عن جهل وتخبط ام عن خبث وتقصد. لابد من الادانة لهؤلاء بصوت عال ودون لف او دوران. مهما كانوا والى اي طرف انتسبوا… طرف اول او ثاني او ثالث هؤلاء عليهم ان يدركوا انهم يلعبون لعبة خطيرة اكبر منهم ومن يقف خلفهم. علينا التنبيه الى ذلك وشجبه بمنتهى الصراحة والوضوح ، وإلا فسيكون الخاسر الاول هو الحراك نفسه والثوار أنفسهم وبالنتيجة سيكون بلدنا وشعبنا الخاسر الاكبر .
أيها الناس يا جميع الحريصين على مستقبل هذا الاحتجاج الذي قدم مئات الشهداء وآلاف الجرحى حتى الآن لبلوغ أهدافه السامية عليكم ان ترفعوا أصواتكم بإدانة هذا الاعمال قبل فوات الاوان. على كل محتج ومؤيد له وعلى كل جماعة او حزب او منظمة او جمعية او اعلامي او اعلامية او شاعر او شاعرة او فنان اوفنانة ، وعلى كل إمرأة ورجل مؤثر في شبكات التواصل الاجتماعي وعبر الفضائيات وفي الشارع والمدرسة وغيرها من وسائل التواصل مع الناس، عبر العالم الافتراضي او على ارض الواقع عليه ان يدين بلسان عربي فصيح هذه الاعمال قبل ان ترتد علينا جميعا بما لا يحمد عقباه. علينا التحرك بسرعة وإلا فسنكونشركاء في المسؤولية عن كل قطرة دم تراق او دمعة ام ثكلى او طفل يبكي مدرسته المغلقة او حرقة عامل يمنع من الوصول الى عمله ويعجز عن توفير لقمة عيش لأولاده. ليكن لنا بمحتجي ذي قار الأبطال مثالا يحتذى حين أعلنوا ببيان رسمي براءتهم من المتجاوزين الذين يظهرون في غير الأماكن المخصصة لمظاهراتهم ويهاجمون هذا الهدف او ذك لأي سبب كان. لقد قالوها صراحة ان هؤلاء ليسوا منا لا ينتمون لهذا الشرف الاحتجاجي الاصلاحي الرفيع. ولعلم هؤلاء ان الشعب لن يغفل عنهم وهم يعبثون في هذا الوقت الحرج بأمنه ويستهترون بمصالحه ويسيئون الى تاريخه وسمعته والأنكى من ذلك كله يسفكون دم شبابه من اي فريق كانوا. انه سيستخرجهم في الوقت المناسب من جحورهم ليحاسبهم على كل قطرة دم سالت او كرامة هدرت اوحرية صودرت او سمعة لطخت بسبب أعمالهم. اخاطب الجميع وخصوصا من علقوا على هذه الحركة امالهم ووضعوا فيها كل ثقتهم. لقد دقة ساعة الحقيقة وعلى الجميع التحرك قبل ان يخطف هؤلاء هذه الحركة الاحتجاجية الحبلى بالامل و المرصعة بالمجد والكبرياء.
ولنا حديث اخر مع الحكومة والأحزاب الممسكة بمقاليد السلطة عما قريب.