للكلمة الحرة الصادقة دور كبير في تغيير الواقع وتحديد الاهداف المؤمل بلوغها وتعيين السبل الكفيلة بالنهوض والرقي .
ربما يتعرض صاحب الكلمة الحرة الصادقة الى الكثير الكثير من المعاناة بل في الاغلب يعرض حياته للخطر خاصة في ازمنة حكم السيطرة او الاحتلال او الاستبداد .
ولكن ورغم كل شيء يبقى صاحب الكلمة والرأي الحر متمسكا بالمبدأ ولذا يبذل في سبيل الوصول لتحقيقه كل التضحيات.
وفي تاريخ الصحافة العراقية رواد منحو الكلمة والرأي كل ما يمكن ان يقدم من تضحيات ولم يتراجعوا عن مبادئهم رغم ما واجهوا من صعوبات ومخاطر.
من بين هؤلاء اخترت مثالا هو اديب امتهن الصحافة وعاش لها, مناضل من اجل قضية عادلة الا وهي استقلال بلده وامته الا وهو أحمد عزت الاعظمي الذي عرفته الصحافة العراقية في عشرينات القرن الماضي ,اجل عرفته صحفيا ومناضلا لأهداف نبيلة غايته الاولى تحرير وطننا من السيطرة والاحتلال والنفوذ لأي جهة او اي دولة وما يؤسف له اننا وفي هذا الوقت مازلنا نعاني من محاولات الاخرين ليبسطوا نفوذهم او يجعلوا من بلدنا العراق ساحة للصراع او تصفية الحسابات. لنعد الى احمد عزت الاعظمي…..
من هو أحمد عزت الاعظمي: مفكر عربي رائد. خدم الوحدة العربية واعطاها كل جهده وتحمل في سبيلها الكثير من الصعاب والمتاعب كان مخلصا في اداء رسالته, واجه الصعاب وانتصر في تلك المواجهة من خلال اعتماد الصدق والايمان بالقضية المتمثلة باستقلال البلاد العربية ومحاربة الهيمنة الاجنبية من خلال انتمائه للجمعيات السرية وتأسيسه للصحف والمجلات وكتاباته في مختلف الصحف وكان رأيه في العروبة سببا لتعرضه للكثير من المضايقات والمتاعب في ظل ظروف بالغة القسوة كادت ان توصله الى حبل المشنقة.
درس الحقوق في الاستبانة
عمل في الجمعيات العربية كالمنتدى الادبي والعلم الاخضر التي اسسها مع رفاق له خلال الحرب العالمية الاولى سنة 1914 وهي جمعية سرية لنشر المبادئ العربية.
حرر في مجلة اللسان التي اصدرها(علي رضا الغزالي)في تموز سنة 1919م فقد ذكر الحسني ان اللسان ((مجلة شهرية تاريخية اجتماعية علمية ادبية مصورة بانتظام عاما كاملا ,وصدر العدد الاول والثاني من سنتها الثانية لاندلاع لهيب الثورة العراقية سنة1920)).
اصدر مجلة لسان العرب التي ظلت تنطق بلسان الامة العربية اكثر من سنتين وكانت تسمى في سنتها الاولى ( المنتدى الادبي)وقد ذكر الذين كتبوا عن المنتدى الادبي ان المنتدى كان يجمع كل الطلاب العرب ويبث فيهم الفكرة القومية ونهضة العرب من خلال قراءات تلك النشرات عليهم يقول الاستاذ بطي ((وبكلمة ان المنتدى قد غزى افكار الشبان واشبعها بفكرة اللامركزية والاستقلال العربي , فالأستاذ عزت اذن مدرسة تبشر بالمبادئ القومية والنهضة العربية ,وليس صحفيا عربيا نزيها فحسب))واغلقت عند نشوب الحرب العالمية الاولى.
اصدر مجلة (المعرض)في تشرين الثاني سنة 1925بحسب ما ذكر الاستاذ مير بصري . وقد ذكر المؤرخون لهذه المجلة انها كانت تؤمن بالقضية العربية وتعبر عن هذا الايمان بأسلوب ثوري تحريضي وقد احس الاتراك بخطرها وراحوا يلاحقون صاحبها فقبضوا عليه وساقوه الى ديوان الحرب العرفي في عالية تلك المحكمة العرفية التي نصبها قائد الفيلق الرابع جمال باشا لمحاكمة احرار العرب .
يقول مؤرخ الصحافة المرحوم بطي):ان الاعظمي قد تعرض بسبب آرائه الجريئة الى كثير من المضايقات والاهانات ,فوالي بغداد (ناظم باشا) لم يتورع عن ضربه بيده بعد ان جاء به الى ردهة استقباله في ديوانه وصار يضربه ضربا مبرحا في عصاه على مرأى ومسمع من الجمهور. لهذا السبب وحفاظا على حياته هرب الاعظمي الى سوريا ولكن الخطر لم ينفك عن ملاحقته اذ كاد جمال باشا ان يقضي عليه حين سيق الى تلك المحكمة التي نصبت لمحاكمة المشتغلين بالقضايا العربية اذ نجى الاعظمي بأعجوبة من الشنق .
للموضوع تتمة في حلقة اخرى