لئن کانت هناك معارضة إيرانية من مختلف المشارب والاتجاهات والاطياف، لکن المجلس الوطني للمقاومة الايرانية بما يعبر عن تمثيله لمعظم أطياف وأعراق ومکونات الشعب الايراني الى جانب طرحه کبديل سياسي ـ فکري جاهز لنظام الجمهورية الاسلامية الاسلامية وإمتلاکه لبرنامجه سياسي شامل لإيران مابعد سقوط هذا النظام وکذلك کونه يتمتع بديناميکية متميزة في تحرکاته ونشاطاته السياسية والاعلامية والفکرية ولدوره وحضوره المستمر على الصعيدين الداخلي والدولي، فإنه يشکل صداعا وأرقا مزمنا للنظام الايراني ينقلب أحيانا الى کابوس مرعب عندما تتناقل وسائل الاعلام الاقليمية والعالمية لنشاطاته وتحرکاته وتصريحات زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي.
مراجعة الاعوام الماضية، حافل بسجل طويل عريض من الحملات المشبوهة التي قادها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضد المقاومة الايرانية في سبيل التشکيك بها والنيل من دورها وحضورها الدولي، خصوصا من خلال شبکة من الجواسيس و العملاء الذين تم إفتضاح عدد ملفت للنظر منهم، غير أن الذي يجب أخذه بنظر الاعتبار هو أمرين مهمين:
أولهما: النظام لايکف ولايتخلى أبدا عن محاولاته ومساعيه المشبوهة عبر حربه الخاصة ضد المقاومة الايرانية ويستمر فيها رغم الفشل و الاخفاق الذي يحققه بهذا الصدد.
ثانيهما: المقاومة الايرانية متيقظة ونبهة على الدوام ازاء الحملات النفسية والسياسية و الامنية وغيرها التي يشنها نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية ضدها وبشهادة الاعداء و بشهادة قادة النظام نفسهم فإنها ليس صمدت بوجه هذه الحرب وانما أيضا إنتقلت من اسلوب الدفاع الى الهجوم، خصوصا بعد إنتفاضة 28، ديسمبر/کانون الاول 2017، التي کانت لها دورا إستثنائيا فيها بشهادة المرشد الاعلى الايراني نفسه ونجاحها الباهر في تهيأة الارضية المناسبة لإنتفاضة تشرين الثاني 2019، والتي أصابت النظام بحالة غير مسبوقة من الذعر والهلع.
أهمية وجدية حرب طهران ضد المقاومة الايرانية يأتي من کونها کما أسلفنا تشکل وبإعتراف مختلف المراقبين والمحللين السياسيين، البديل الجاهز للنظام ومن إنها تحمل برنامجا سياسيا ـ إجتماعيا ــ إقتصاديا ـ فکريا شاملا للأوضاع في إيران، ومن هنا فإن النظام الايراني يصرف جل جهدها في مواجهة وکبح جماح الصعود والتألق لهذه المقاومة والسعي للحد من دورها ونشاطها، غير إنه وبعد الانتفاضة الاخيرة فقد صار واضحا بأن هذه المهمة قد صارت في حکم المستحيلة على النظام الذي تضعضعت قواعده وأرکانه لأن المنتفضين قد بادروا الى مهاجمة المقرات والمراکز الامنية والقمعية وکذلك المراکز الدينية الخاصة بالنظام، ناهيك عن ترديد شعارات ضد النظام وضد خامنئي نفسه ويبدو واضحا بأن مطلب التغيير صار أکثر وضوحا في الانتفاضة الحالية خصوصا وإن التلاحم بين المقاومة الايرانية وبين الشعب الايراني وتشکيل جبهة ضد النظام يمکن تسميتها جبهة التغيير الجذري في إيران، يثبت بأن التغيير قد صار مطلبا أساسيا لابد منه مهما کلف الامر.