بغداد – كتابات
رسالة ضمير علها توقظ ما تبقى من شجاعة لرئيس الوزراء العراقي في اتخاذ القرار المناسب ولو تأخر قبل أن تنتصر الثورة رسميا ويسجله التاريخ حاكما دمويا قتل شعبه.
تلك التي وجهها الكاتب والشاعر والأديب والفنان والإعلامي عبد الحميد الصائح إلى رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي..
“الصائح” بدأ رسالته بقوله: قبل التحية.. هل يملك السيد عادل عبد المهدي إمكانية تحرير مختطف أو معتقل؟ هل يعرف كمّ الأغتصاب والتعذيب الذي يُرتكب يوميا في ظلّ سلطته .. أين لواء الداخلية المختفي بعد أن شاهدتَ بنفسك العجلات التي اختطفتْه في وضح النهار..؟ وانت تشكو وتلوذ بالشجب والكلمات والهَلع ، وتلمّح تلميحَ الخائف الضرير !.
ثم يُصعد من كلمات رسالته إلى عبد المهدي بقوله: انتهى زمنك ياسيدي.. لقد تورطتَ في أسوأ مايمكن أنْ يكون عليه مسؤول،لا أنتَ قويٌّ فتحكم وتأمرُ وتعاقِبْ، ولا أنتَ مستسلمٌ لواقِعك فتترك السلطةَ الوهميةَ، التي أصبحت مُهينة وغير مأسوف عليها وان تستجديها من أهل الدين العاجزين عن انتشالك او من شيوخٍ خدّج لايفقهون .
ويتابع بتذكيره أن “جميع من حولك من ضباع الفساد أبقوك كي لايسقطوا، يتعلّقُون بشعرّةِ وجودك الرمزي، فأصبحت حصانأً هزيلا في السباق، مغامراً في الهلاك، محاطا بتصفيقهم.
ثم ينبه الكاتب رئيس الوزراء إلى أن الثورة ستنتصر ويقول:” هاهو شعبُ بلادك يُسقط سلطتك وسلطةَ من سلّطوك، فلا تأمل أنْ ينجح القمع والموت في إفراغ الشوارع لتنام هادئا هانئا على جثث الشهداء… لقد طفحتْ أرضُ العراقِ بالسوءِ والشرْ ، وغَضِبَ الحليمُ الذي سلبتم حقوقه ودمه وحاولتم سلبَ عقله وتجهيلَه،كنتم تستفزونَه في كلّ شيء مع أي قرار وأية مباحثات وأي مظهر للنهب والسلب والاستيلاء على أرزاق الناس وحياتهم وعواطفهم، يكفيكم جيلٌ واحدٌ فقط إلا قليلا، فأنتم جميعا لستم بناة دولةٍ تدوم ونظامٍ يعرف العدلَ والإدارة.
ويواصل الكاتب “الصائح” تفسير الاتهامات التي تورط فيها عبد المهدي ونظامه بقوله: أنتم نظامٌ يقتل مغمض العينين،يأكلُ أبناءه اليوم لا لذنب، فقط لأنهم صدقوكم، صدقوا كلامَ الحقْ ووعد الحق والإصلاح والاستشهاد والبذل واسترخاص الدم، خذلتموهم وأهنتم كرامتهم وسيّدتمُ الغرباءَ عليهم، فثاروا عليكم .. حتى صارتْ البراءة منكم ياسيدي تاجا على رؤوس النساء والرجال، الشيخ والطفل والطالب والطبيب والمهندس والعامل والفلاح والعالِم والإنسان البسيط.
ينصح الكاتب رئيس الوزراء بعدم تكرار خطأ النظام السابق بقوله: لا تأخذوهم إلى المجهول ولاتلقوا بهم كما ألقى بهم صَدّام إلى شِراكِ المؤامرات والتسلل الخارجي.
ويعيد التأكيد عليه بأن الشارع لن يتراجع عن ثورته، فكتب يقول: الوطن مسؤولية الثوار والشعب مسؤوليتكم ، هم يؤدون ماعليهم بالتضحية والثبات لإسقاط أقنعة التخريف والثورة على التبعيّة والفساد،وأنتم تلوذون بالظلام والجريمة والتهم الرخيصة وتصيّد الظواهر وإعلام الذباب كي تتهربوا من هذا الاستحقاق التاريخي العظيم.
يواصل الإعلامي والأديب والكاتب النصيحة بلغة مهذبة رغم قسوة الكلمات فيقول: دولة السيد عبد المهدي..لاتغرينّك نصائح الراجفين أو طمأنة المجرمين، فمن يقف ضد الثورة لاضمير له، فهذا يوم الحق الذي يميز بين الطيب والخبيث، وقد تناءى للناس جميعاً أنك تشارك في خطة الشر، بعدم إنجاح التظاهرات حتى وإن كان إنجاحا رمزيا؛ لأنّ نَجاحَها كفيلٌ بإشعال الثورة في بلدان أخرى، فوافقتَ صاغراً على أن يكونّ العراق مرة أخرى ضحية لذلك.
ثم يتساءل الكاتب: كم كم من قوافل الشهداء والجرحى والمكلومين تحتاج في حربك المفتوحة مع شعبك لتقتنع بأنك أجرمت وقتلت ودخلت في نادي السفاحين.
وأخيرا يختتم الشاعر رسالته بتذكيره وتحذيره: اقتلْ ماشئت وأنت ومن تلمح راجفا إليهم.. فلن يكونَ الدمُ العراقيُ رخيصا كما يتوهمون، وراقِبْ من آخر أيامك كيف تُداسُ الكرامة ُالوطنية في زمنك وكيف سينتصر الدم على السيف، فما قللّ السيفُ عزماً، ولا أبْطَلَ سَفكُ الدماء حقا، فالحقّ بيّنٌ والباطلُ بيّن، اعرفْ الحقْ تعرفْ رجاله.. ويفترض أنكم بذلك تؤمنون.