28 نوفمبر، 2024 4:55 م
Search
Close this search box.

ساحة التحرير.. ميرفت الخزاعي: هل بإمكانك الوقوف مكتوف الأيدي فيما تطرق ثورة التغيير بابك

ساحة التحرير.. ميرفت الخزاعي: هل بإمكانك الوقوف مكتوف الأيدي فيما تطرق ثورة التغيير بابك

 

خاص: حاورتها- سماح عادل

أثبتت المرأة شجاعتها قوتها وصمودها في الثورة العراقية، ما بين مسعفة، وسيدة تجهز الطعام لأبنائها الثوار وأخرى تغسل ملابسهم، وأخرى تقف معهم في مواجهة السلطة وعنفها، كانت المرأة العراقية شريكة النضال وما تزال.

تواصلت (كتابات) مع الكاتبة ” ميرفت الخزاعي” إلى الحوار:

(كتابات) هل اشتركت في تظاهرات سابقة؟

  • تظاهرات البصرة العام الماضي ضمت عدد كبير من البصريين، أفرادا ومؤسسات، فشاركنا في وقفة اتحاد الأدباء والكتاب في البصرة التضامنية والمناصرة لابناء البصرة.

(كتابات) كيف كان إحساسك في الأيام الأولى للثورة؟

  • الترقب، القلق، الفضول والخوف شعور وأحاسيس لازمتنا في الأيام الأولى فعدد كبير من الشباب  انضموا لهذه التظاهرات وخرجوا بصدورهم العارية فقط في مواجهة الموت.

(كتابات) متى قررت النزول إلى ساحة التحرير؟

  • منذ الأيام الأولى لاندلاع الثورة، تمنيت التواجد في ساحة التحرير لكن بعض العوائق والظروف العائلية والمجتمعية حالت دون تحقيق ذلك الحلم الذي ظل يراودني، حتى بعد مشاركتي مع الأخوات والصديقات ورفيقات الأدب في ساحات الاعتصام والتظاهر في البصرة في شهر تشرين/ أكتوبر.

(كتابات) صفي لنا إحساسك أول مرة نزلت ساحة التحرير؟

  • ما أن وطأت أقدامنا أرض بغداد  يوم 3/11/2019 حتى انطلقنا  من المطار مباشرة لساحة التحرير وسط العاصمة. سيظل هذا اليوم حيا في ذاكرتي لارتباطه بحدث غير مجرى حياة شعب بأكمله، كنت قد زرت بغداد قبل عام تقريبا وربما مررت بالمكان نفسه لكن هذه المرة كان له طعم ونكهة مختلفين. انتابني شعور مختلط بين الفرح والحزن و الفخر والخجل حد البكاء.

(كتابات) هل جيل الشباب الذي هو قوام الثورة يختلف عن الأجيال التي تسبقه.. وما هي الاختلافات؟

  • لهذه الثورة طابعٌ مختلف فجيلها فتي جدا، معظمه من الشباب والمراهقين، ظن كثيرون بأنه طري العود لكنه ما أسرع ما تصلب وصار كالحجارة، فقد صقلته دموع الأمهات وشحذته الآلام والأحزان. ربما لم تكن مشاعر هذا الجيل ظاهرة أو بادية عليه  فالصورة التي رسمتها أذهان الناس أن أفراده أبطال عصر التكنولوجيا والثورات الرقمية والألعاب الالكترونية، ولم يدر بخلد أحد أنهم يكتنزون كل هذه  العاطفة والغيرة والحمية والإحساس العالي بالمسؤولية.

(كتابات) في البداية كان هناك لوم من البعض لعدم مشاركة المرأة في الثورة ثم ومن يوم ٢٥ وجدنا تواجد كثيف للنساء من كل الأعمار وأعمال جليلة قامت بها النساء من طبخ لإسعاف لتوفير أدوات طبية وأدوات للإعاشة.. حدثنا عن ذلك؟

  • في أي من التظاهرات السابقة شاركت النساء فيها بشكل محدود وعلى نطاق ضيق، أما حين يكون مستقبل الحياة على شفير هاوية يصبح الوضع مختلفا.

كما أن الثورة ليست حكرا على جنس دون آخر، لذا كان  للمرأة العراقية  موقع في ساحات الاعتصام والتظاهرات فحرصت على التواجد هناك ودعم المتظاهرين بما يحتاجون إليه، وتوفير المستلزمات الطبية والدوائية والعلاجية والغذائية والخدمية، فقامت بإسعاف جرحى التظاهرات وتنظيف الشوارع المحيطة بالساحة وما حولها، والأنفاق ورفع الأوساخ عنها وغسل ملابس المتظاهرين والمعتصمين وإعداد وطبخ وجبات الطعام لهم سواء في داخل الساحة أو من خارجها،، فكان البعض منهن  يقمن بتحضير الطعام في بيوتهن وإرساله لمتظاهري الساحة.

حملنا معنا علبة كمامات طبية ( mask) وعدد من النظارات والكفوف الخاصة لحماية المتظاهرين من قنابل الغاز المسيل للدموع وهو شيء بسيط جدا أمام ما يقدمه هؤلاء الشباب الوطنين. قدمناها لإحدى المفارز الطبية القريبة من جبل شهداء التحرير( المطعم التركي).

(كتابات) هل إحساسك بالوطن اختلف بعد تلك التظاهرات ومشاركتك فيها؟

  • الوطن يسكن كل ذرة من كياني وروحي منذ ولادتي وطوال سنين حياتي، لكن المظاهر التي امتلأت بها ساحات الاعتصام والتظاهرات في عموم العراق أضافت لهذا الشعور بعدا أعمق وأقوى، فقد قربت الأجيال والشرائح المختلفة  للمجتمع فتماهت.

(كتابات) ظهرت تعاملات إنسانية راقية في ساحات التظاهر.. هل الثورة خلقت وعيا إنسانيا جديدا بين المشاركين في رأيك؟

  • الوعي كان موجودا فعلا، لكن ما أيقظه من سباته وأزال عنه طبقات الركود التي غطته، انضمام الطلبة وخريجي الجامعات للثورة وأصحاب المهن البسيطة الذين ضربوا أروع الصور الإنسانية الراقية، فقد كان أصحاب المركبات الحديدية البسيطة (التكتك) ينقلون المتظاهرين والجرحى والمصابين والشهداء مجانا، وهذا إن دل على شيء فهو يدل على أنه بإمكاننا تجاوز الكثير من الفوارق الطبقية بل حتى المجتمعية إذا ما تعاملنا برقي إنساني وسمو أخلاقي.

عانى العراق وطوال سنين من غزو  جذور الفتن والطائفية ونباتاتها السامة  لأرضه، ومحاولتها التسلق على الجسد العراقي وامتصاص طاقة الحياة منه.  لذا دأب العراقيون على نزع تلك المظاهر باستمرار فهي دخيلة على بنيتهم وبيئتهم، ولم تكن يوما جزء منها، وهذا ما ظهر واضحا في  تآلف أبنائه وتعاضدهم ووقوفهم يدا واحدا بوجه الفساد والظلم.

(كتابات) ما هي توقعاتك بشأن الثورة وما هي أحلامك التي تتمنى تحقيقها؟

  • ثورة التغيير نحجت نجاحا كبيرا وأكبر منجزاتها هو انتشار الوعي المجتمعي والإنساني والثقافي العالي، وظهوره إلى سطح الحياة.

كما أغلب العراقيين أتمنى أن تعاد صياغة الدستور بماويتلاءم مع هذا التغيير العميق الذي حصل، عملية إصلاح محطات واقع الحياة المختلفة (التعليمية، الصحية، الخدمية) وغيرها، لا تتم بلحظة لكنها ليست بمستحيلة وهذا ما بان في الخطوات التي قام بها المتظاهرون والمعتصمون من إعادة إعمار لكثير من المباني والشوارع والأنفاق التي ظلت متروكة ومهملة لوقت طويل في مدة قياسية.

(كتابات)  في رأيك العنف المفرط التي تعاملت به السلطة ساعد على انضمام مزيد من العراقيين للثورة أم لا؟

  • السلم مقابل العنف، السلم ينتصر لأنه مدعوم بالحق أما العنف ولأنه مدعوم بالباطل فجولاته معدودة. ثم هل بإمكانك الوقوف مكتوف الأيدي فيما تطرق ثورة التغيير بابك وأصوات الرصاص والاطلاقات الحية وقنابل الغاز المسيل للدموع والشباب العزل الحالمين بوطن جميل تصكُ أسماعك. الوطن ملك للجميع لذا هب الجميع رجالا، نساء، شيوخا بل حتى أطفالا.

(كتابات) هل فكرت في كتابة نصوص عن الثورة ؟

كتبت نصوصا قصيرة عند بداية اندلاعها  لكن المشاركة وخوض التجربة  يعطي للنص طابعا حيا.

وهناك نصا قصيرا  قمت بكتابته:

للساحاتِ أفواه وأقلام

حتى الحجارة هناك تتحدث

تئنَ الأرض حين يغسل الدم وجه الطرقات

أزهار، براعم، حمائم

تلك عناصر ساحة التغيير

وأهم معالمها جبل من الحب يطفو

فوق نفايات الأحزان

الصوت صوت الشعب

اش اش تلك كمامةَ صديق وخوذة آخر

وعكازة ثالث

أسلحة بريئة

كل شاب مشروع وطن وبيت وحلم

سائق التكتك صغير لكنه ضميره كبير بحجم الوطن

يرفض أخذ الأجرة،

مشاهير خلف الأضواء والأقنعة

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة