23 ديسمبر، 2024 6:53 م

الشباب المثقف العامل وعقبات الطريق

الشباب المثقف العامل وعقبات الطريق

الشباب المثقفون في زماننا هذا قليلون خصوصا إذا ما نظرنا نظرة واقعية وحللنا الأمور وفق المعايير الثقافية ومبادئها الصحيحة الواجب توفرها فيمن يستحق أن يسمى مثقفا خصوصا إذا ما راعينا المعايير الصحيحة من قبيل القدرة النقدية والقدرة على تحريك المجتمع وغير ذلك , وبالرغم من تلك القلة التي اشرنا إليها نجد ومع كل الأسف الشباب المثقف العامل يشكل عملة نادرة من بيت تلك القلة من الشباب المثقف وهذه العملة النادرة أصبحت كذلك لأسباب كثيرة ربما سنخوض فيها لاحقا , هذه القلة النادرة انطلقت في عملها بوجه عام من باب تأدية الرسالة التي هي مهمة صعبة وحمل يثقل الكاهل , أما المثقفون الإسلاميون  فهم يعتبرونها مسؤولية وواجبا حملوه باختيارهم الذي أرسل به محمد بن عبد الله ( ص ) منهجا في حياتهم منطلقين من قوله سبحانه وتعلى (( وقل اعملوا فسيرى الله وعملكم ورسوله والمؤمنون )) هذه الآية التي تشير في مضمونها إلى معان كثيرة منها أهمية الانطلاق بمشاريع العمل في الأمة وتتعدى إلى ضرورة إتقانه خصوصا في ضل وجود من يقيّمون الأداء , المهم أن هؤلاء الشباب المثقفون العاملون وباختلاف توجهاتهم الفكرية والدينية يواجهون بكثير من العراقيل والعقبات التي تقف في وجوههم وتحاول صدهم عن مساعيهم وأول تلك العقبات هي النظرة الاستهزائية من أصحاب الجهل المركب ونظرة هؤلاء ناتجة عن جهلهم الذي لا يحتاج إلى تحليل , وربما تكون وطأة ما يفعلون اقل من أصحاب الجهة الثانية وهم المثقفون الصامتون من أصحاب المثالية المفرطة ممن يرون بأنهم خلقوا لغير زمانهم فهم الثريا وكيف لهم أن ينزلوا إلى مستوى الثرى وطبيعة عملهم تكون نقدا ربما يكون بعض  منه بنّاءا من جهة ولكنه بعيد عن الواقع من جهة لأنه ناتج نظرة خيالية ناقصة المعالم والمعلومات , أما  العقبة الثانية فتتمثل بالإهمال المتعمد من قبل أصحاب الشأن في المجتمع , ممن بيدهم الحل والعقد كما يقال , من العاملين ممن هم اكبر سنا وربما أكثر تجربة وهؤلاء يكون عملهم نابع من ظاهرة الحسد والنظرة  الدونية للآخرين فهم  يرون بأنهم الأقدر على أداء المهام وتحقيق الأهداف أما الآخرين فهم ليسوا أهلا لذلك وبذلك لا يتيحون حتى فرصة قليلة للشباب لإعطاء رأيهم في أي قضية حتى وان كانت متعلقة بهم ,
وثالث العقبات يتمثل بالتسقيط الذي يكون رجاله ممن لهم سطوة في المجتمع هذه السطوة الناشئة من طبيعة مركزهم الاجتماعي أو الديني الذي له تأثيره في مجتمعنا حاليا , فصار هؤلاء يطلقون التهم جزافا واحدة تلو الأخرى بسبب عدم فهم أفكار الشباب وطريقة العمل التي يتبعونها وسبب اختيار هذه الطريقة دون غيرها , هذه العقبات الثلاث وهنالك  غيرها ممن هي اقل أهمية تعتبر بمثابة الجدار الصلب وحجر العثرة في طريق العاملين الشباب من أصحاب الأفكار البناءة  والأساليب العملية البعيدة عن الكلاسيكية المعتادة والنابعة عن واقعية ناتجة عن تماس مع ما يجري وقراءة صحيحة للواقع , بالرغم من كل ذلك لا زال هؤلاء المثقفون الحقيقيون مستمرون بنهجهم حاملين إصرارا وصبرا لا يحمله الكثير من العاملين من أصحاب التجارب والإمكانيات المادية وغيرها , وهذا هو المطلوب لإكمال المشوار والوصول إلى الطموح بتقديم خدمة للناس والارتقاء بواقعهم المتردي نحو الأفضل .