خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في خطوة من شأنها ضياع المستقبل السياسي لرئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، حيث اتهمه المدعي العام الإسرائيلي رسميًا، أمس، بالفساد، ما يثير مزيدًا من الغموض حول من سيقود البلاد وسط فوضى سياسية، بعد إجراء انتخابات مرتين هذا العام دون نتيجة حاسمة.
وأعلن المدعي العام، “أفيخاي ماندلبليت”، القرار في بيان، وتشمل التهم الرشوة، وخيانة الأمانة، والاحتيال في الملف (4000)؛ المعروف بقضية شركة الاتصالات “بيزك”.
ووجهت له تهمة الخداع وخيانة الأمانة في الملف (1000) المعروف بتقديم هدايا من أنواع فاخرة من السيجار، والشمبانيا، والمجوهرات.
وقرر المدعي العام أيضًا اتهامه بالخداع وخيانة الأمانة في الملف (2000)؛ المعروف بقضية (يديعوت أحرونوت)؛ أكثر الصحف العبرية انتشارًا، لمحاولة التوصل إلى اتفاق مع الناشر مالك الصحيفة للحصول على تغطية إيجابية، وذلك خلال فترة ولايته رئيسًا للوزراء ووزيرًا للاتصالات.
محاولة انقلاب لإسقاط حكومته اليمينية..
وسارع “نتانياهو” في الرد على تلك الاتهامات، قائلًا إن قرار الاتهام الصادر ضده من جانب النائب العام الإسرائيلي يرقى إلى محاولة “انقلاب” لإسقاط حكومته اليمينية. ورغم هجومه على المدعي العام أكد “نتانياهو” احترامه للقضاء.
وأضاف “نتانياهو”، في الخطاب، الذي وصف بـ”الهجومي”؛ أن: “التهم الموجهة لي ذات دوافع سياسية”. وبدأ كلامه بالقول: “أنا ملزم بأن أقول لكم إنه يوم صعب جدًا، وهو يوم صعب لمؤيديَّ ومحبيني”.
ووصف “نتانياهو” ما جاء على لسان النائب العام: بـ”انقلاب سياسي على رئيس الوزراء؛ باتهامات مفبركة وتحقيقات ملوثة ومغرضة”.
وأكد “نتانياهو” أنه: “مستمر بقيادة الدولة بالرغم من لائحة الاتهام”، مهاجمًا النيابة قائلًا إن: “المحققين تعاملوا (معه) وكأنهم يتعاملون مع عالم الجريمة”، متابعًا: “حان الوقت للتحقيق مع المحققين والنيابة”.
ولا يُلزم القانون “نتانياهو” بالاستقالة؛ لكنه سيصبح في هذه الحالة أول رئيس حكومة في تاريخ “إسرائيل” يواجه دعوى من هذا النوع. ويتمتع “نتانياهو” بالحصانة كونه نائبًا في “الكنيست”. غير أنه سيضطر للاستقالة إذا أُدين واستنفد كل وسائل الطعن في نهاية المطاف، وهو أمر يمكن أن يستغرق سنوات.
دعاوى باستقالة “نتانياهو”..
وفي أول رد فعل له بعد اتهام رئيس الحكومة الإسرائيلية، قال “بيني غانتس”، المنافس الرئيس لـ”نتانياهو”: “هذا يوم حزين جدًا لدولة إسرائيل”.
ودعا سياسيون إسرائيليون إلى استقالة “نتانياهو”، وقال القيادي في حزب (أزرق-أبيض)، “غابي أشكنازي”: “يجب على نتانياهو التفرغ للدفاع عن نفسه، وليس لإدارة الدولة”.
وقال النائب من حزب (أزرق-أبيض)، “عوفر شيلح”: “لا يمكننا السماح لشخص متهم بالإحتيال، وخيانة الثقة أن يكون رئيس الوزراء”.
وبدوره قال النائب، “أحمد الطيبي”، رئيس كتلة القائمة المشتركة، إن نواب المشتركة سيعارضون طلب “نتانياهو” بالحصانة من المحاكمة عندما سيقدمها للجنة “الكنيست”.
وطالب النائب، “أحمد الطيبي”، المستشار القضائي، “مندلبليت”، بإبداء رأيه رسميًا وبسرعة، هل يجوز لمن قدمت ضده لائحة اتهام بالرشوة والخداع أن يشكّل الحكومة ؟
وأضاف “الطيبي”: “نتانياهو عاث فسادًا سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وبادر للحروب والعدوان لخدمة أجندته الخاصة؛ والمخاوف أن يبادر لشن حرب أو عدوان بسبب تقديم لائحة الاتهام، والخطوة المطلوبة حاليًا هي مغادرة نتانياهو الحياة السياسية وفورًا”.
ثغرة في إجراءات المحاكمة..
وكان رئيس الدولة، “رؤوفين ريفلين”، قد طلب من “الكنيست” ترشيح نائب قادر على تشكيل حكومة لتجنب إجراء انتخابات ثالثة خلال عام واحد. وأكد “ريفلين” أنها: “المرة الأولى في تاريخ إسرائيل” التي لا يتمكن فيها أي مرشح من تشكيل حكومة، بينما لخصت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الوضع قائلة: “ماذا يجري الآن ؟.. لا أحد يعرف فعليًا لأنه لم يحدث من قبل إطلاقًا”.
وكشفت صحيفة (يديعوت أحرونوت) الإسرائيلية، مفاجأة فى إجراء محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلى، “بنيامين نتانياهو”، فعلى الرغم من اتهامه بالفساد، إلا أن الشرطة لن تستطيع القبض عليه تمهيدًا لتقديمه للمحاكمة؛ والسر فى ذلك أنه يتولى عدة مناصب، وهي أنه رئيس وزراء “إسرائيل” وعضو بـ”الكنيست” ويتمتع بحصانة برلمانية.
وأوضحت الصحيفة العبرية، أمام “نتانياهو” 30 يومًا كاملًة حتى تتم عملية المحاكمة وتقديمه للمحكمة بتهمة الفساد والإحتيال والرشوة، حيث سيتم عقد جلسة استماع بـ”الكنيست” وسيتم بعدها التصويت على رفع الحصانة، وذلك طبقًا للقانون الإسرائيلي.
سيحاول تأخير الاتهامات..
كما تقول صحيفة (غيروزاليم بوست) الإسرائيلية إن قرار الاتهام يمكن أن يغير مسار المفاوضات حول تشكيل حكومة جديدة ومن سيكون رئيس الوزراء الجديد في عملية “الكنيست” الحالية، التي تستمر 21 يومًا حول هذه القضية.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن المدعى العام، سيطلب من “الكنيست”، خلال الأيام المقبلة، التنازل عن حصانة “نتانياهو”، وهي عملية قد تستغرق 30 يومًا.
وترى الصحيفة أن “نتانياهو” يسعى جاهدًا لتأخير أي تأثير على سلطته من عملية الاتهام وقد يحاول استخلاص العملية لفترة أطول.
وذكرت الصحيفة الإسرائيلية أن الملف (4000)، هو أخطر الملفات التي يحاكم فيها “نتانياهو”؛ وسيتسبب في محاكمة “نتانياهو” أمام المحاكم الجنائية بدلاً من محاكم الصلح، وقد يواجه عقوبة السجن المحتملة لسنوات بدلاً من أشهر.
وبحسب (غيروزاليم بوست)؛ فإن أي إلتماس يقدم إلى “محكمة العدل العليا”، للمطالبة بإقالة رئيس الوزراء من منصبه، له فرصة كبيرة خاصة في ظل اتهامه بالرشوة.
وأكدت أنه وفقًا للقانون الإسرائيلي، يجب على رئيس الوزراء التنحي من منصبه إذا تم إدانته، ويسمح له القانون في البقاء في منصبه طوال فترة الإجراءات القانونية، بما فيها الاستئناف على الحكم.
عقد الصفقات بدلًا من المحاكمة..
وترى الصحيفة، أن محاكمة “نتانياهو” قد تستغرق أشهر عدة، ما يسمح ببعض الوقت لرئيس الوزراء لعقد الصفقات بدلاً من مثوله أمام المحكمة.
وتصل عقوبة الرشوة في “إسرائيل”، لنحو 10 سنوات و/أو الغرامة، بينما تصل عقوبة الإحتيال وإنتهاك الثقة إلى 3 سنوات سجن.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية، إن أنصار “نتانياهو”، في “الكنيست”، قالوا إنهم سيدعمون منحه حصانة برلمانية من المقاضاة، لكن من غير الواضح إن كان هناك عدد كاف من المشرعين لدعم الخطوة، حيث يقتصر دعمه في “الكنيست” حاليًا على 55 عضوًا من أصل 120.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد أعلن، في كانون ثان/يناير الماضي، أنه لن يستقيل من منصبه، حال توجه تهم له من قِبل المدعي العام الإسرائيلي، في تهم الفساد الموجهة ضده.
وقال “نتانياهو”: “وفقًا للقانون، رئيس الوزراء غير مُلزم بالاستقالة خلال عملية الاستجواب.. جلسة الاستماع لن تنتهي حتى سماع أقوالي”.
يواجه حرب مع الدولة..
من جانبه؛ قال المختص في الشأن الإسرائيلي، “عمر جعارة”، إن “نتانياهو” سيبقى في منصبه، ذلك أن توجيه الاتهام له لا يعني إثبات التهم الموجهة له، مشيرًا إلى أن القانون الإسرائيلي، يسمح له بالبقاء في منصبه.
مضيفًا أن: “توجيه التهم له ليس نهاية حياته السياسية، فالقانون يسمح له بالاستمرار في منصبه إذا وجهت له لائحة اتهام، لكن لا يسمح له بالبقاء في منصبه إذا صدر قرار من المحكمة في إسرائيل بإدانته”.
وتابع “جعارة”: “نتانياهو شخص قوي، وفتح في كلمة بعد توجيه لائحة الاتهام ضده، النار على الجميع، وبعض المحللين الإسرائيليين اعتبروه الآن في حرب مع الدولة بكل أجهزتها”.
وأشار المختص في الشأن الإسرائيلي، إلى أن أيًا من رموز (حزب الليكود)، مثل رئيس “الكنيست”، أو وزير الخارجية، “يسرائيل كاتس”، أو “غدعون ساعر”، أو غيرهم لن يستطيع تخطي “نتانياهو”.
ولفت إلى أن أمام “نتانياهو” جولة طويلة في المحاكم لدحض الاتهام، وخصومه السياسيين لا يعارضون ذلك، لكنهم يعارضون تحالفه مع الأحزاب “الحريدية” اليمينية.
سيلجأ للتصعيد العسكري على “غزة” !
وأكد الكاتب والمحلل السياسي، “جهاد حرب”، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، أمام خيارات صعبة للغاية، بعد اتهامه بالفساد والرشوة.
موضحًا إن: “نتانياهو قد يلجأ إلى التصعيد العسكري في قطاع غزة، في خيار يمكن أن ينقذه من السجن، ويسهم في حل أزمته”، مشيرًا إلى أنه سيسعى بكل جهده للفوز بالمنصب الذي يحصنه من المحاكمة.
وأضاف “حرب”؛ أن: “التصعيد في غزة وضرب فصائل المقاومة الفلسطينية ستزيد شعبية نتانياهو في الشارع الإسرائيلي، ما سيدفعه لتعزيز صورته في الانتخابات الثالثة للكنيست ويضمن له أصوات تشكيل الحكومة الجديدة”.
وتابع؛ أن: “نتانياهو يسعى لكسب المزيد من الوقت إما بالمماطلة في تشكيل الحكومة، أو التصعيد بغزة، الأمر الذي يؤكد أن المواجهة مع المقاومة باتت أقرب، خاصةً أن التصعيد الأخير لم يحقق أي نتائج للطرفين”.
ولفت “حرب”، إلى أن “نتانياهو” لن يتمكن من مواجهة الأزمة إلا بمواجهة عسكرية عنيفة تؤجل أي قرارات سياسية، وقضائية ضده، وتمحنه فرصة التأثير على أعضاء “الكنيست” الإسرائيلي والرأي العام للاستمرار في منصبه الحالي.
يُشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، أكثر رؤساء الحكومة استمرارًا في منصبه، منذ إعلان قيام دولة الاحتلال.
ويواجه معضلة البقاء في المنصب، بعد فشله في تشكيل الحكومة، وإسناد تشكيلة الحكومة لمنافسه زعيم حزب (أبيض-أزرق)، “بيني غانتس”، قبل أن يُكلف الرئيس الإسرائيلي مهمة تشكيل الحكومة إلى “الكنيست” بعد فشل الثنائي في التوصل إلى تشكيل للحكومة.