27 نوفمبر، 2024 2:56 م
Search
Close this search box.

كمت (30): استمر الصراع على الملك في عهد الأسرة الثانية عشرة

كمت (30): استمر الصراع على الملك في عهد الأسرة الثانية عشرة

 

خاص: قراءة- سماح عادل

في ملف (الحضارة المصرية القديمة)، ستكون القراءة في الكتاب الثالث في (موسوعة مصر القديمة) للكاتب المصري “سليم حسن”. (موسوعة مصر القديمة) هي موسوعة تاريخية ضخمة من تأليف عالم الآثار المصري الرائد الدكتور “سليم حسن” (8 إبريل 1893 – 29 سبتمبر 1961)، الذي يعتبر ثاني عالم آثار مصري يساهم في تأسيس علم المصريات باللغة العربية بعد “أحمد كمال باشا”، وقد بدأ تأليفها بعد إحالته للمعاش وهو في السادسة والأربعين من العمر فقط نتيجة خلاف بينه وبين القصر الملكي على مجموعة قطع أثرية طالب بها الملك فاروق بعد أن أعادها الملك فؤاد لتعرض في متحف القاهرة، وهذه الموسوعة تعتبر الموسوعة الوحيدة المتكاملة في التاريخ المصري القديم التي وضعها وألفها عالم واحد بمفرده، وقد تناول فيها شرحاً دقيقاً وتحليلاً مستفيضاً عن مراحل الحضارة المصرية منذ عصور ما قبل الأسرات إلى قرب نهاية العصر البطلمي، وذلك في 16 عشر جزءاً أضيف لها في طبعة مكتبة الأسرة ضمن مهرجان القراءة للجميع عام 2000 جزأين إضافيين هما كتاب “الأدب المصري” القديم ليصبح عدد مجلدات الموسوعة 18 مجلداً.

سكان المدن من الطبقات الوسطى..

هم سكان أحرار كانوا يتألفون من الطبقة الوسطى الحرة، ولكنهم لم يكونوا من الأشراف، يتم التعبير عنهم بكلمة “نزي” التي تعني صغير، متواضع، وقد ترجمها الأستاذ “جردنر” بكلمة “متواضع” مرة وبكلمة “مواطن” مرة، والحقيقية أن “نزي” تعني من غير الأشراف، ولكن أهل هذه الطبقة الوسطى كان منهم قوم مشاغبون وكانوا مقسمين عصابات سياسية مما يعني أن عشرة الرجال كانوا منتخبين من أهل المدن لإدارتها، وهناك نص يصف تطاحن الأحزاب فيقول: ” إنهم عنصر ثورة في المدينة، فهم كالرجل المشاغب الذي يبعث الشقاق في حزبين بين أهل الغني فذاا فهمت أن المدينة منحازة إليه وأن أعماله لا تحسب حسابا، فعليك أن تحضره أمام المجلس، وعاقبه لأنه ثائر والإنسان المؤذي للمدينة يكون مثل الثرثار وعليك أن تخضع الجمهور وأن تقمع هياجه “.

ويستنتج من ذلك النص أن هؤلاء السكان المدنيين كانوا متفرقين شيعا سياسية، وأنهم دائما ما كانوا على أهبة خلع الانصياع للملك، ومن جهة أخرى نجد الملك، وإن لم يكن يفرض الضرائب على أهل المدن، فإنه كان له نفوذ تشريعي إقطاعي، فالقاضي كان يحضرهم أمام محكمته ويحكم عليهم، والملك كان لا يتردد في أن يتدخل ويخضع الجمهور كما فعل ملوك ما قبل التاريخ، وملوك الأسرتين الأوليين الذين أرسلوا الحملات التأديبية إلى المدن.

في وسط نظام الإقطاع الذي كان في الدولة القديمة تحول المجتمع إلى ضياع يملكها الأشراف وأسس بين الأشراف والأحرار والعبيد نظام طبقات وراثي دقيق منظم اقتصاديا، وفي نطاق ضيق جدا كانت المدن، التي كانت مركز التجارة والملاحة، كسرت تلك القيود التي كان يضيق بها الأشراف الخناق باضطراد، وأحداث الثورة الاجتماعية التي اندلعت في هذه الفترة في المدن حفظت في احد المصادر التي تعد من أهم الشواهد التاريخية المؤثرة في العصور كلها، وهي التي تعرف باسم “تحذيرات متنبيء”.

فيها نرى الشعب يقتل الأشراف ويخرب دواوين المساحة ويتخلص من سلطة الملكية القديمة، وتسترجع المدن استقلالها الذاتي الذي كانت تتمتع به منذ ألف عام سبقت العهد الذي تم فيه توحيد السلطة على يد “مينا”.

الحكم الجمهوري في من الدلتا..

كانت كل مدينة، قبل توحيد “مينا”، تؤلف جمهورية لها حكومتها الذاتية، وسكانها الذين كان يبلغ عددهم عشر آلاف مواطن بالغ، كما في “أتريب” يعيشون أحرارا دون أشراف بينهم، ولكن كان يقلق راحتهم حياة سياسية شديدة قسمتهم أحزابا، وكانت محكومة بعشرة حكام في يدهم السيادة، وهذه المدن كانت محاطة بأسوار ولها جنود يسطرون على الأرضي المستوية التي تحيط بها ويحافظون على حريتها، وزراع هذه الولايات الصغيرة المدنية كانوا يزرعون القمح ويبيعونه في المدن ويصدرونه إلى الأقطار الأجنبية، وثروة المدن وقوتها كانت تأتي من تجارتها التي سهلت بفضل السفن إلي تجري على ماء النيل.

ومع ذلك كان لزاما على هذه المدن أن تخضع للإشراف الملكي لأن المشاحنات التي قسمتها أحزابا قد صيرتها تحت رحمة الملك، فقد خضعت حتى لا يمنع عنها النيل، وبذلك يعزلها عن باقي العالم، ويعطل نشاطها التجاري. ومع ذلك فإن السلطة الملكية لم تظهر في المدن إلا من خلال امتداد تشريع محكمة الملك الإقطاعية، وفي الالتزامات المفروضة وإمداد الجيش الملك بالمجندين.

الأسرة الثانية عشرة..

أمنمحات الأول

2000- 1970 ق. م

يحتمل أن يكون “أمنمحات الأول” مؤسس الأسرة الثانية عشرة هو نفس “أمنمحات” وزير الملك “منتوحتب الرابع” ومرجح أن يكون سلطان هذا الوزير أخذ يكبر حتى تمكن من الاستيلاء على العرش عنوة، ويقوى الظن أن “منتوحتب الرابع” هذا كان مغتصبا الملك ولم يكن صاحب حق وراثي فيه، كما أنه من الجائز أن يكون “أمنمحات” تولى العرش بعد وفاة “منتوحتب” مباشرة لما له من قوة ونفوذ في البلاط، وهذا الرأي الأخير يعد مقبولا إذا ثبت أن “أمنمحات” ينتسب إلى أاحد فروع الأسرة الملكية الشرعية القديمة، وهناك مصادر تاريخية تشير إلى وجود صلة دم بين “أمنمحات” مؤسس الأسرة الثانية عشرة وبين ملوك الأسرة الحادية عشرة.

“أمنمحات” أحيا في البلاد الروح القومية التي افتقدتها. عندما تقدم “أمنمحات” الأول في السن وكان هدفه القضاء على حكام المقاطعات الوراثيين الذين كانوا يدافعون عن استقلالهم بكل قوة، رأي أن يشرك ابنه الأكبر في تولي مهام الحكم معه، وهو نظام جرى عليه أخلافه من بعده، وقد زاد سلطان الملك بعد إشراك ابنه “سونسرت” في حكم البلاد فقد ظهر آثار ذلك في الأقاليم، إذ أخذ الملك يتدخل في شئون المقاطعات الخاصة كلما سنحت له الفرصة.

التعاليم المنسوبة إلى أمنمحات الأول..

تدل الشواهد على أن تعاليم “أمنمحات” لابنه “سونسرت الأول” كانت تحتل مكانة عظيمة بين الوثائق الأدبية والتاريخية التي خلفتها الدولة الوسطى، غير أن البحوث الحديثة تكاد تجزم أن هذه التعاليم لم تكن ل”أمنمحات الأول” وأنها كتبت بعد وفاته لتكون دعاية سياسية لابنه “سونسرت الأول”، وقد دلل الأثري الأستاذ “دي بك” على ذلك بأدلة قوية مقتبسة من صلب متن التعاليم نفسها، وكذلك من وثيقة عثر عليها بين أوراق “شستر بيتي”. ورأي  “دي بك” أم الملك “أمنمحات” قتل في مؤامرة قامت ضده في القصر، والقول أن ثورة قد بدأت و”سونسرت” بعيد عن العاصمة يتفق تماما مع بداية قصة “سنوهيت”.

والخلاصة أن هذه التعاليم كانت مقال سياسي في صورة قطعة أدبية صيغت لتقوية حزب “سونسرت الأول” حيث أسرع بعد موت والده إلى مقر الملك، وقد وصل في الوقت المناسب، وأفلح في تسلم الحكم.

أقام “أمنمحات” هرما بالقرب من مدخل الفيوم يبدو أنه كان على أنقاض بلده ترجه إلى عصر ما قبل التاريخ.

سونسرت الأول..

1980 – 1936 ق.م

حاول إرضاء الشعب بما أقام من مباني دينية للآلهة، وخاصة الإله رع، فقد أقام له معبدا في عين شمس، كما شيد معبدا في الفيوم لم يبق منه اليوم إلا مسلة ذات القمة المستديرة.

 

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة