من خلال متابعتي للتظاهرات السلمية التي يشهدها العراق وصلت الى قناعة بأنه لم تشهد كل مدن العالم تظاهرات سلمية وتكاتف وروح وطنية مثلما تشهده بغداد الحبيبة والمحافظات الاخرى خلال هذه الايام ، شيباً وشباب ،نساء ورجال ، اطفال ، طلبة واساتذة المدارس والجامعات ، النقابات اعلنوا تضامنهم مع اخوتهم المتظاهرين ، شيوخ العشائر ورجال الدين وغيرهم لهم ايضاً الدور الكبير في مساندة الشباب في ثورتهم ضد الفساد .
ان ما يحدث من عنف في قمع التظاهرات السلمية واسكات صوتهم بالغاز المسيل للدموع والرصاص والدخان واسلحة القنص وحظر للتجوال وكذلك قطع الانترنت ووسائل الواصل الاجتماعي انما هي اساليب غير حضارية تستخدمها الحكومة ضد الشباب العزل الذين لا امل لديهم الا بمواصلة التظاهر والاعتصمام من اجل استعادة الوطن من الفاسدين ومحاسبتهم , بكل تاكيد ان العنف الذي جوبهت به التظاهرات جعلت من الشباب الاصرار بالاستمرار بتظاهراتهم بعد سقط المئات من الشهداء والاف المصابين وهذا ماكان له الدور الاكبر في مساندتهم من قبل الجميع داخل وخارج العراق ومشاركتهم في تظاهرتهم في بغداد والمحافظات الاخرى و كذلك العراقيين المغتربين في العديد من دول العالم .
ان الاعلام لم يكن فاعلا بشكل كبير الا من خلال عدد قليل من القنوات الفضائية المحلية وهذه القنوات ربما اجبرت او حدد نقلها للمظاهرات بشكل غير مباشر ، هذا ما يؤكد عدم استقلالية الاعلام وخصوصاً المرئي منها وتحديد عمله ، كما لاحظنا عدم وجود قنوات عالمية يغطي الاحداث وينقلها الى العالم ليشاهدون حجم المظاهرات والخسائر التي تقع في صفوف المتظاهرين .
هنا لابد من المرور على الشباب اصحاب ( التُك تُك ) الذين كان ولازال لهم الدور الرائع في دعم ومساندة المتظاهرين رغم ما يتعرضون اليه من خسائر سواء بالاشخاص او بعجلاتهم التي هي مصدر رزقهم الا انهم استمروا بعملهم التطوعي من خلال اسعاف المصابين والشهداء وكذلك نقل المساعدات الغذائية ونقل المواطنين مجاناً من والى ساحة التحرير في بغداد ، وهذا موقف مشرف سوف يخلده التاريخ لم تشهده كل دول العالم وبذلك قد ضربوا مثالاً للتضحية والوفاء لوطنهم وشعبهم رغم امكانياتهم المتواضعة وترك عملهم مصدر رزقهم وقيامهم بعملهم الخيري التطوعي من اجل الوطن .
التظاهرات لازالت مستمرة ولا حلول تلوح بالافق وهذا مما يزيد من قوة التظاهرات واستمرارها لعدم تلبية مطالب الشعب وقد تتطور هذه المظاهرات الى اعتصامات عامة وقطع الطرق وهذا مما يؤدي الى خطورة الوضع الراهن وشل الحركة في بغداد والمحافظات الاخرى ، وربما نصل الى طريق مغلق اذا مابقى الوضع هكذا بدون حلول واصرت الحكومة على موقفها في عدم تلبية مطالب الشعب .
ساحة التحرير والمطعم التركي ( جبل احد كما اطلق عليه ) هما رمز للتحرر ونبذ الطائفية وساحة للتظاهر وتقديم المساعدة والعون والاسعافات الاولية للمصابين وكذلك تقديم الطعام والمشروبات للجميع وبذلك يبرهن العراقيين على كرمهم وعشقهم للوطن ، بل تعدى الامر الى تطوع الشباب في عملية تنظيف مستمر وجمع النفايات في ساحة التحرير والمطعم التركي والشوارع القريبة وهي مبادرة تطوعية لم يشهدها بلد من قبل وذلك دليل على حرصهم على نظافة وطنهم وسلمية تظاهرتهم ، واصبح الجميع يتوافد عليها سواء من بغداد الحبيبة او المحافظات وحتى المغتربين ليشاركوا في تظاهراتهم السلمية رغم ما يتعرضون اليه من قنابل مسيل الدموع والدخان .