كل مجتمعات العالم لها ثوابتها في حياتها مبنية على مدارك هذه المجتمعات . وهذه ناتجة عن تجارب لفعاليات مجتمعية مختلفة تنبني عليها قناعات يعتقدها البعض بانها ثابتة غير قابلة للتغيير . ونتيجة التطور العام لحياة هذه المجتمعات ” التطور في كل مجالات الحياة ” تنبثق اجيال غير سابقاتها مختلفة في مفاهيمها ومداركها لها القابلية على صنع حالات التغيير وقبولها والتعامل معها , ورفض قناعات من سبقها . متكونة من شواهد استثنائية وحقائق مستجدة فارضة بل راغمة حالات التجديد في اغلب قناعات ومفاهيم المجتمعات التي سبقتها . تنبني على هذا التظاد حالة رفض قوية خالقة ظاهرة صراع فريدة غريبة على الماضي مقبولة ومشروعة من الحاضر . تدخل في هذا الموضوع عوامل نفسية صعبة للغاية تكمن في دخول الفرد الذي يشكل الجيل الماضي بقناعاته المعهودة المبنية على اسس كان يعتقدها بانها ثابتة غير قابلة للتغيير والتبدل . دخول اي مجتمع في العالم بدوامة هذا الصراع تكون نتائجه مدمرة وخطيرة للغاية تؤدي الى الضرر الجسيم للجيل الماضي والحاضر لكن في نهاياتها تفرض قناعات الحاضر على الماضي وذلك لمنطق ومشروعية الحاضر لان التطور الحظاري العام يقر ويقبل ويفرض ذلك . وعليه يجب ولا نقول ينبغي على المعنيين من مفكرين ومجتهدين وفلاسفة ومثقفين و سياسيين , ان يعيدوا النظر والتفكير في طبيعة مجتمعاتهم ودراسة هذا الحال من عدم التجانس الفكري والنفسي في المجتمع الواحد الماضي والحاضر . المجتمعات الغربية دخلت في هذا المجال من الصراع الفكري والسياسي والفلسفي منذ نهايات القرون الوسطى وتفاعلت بشكل حاد في القرن الثامن عشر واستقرت على المفاهيم والنظريات السياسية الحالية في المجال الديمقراطي والحرية الشخصية والمجتمعية في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين الى ان استقرت على ما هيَ عليه الان . سبقتها في ذلك مجتمعات العالم المعروفة مثل الرومانية والاسلامية وغيرها , حتى الرسالات السماوية داخلة في هذا الموضوع . انبثقت على ماهي عليه رافضة المرحلة التي سبقتها . في مجتمعاتنا العربة والاسلامية لا زالت هذه الحالة معاشة بشكل حاد من الصراع المجتمعي النفسي الغير قابل للاستقرار منذ زمن بعيد ما قبل وما بعد الحرب العالمية الاولى . القيادات الفاعلة فيها بمختلفها وبمختلف مناهجها واساليبها لم ترتقي ولم تدرك حالة الارادة الشعبية لمجتمعاتنا نتيجة عوامل متعددة داخلية و خارجية عامة وذاتية . ما يحدث في المنطقة العربية بوادر واضحة في هذا الشأن . ما نقوله ونذكره قد يكون مقبولا للبعض ومرفوضا من البعض الاخر , مايحدث في العراق نسيقه كمثل على ما نقول وما نعنيه ليس الحال في حاضره بل بشكل مختصر وواضح ملموس . منذ زمن الدولة الاسلامية بقيادة بني عثمان و الصراع الفكري والسياسي في اواخرها ومنذ تمرد الوالي العثماني على لعراق ” متحدت باشا ” 1869 ـ 1872 مرورا بالثورة العربية على العثمانيين اثناء الحرب العالمية الاولى ومشاركة عدد من العرب والعراقيين البارزين مستمرة الى يومنا هذا . الجيل الثائر في عموم المنطقة العربية والعراق خاصة , متمرد على قناعات سابقة بالية في كل المجالات الحياتية المعاشة الاقتصادية والسياسية والدينية “المسخّرة سياسيا ” والعديد من المفاهيم الاجتماعية المغلوطة والتي ينبغي ان تعاش وتتداول في الحال الحاضر . اخطر هذه الامور ” دمج وخلط العوامل الدينية وتسخيرها للحركة السياسية والارتكاز عليها ” فمن الطبيعي ستنخلق حالة من الشك وعدم الثقة في كلا الامرين السياسي والديني باعتبار ان العوامل والتشريعات الدينية الهية ثابتة لا يجوز ولا يمكن تغييرها والتلاعب بنصوصها , بينما الحالة السياسية قابلة للتغيُّر بشكل مستمر وفقا للمصالح وللمستجدات والنأثيرات الحياتية الداخلية والخارجية وطبيعتها . ثورة العراق الحالية ملامحها العامة رفض لواقع مبني اصلا على تطور شاذ غير طبيعي ” الاحتلال والاستعمار ” مرفوض متذبذب اجتماعيا في قناعاته مما شكل لهذا الجيل الجديد والقديم ردة رفض عنيفة لواقع سياسي مفروض غير قابل للتطور والاستيعاب للحال العالمي الحديث المقنع والنافع لبقية المجتمعات مثل العربية . حالة الرفض للنظام العام في العراق منذ الاحتلال عام 2003 هي حالة تناقض وعدم قبول بالمعنى الحقيقي لما قبل الاحتلال بل حتى للحالة ما قبل الحرب العالمية الاولى . عموما ستستقر الثورة هذه في مجالها العربي والعراقي على حال جديد ومفاهيم وشروط حياتية جديدة لهذه المجتمعات وستكون حتمية سعيدة مقبولة لزمن ليس بالقصير , متجاوزة سامية فوق كل مراكز الشد الاجتماعية القديمة خالقة البديل المقبول لحالة مجتمعة وزمنية مختلفة يقبلها حزء كبير من الشعب تكون سائدة حادثة تطور في مفاهيم الحرية والدين والسياسة والقانون والانسانية والاخلاق وستعم عموم المنطقة وقسم من العالم مبنية على ادراك المشهد الداخلي وعلى تحديد الوضوح للافكار واتخاذ القرار.