خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بعد تأكيد الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، إن بلاده لن تخرج من “سوريا” قبل انسحاب الدول الأخرى منها، شن الرئيس السوري، “بشار الأسد”، هجومًا على نظيره التركي متهمًا إياه بدعم الإرهاب في “سوريا”.
واعتبر الرئيس السوري أن الأوروبيين “يكرهون”، “إردوغان”، لكنهم يحتاجون إليه في الوقت نفسه.
وقال “الأسد”، في مقتطفات من مقابلة مع قناة (روسيا اليوم) تُبث كاملة، غدًا الإثنين، إن: “العلاقة بين الاتحاد الأوروبي وإردوغان ذات جانبين، يكرهونه ولكنهم يحتاجونه”، وأضاف: “يعرف الأوروبيون أن إردوغان إسلامي متعصب، يعرفون ذلك تمامًا ويعرفون أنه سيرسل إليهم هؤلاء المتطرفين أو الإرهابيين”.
وتابع “الأسد” بالقول إن: “إرسال هؤلاء اللاجئين السوريين والآخرين إلى أوروبا هو أمر خطير، ولكن الأخطر على أوروبا هو دعم الإرهابيين في سوريا، هذا هو الجزء الأكثر خطورة، وبالتالي فهذا نفاق، كيف يخشون بضعة ملايين غالبيتهم معتدلة ومن بينهم عدد من الإرهابيين، في حين أنهم يدعمون الإرهابيين مباشرة، يدعمون عشرات الآلاف منهم على الأقل وربما مئات الآلاف منهم في سوريا بدون أن يخشوا عودتهم بعدها إلى بلدانهم”.
يمارس الزعرنة السياسية..
يُذكر أن الرئيس السوري، كان قد قال في مقابلة مع قناة (الإخبارية السورية) الرسمية، يوم الخميس، 31 تشرين أول/أكتوبر 2019، إنه لن يتشرف بلقاء من منظومة “إردوغان” وسأشعر بالقرف، ولكن من أجل مصلحة الوطن كل ما يحقق هذه المصلحة لابد من القيام به وهذه مهام الدولة.
وأضاف “الأسد” أن: “إردوغان يمارس الزعرنة السياسية على أوسع نطاق؛ وأنا قمت بعملية توصيف له”، متابعًا: “الشعب التركي جار ويوجد بيننا تاريخ مشترك بغض النظر إذا كان هذا التاريخ سيئًا أم جيدًا أم متنوعًا”.
أما بالنسبة للجيش التركي، أكد “الأسد” أنه: “الوكيل الأميركي في هذه الحرب، وعلينا أن نترك المجال إلى العملية السياسية، وإن لم تعط نتيجة بإتجاه الحرب”.
وأوضح الرئيس السوري أن: “الجيش التركي في البداية كان على اتفاق مع الجيش السوري إلى أن انقلب عليه إردوغان، وعلينا أن لا نحول تركيا إلى عدو، وذلك بالتنسيق مع روسيا وإيران”.
وأشار “الأسد” إلى أن: إردوغان يحاول أن يظهر وكأنه، “صاحب قرار”، ولكنه “وكيل أميركي في هذه الحرب”. قائلًا: إن “إردوغان لص وسرق المعامل والقمح والنفط، واليوم يسرق الأرض”.
مواصلة عملية “نبع السلام” وعدم الخروج من سوريا..
من جانبه؛ أكد “إردوغان” أن “تركيا” ستواصل عملية “نبع السلام” حتى “طرد آخر إرهابي” من المنطقة، حيث تشن “تركيا” عملية عسكرية ضد المسلحين الأكراد، الذين كانوا مدعومين من “الولايات المتحدة” لمحاربة تنظيم (داعش)، بينما تصنفهم “تركيا” كـ”إرهابيين”.
وقال “إردوغان”: “بالتأكيد، سنواصل العملية حتى طرد آخر إرهابي من المنطقة، كما أننا لن ننسحب من هنا لعدم انسحاب الدول الأخرى، فنحن مع وحدة سوريا، ولا نريد أبدًا تقسيمها، وإذا كانت باقي الدول مؤيدة لهذا، فعليها إثبات ذلك”، وفقًا لما نقلته وكالة أنباء (الأناضول) التركية الرسمية.
الخروج بات قريب..
وتوقع الدكتور “بشير عبدالفتاح”، خبير الشؤون التركية بمركز “الأهرام” للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن تنسحب القوات التركية من الشمال السوري، لأن بقائها مكلف للغاية، خاصة في ظل تراجع الاقتصاد التركي بسبب العقوبات الأوروبية والأميركية وانخفاض “الليرة التركية” وخروج الاستثمارات الأجنبية وسوء إدارة الاقتصاد.
وقال “عبدالفتاح” إن عناصر (داعش) الذين يتعاونون مع “إردوغان” انقلبت عليه، وقاموا بـ 6 عمليات عسكرية ضد الجيش التركي وسقط قتلى وجرحى.
وأضاف أن الداخل التركي لن يتحمل تورط عسكري، سواء في “سوريا” أو “ليبيا” أو “العراق”، لافتًا إلى أن “إردوغان” رفض الخروج من الأراضي العراقية، وقامت الدول الشقيقة باللجوء إلى “مجلس الأمن” لإخراج “تركيا”.
تطهير عرقي ساهمت فيه إدارة “ترامب”..
وقال مسؤول أميركي بارز إن عملية “نبع السلام” العسكرية التركية في “شرق الفرات”، شمال “سوريا”، تسببت في “تطهير عرقي”، منتقدًا إدارة الرئيس، “دونالد ترمب”، بسبب عدم بذلها جهودًا كافية لمنع الهجوم العسكري التركي.
وكشفت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية إنّها تمكنت من الحصول على مذكّرة داخليّة كتبها “ويليام روبوك”، نائب المبعوث الأميركي الخاصّ إلى التحالف ضدّ تنظيم (داعش)، أشار فيها إلى أن الإدارة الأميركية “لم تُحاول” إتّخاذ تدابير أقوى لعرقلة الرئيس التركي، “رجب إردوغان”، عن تنفيذ العملية العسكرية.
“روبوك” انتقد “جهود التطهير العرقي” من قِبل “تركيا” والمسلحين الموالين لها، بحقّ الأكراد في “سوريا”، والتي “لا يُمكن تصنيفها سوى أنّها جرائم حرب أو تطهير عرقي”، بحسب الصحيفة الأميركيّة.
وجاء في المذكّرة: “في أحد الأيام، عندما يُكتَب التاريخ الدبلوماسي، سيتساءل المرء عمّا حدَث هنا، ولماذا لم يقُم المسؤولون بمزيد لمنع هذا، أو على الأقلّ (لماذا لم) يتحدّثوا بقوّة أكبر للوم تركيا على سلوكها ؟”، بحسب ما نقلت صحيفة (الشرق الأوسط).
محاولة للدفاع عن النفس..
من جهتها؛ رفضت “مورغن أورتيغاس”، الناطقة باسم “وزارة الخارجيّة” الأميركيّة، ذكر ما إذا كانت هذه “الاتّصالات الداخليّة الخاصّة المزعومة” صحيحة أم لا.
وقالت: “أكدنا أنّنا لا نتفق مع قرار الرئيس، إردوغان، دخول سوريا، فعلنا كلّ شيء، باستثناء المواجهة العسكريّة، لمنع هذا”.
وأضافت أنّ بلادها أخذت على محمل الجدّ تقارير تُفيد بأنّ مقاتلين مدعومين من “تركيا” إرتكبوا إنتهاكاتٍ، من بينها قتل مدنيين.
وقالت: “هذه التساؤلات لا تزال قائمة، وقد أثرنا القضيّة على أعلى المستويات في الدولة التركيّة”.
ومن المقرر أن يلتقي الرئيسان، التركي والأميركي، الأربعاء المقبل، 13 تشرين ثان/نوفمبر الجاري.
جزء من مسعى تغيير الخريطة العرقية للشرق الأوسط..
تصريحات “روبوك” أكدها تقرير نشرته مجلة (فورين بوليسي)؛ قالت فيه، إن خطط “تركيا” في “سوريا”، هي جزء من مساعيها الطويلة الرامية لتغيير الخريطة العرقية للشرق الأوسط، تعود بداياتها لحقبة “الإمبراطورية العثمانية”.
وأضاف التقرير أن أحد الأسباب التي تقف وراء الإدانة الدولية الواسعة للتوغل التركي الأخير في شمال شرق “سوريا”، من خلال عمليتها العسكرية، “نبع السلام”، هو خطة الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، لنقل وإعادة توطين ما يتراوح بين مليون ومليوني لاجيء سوري؛ من أصل 3.6 مليون يقيمون في أراضي بلاده حاليًا، إلى “المنطقة الآمنة” التي يرغب في إقامتها على الحدود مع “سوريا”.
وأشار التقرير إلى أن منتقدي “إردوغان” يتهمونه بأنه يستخدم “الهندسة الديموغرافية” كأداة سياسية لإعادة رسم الخريطة العرقية للمنطقة، من خلال ممارسة التهجير القسري والتطهير العرقي للسكان، بغية الحد من المكون الكُردي بذريعة محاربة “حزب العمال الكُردستاني”، المصنف تنظيمًا إرهابيًا من قِبل “أنقرة”، والفصائل المرتبطة به. إضافة إلى ذلك يهدد “إردوغان”، “أوروبا”، بفتح باب الهجرة إلى القارة العجوز وإغراقها بالمهاجرين.
إمتداد لتاريخ طويل من التهجير القسري..
وذكرت (فورين بوليسي) أن محاولات “إردوغان” الحالية تعتبر إمتدادًا لتاريخ طويل من التهجير القسري للسكان الذي مارسته “الإمبراطورية العثمانية”، وهو ما ترك بصمة لا يمكن إزالتها في شمالي “سوريا” خصوصًا.
وعلى سبيل المثال؛ تم تهجير سكان من مناطق “الأناضول” التاريخية إلى “البلقان”، في القرن الخامس عشر، من أجل ترسيخ الحكم العثماني. وهرب اللاجئون المسلمون من التطهير العرقي والمحاكمات التي مارستها السلطات العثمانية في “البلقان والقوقاز والقرم”.
دعم حملات دعاية مزورة للتأثير على الرأي العام..
كما فضح تحقيق لوكالة (أسوشيتد برس) الأميركية؛ دعم “تركيا” لحملات دعاية مزورة على (تويتر) للتأثير على الرأي العام العالمي، حول غزوها العسكري لشمال شرق “سوريا” ومناطق الأكراد، حلفاء “أميركا”، واستخدمت صورًا مسروقة من وكالة أجنبية، لا تُمت للأحداث السورية بصلة.
نشرت صورة يفترض أنها حديثة تظهر جنديًا تركيًا يعطي فتاة سورية الماء، لكن هذه الصورة مزورة وهي من وكالة (أسوشيتد برس) ونشرت، في عام 2015.
وأوضح التقرير أنه عندما غزت القوات التركية شمال “سوريا”، في أوائل تشرين أول/أكتوبر الماضي، شن مؤيدو الغزو، نوعًا مختلفًا من الحملات، كان ميدانها “الإنترنت” هذه المرة.
وانتشرت عشرات الصور المزورة على (تويتر) و(إنستغرام)؛ تُظهر جنودًا أتراكًا يحتضنون الأطفال، ويطعمون الجياع، ويحملون النساء المسنات.
وحظيت الصور بالكثير من الإعجابات، وأُعيد التغريد بها بشكل واسع ومنظم، وانتشرت مشاهداتها آلاف المرات بفضل إعادة التغريد.
صور لا علاقة لها بالغزو..
وباستثناء بعضها؛ لم تكن معظم الصور حديثة، والتُقط بعضها في “سوريا”، ولا علاقة لها بالغزو، كما أن صورًا أخرى سُرقت من قصص في أجزاء أخرى من العالم.
وتتبع الحملة عبر “الإنترنت” نمطًا من الدعاية الإعلامية والاجتماعية التي تسعى إلى التأثير على الرأي العام العالمي، عندما تندلع أحداث دولية مثيرة للجدل.
ففي آب/أغسطس الماضي، على سبيل المثال، أعلن (تويتر) تعليق أكثر من 200 ألف حساب يُعتقد أن “بكين” تديرها للتغلب على الدعاية الموالية للاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في “هونغ كونغ”.
وسرعان ما تبع هذه الحملة موقع (يوتيوب)، الذي كشف حجب أكثر من 200 مقطع فيديو، يُعتقد أنه جزء من هجوم مضلل، ومنسق ضد المظاهرات.
تضخم المحتوى بإعادة التغريد..
وفي الشهر الماضي، بدأت هذه الصور تنتشر بعد انتقاد الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، على نطاق واسع؛ بسبب قراره سحب القوات الأميركية من المناطق الحدودية، تمهيدًا للهجوم التركي على الأكراد في شمال شرق “سوريا”.
ويبدو أن المنشورات الزائفة والمضللة التي تروج لـ”تركيا” مدعومة من شبكة منسقة من الحسابات على (تويتر)، التي تضخم المحتوى بإعادة التغريد، والهاشتاغات المتداولة على (تويتر).
ويقول “غديون بلوق”، الرئيس التنفيذي لشركة “فاين سايت”، شركة التكنولوجيا التي تتعقب المعلومات المضللة عبر الإنترنت، بعد مراجعة التغريدات المؤيدة لـ”تركيا”، إنها: “حملة غير طبيعية على (تويتر). لقد فُحصت حُللت وتيرة التغريدات، واستخدام الصور، ومواقع 6 حسابات في (تويتر) روجت للصور من بين أمور أخرى، وتُشير كل المؤشرات إلى سلوك غير موثوق”. وأضاف: “يمكن للمرء أن يستنتج أن هذه الحسابات الآلية موجودة لرفع المحتوى، ونشر الدعاية”.
تكتيك ناجح..
وأكد التقرير أن دعاية وسائل التواصل الاجتماعي تكتيك ناجح، إذ تنسخ بلدان وجهات أجنبية فاعلة ببساطة أساليب استخدمها الروس لنشر معلومات خاطئة عن الانتخابات الرئاسية الأميركية، في 2016.
ومع بداية الغزو التركي لشمال “سوريا”، نُشرت عشرات الصور المضللة، على نطاق واسع بمساعدة الهاشتاغات الملمعة للغزو التركي.
ومنذ انتشار الهاشتاغات تقاسمت حسابات (تويتر)، التي أنشيء بعضها، في أيلول/سبتمبر الماضي، صورًا إيجابية ومضللة للجنود الأتراك، وأُعيد التغريد بها مئات المرات.
وعلى سبيل المثال، نشرت صورة يفترض أنها حديثة تظهر جنديًا تركيًا يعطي فتاة سورية الماء، لكن الصورة مزورة، وهي في الواقع صورة التقطتها وكالة (أسوشيتد برس) ونشرتها، في 2015.
وانتشرت صورة زُعم أنها لسورية ترتدي ملابس باللون البنفسجي يحملها جنود أتراك، وأعيد التغريد بها على نطاق واسع، وتبين أنها مسروقة في الواقع من (أسوشيتد برس)؛ التي نشرتها في 2010، أثناء تغطيتها لعمليات الإجلاء من الفياضانات التي إجتاحت “باكستان”.