18 ديسمبر، 2024 8:40 م

وانت تقرأ الاسم قد يوحي لك وللوهلة الاولى كأنه لفتاة، أو اسم لمقطوعة موسيقية، لكنه في الحقيقة الاسم الرسمي المعتمد منذ سنة ١٩٨٩ لدولة بورما والتي اقترن اسمها بأضطهاد المسلمين، والتي تحول اسمها الى “جمهورية اتحاد ميانمار” سنة ٢٠٠٨.

 

هي من دول جنوب شرق اسيا تحدها من الشمال الشرقي الصين، والشمالي الغربي الهند وبنغلادش، ومن الشمال الغربي تايلاند، ومطلة على خليج البنغال وماليزيا من الجنوب، عدد سكانها حوالي (٥٥) مليون نسمة.

 

خاضت “ميانمار” الكثير من الحروب الداخلية والخارجية، ابتداءا من انفصالها عن الحكومة الهند البريطانية عام ١٩٣٧ لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة، بعدها باربع سنوات ظهرت حركة مسلحة كان احد اهدافها طرد البريطانيين من البلاد، مما جعلها في حرب ضدهم خلال الحرب العالمية الثانية بجانب اليابانيين والتي تلقوا تدريباتهم فيها، وبعد انتصار دول الحلفاء ومن ضمنهم بريطانيا، عادت لفرض سيطرتها على بورما كمستعمرة، ونشير هنا الى الشعب البورمي في حينه قد انقسم الى قسمين بين التحالف مع اليابانيين والاخر مع البريطانيين، وقد نالت بورما استقلالها عام ١٩٤٨.

 

ليعود العسكر متمثلا بمجلس عسكري للسيطرة على مقاليد الحكم، ليحكم البلاد قرابة نصف قرن، كان حكمهم فيها يستند الى الاكثرية البورمية والتي تعتنق الديانة البوذية وكما سنوضح لاحقا.

 

وفي عام ١٩٩٠ جرت انتخابات ليفوز بها الحزب الرئيسي المعارض ويحصد اغلبية المقاعد في الحكومة، الا أن حكم العسكر اشترط انتقال السلطة بوضع دستور جديد للبلاد، واستمر الامر تحت سيطرتهم حتى الاستفتاء عليه سنة ٢٠٠٨، حينها وكما اسلفنا تم تغير الاسم الرسمي للبلاد، وقد اجريت بعدها انتخابات عامة بموجب دستور البلاد الجديد عام ٢٠١٠، ليفوز بها الحزب المدعوم من العسكريين، والذي اثارت لغطا بمدى صحتها.

 

حاولت الحكومة بعد الانتخابات أجراء مجموعة اصلاحات سياسية واقتصادية، ولكن الثابت بالموضوع وعلى الرغم من تعاقب السنيين والحكومات هو عدائهم للمسلمين، والذين ارتكبت بحقهم ابشع الجرائم والتهجير وكما سنذكره لاحقا.

 

وكالكثير من دول العالم “فميانمار” متنوعة في تركيبها السكاني، الاكثرية منهم بوذيين، ومن اصول وسط اسيوية جاءوا الى البلاد واستوطنوا فيها، اللغة الرسمية لهم البورمية، وتوجد ايضا العديد من المكونات واللغات الاخرى.

 

ومن اهم المكونات السكانية الاخرى هم البورميون المسلمون والذين يطلق عليهم “الروهينغا”، والذين يوصفون باكثر الشعوب اضطهادا في العالم، فقد جردوا من مواطنتهم منذ عام ١٩٨٢، تعرضوا للقتل الجماعي، كذلك مواجهتهم للكثير من التحديات أهمها الحصول على حق التعليم والعلاج والعمل لهم أو لأبنائهم، ناهيك عن حق المواطنة، فلا يسمح لهم بالسفر دون اذن مسبق، وكذلك لايسمح لهم بامتلاك الاراضي داخل بلاد، وتم تحديد نسلهم.

 

وبحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي “الروهينغا” لايزالون يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة ١٩٧٨ وما بعدها، وقد فر العديد منهم إلى بنغلادش و تايلند المجاورة، وترفض حكومة ميانمار الاعتراف بهم من ابناء البلد، وفضلا عن اختلاف الديانة والمعتقد والتي هي من الاسباب الرئيسية في قتل المسلمين و لكونهم اقلية امام الاكثرية البوذية ولاسباب اخرى يعتقدونها وكما سنوضحها.

 

وهنا نذكر عدة فرضيات قائلة في اصل المسلمون “الروهينغا” ومنها:
الفرضية الاولى: التي يعتقد فيها أن أصولهم عربية حيث يعود نسبهم إلى المسلمين القادمون من اليمن وشبه الجزيرة العربية، حيث يرجع سبب قدومهم الى البلاد لغرض التجارة في حينه ونشر الاسلام وقد استقر بعضهم في هذه الرقعة الجغرافية، والقليل منهم اصولهم فارسية أو بنغلاديشية أو هندية.

 

الفرضية الثانية : تقول أن اصولهم ترجع الى مملكة قديمة (مروهانج) في هذه البلاد وسمو نسبة لها.

 

الفرضية الثالثة: والتي يتبناها المؤرخون البورميون، فيقولون أن مصطلح “الروهينغا” لم يكن موجودا قبل سنة ١٩٥٠، وان أصل المسمى جاء مع اجداد البنغاليين ما بعد العام المذكور انفا وانهم كانوا من الموالين لبريطانيا، وان كانوا يعترفوا بوجود المسلمين قبل هذا العام.

 

اخيرا نقول ترفض حكومة البلاد الحالية التدخل الخارجي بالموضوع وتعتبره شأنا داخليا، ولازالت تشهد تلك البلاد موجات من التهجير والقتل بين الفينة والاخرى.