23 ديسمبر، 2024 10:56 ص

بعد الغزو التركي .. أكراد سوريا يعتبرون العيش مع “الأسد” أخف الضررين !

بعد الغزو التركي .. أكراد سوريا يعتبرون العيش مع “الأسد” أخف الضررين !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

مع بدء اشتعال الحرب الأهلية في “سوريا”، انسحبت قوات النظام من مناطق الأكراد في المنطقة الشمال، فبدأ الأكراد يقيمون حكمًا ذاتيًا لهم هناك. لكن انسحاب القوات الأميركية وما أعقبه من غزو تركي، في مستهل الشهر الفائت، دفع الأكراد إلى طلب الحماية من الرئيس، “بشار الأسد”، الذي تنتشر قواته الآن في المنطقة.

ولقد نشرت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية، تقريرًا يعكس حالة الأكراد وتطلعاتهم بعد ضياع حلمهم في استمرار الحكم الذاتي.

إنعدام الخيارات الجيدة..

بحسب التقرير؛ فإن المستقبل يبدو غامضًا في مدينة “القامشلي”، التي تُعد العاصمة الفعلية للمنطقة التي تقطنها الأقلية الكُردية في شمال “سوريا”.

إذ يوضح رواد السوق المحلي هناك، إنهم لم تُعد لديهم خيارات جيدة. ويقول “سعد محمد” – أحد المتواجدين في السوق ويبلغ من العمر 35 عامًا؛ ويحمل شهادة جامعية في تخصص الأدب العربي – إن “أكثر ما يخيفني هو عدم وضوح أي شيء حتى الآن، فلا أحد يعلم إلى أين ستصير الأمور في هذه المنطقة”.

استغلوا ضعف النظام !

يضيف التقرير أنه منذ اندلاع الحرب الأهلية في “سوريا”، في عام 2011، حرص “أكراد سوريا”، قدر الإمكان، على عدم التورط فيما جرى من أحداث دموية. وبدلًا من الإنخراط في الحرب الأهلية، استغل الأكراد حالة الضعف التي إعترت النظام خلال السنوات الأولى من الحرب، فأنشأوا مؤسسات لهم لإقامة حكم ذاتي في المنطقة، التي تبلغ مساحتها ثُلث أراضي “سوريا” تقريبًا.

لكن تلك الفترة من حياة الأكراد وصلت إلى نهايتها، في بداية الشهر الفائت، عندما سحبت “الولايات المتحدة” قواتها من المنطقة الكُردية وسمحت لـ”تركيا” بشن عمليتها العسكرية الأخيرة، التي أطلقت عليها اسم “نبع السلام”.

مستقبل غامض !

إن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي توصلت إليه مؤخرًا كل من “روسيا” – حليف نظام “الأسد” – و”تركيا”، جعل الأكراد في مدينة “القامشلي” أمام مستقبل غامض.

ويتساءل “محمد”: هل سيعود النظام السوري للسيطرة على المدينة ؟.. أم أن الروس والأتراك سينشران قواتهما هنا ؟.. أم ربما ستعود القوات الأميركية ؟.. فأنا لا أعد أفهم أي شيئًا.

انسحاب القوات الأميركية خيانة للأكراد..

بالنسبة لـ”محمد”، ولكثيرين غيره، فإن أحوال السكان في المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد – والتي يعيش بها أكثر من مليوني شخص – قد تغيرت تمامًا خلال الأسابيع الأخيرة.

إذ ينظر الكثيرون، من أهالي تلك المناطق، إلى انسحاب القوات الأميركية باعتباره خيانة للأكراد الذين تحالفوا مع “الولايات المتحدة”. يضيف “محمد”: “إن انسحاب القوات الأميركية كان له أشد الأثر في نفوسنا، لدرجة أن البعض كاد يموت من شدة الخوف”.

ولقد أدى الانسحاب الأميركي إلى استيلاء “تركيا” على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، وإلى  إعادة انتشار قوات “الأسد” في شمال شرق “سوريا” لأول مرة منذ ثماني سنوات.

عودة الحياة تدريجيًا في القامشلي..

قبل أكثر من ثلاثة أسابيع، عندما بدأ شن العملية العسكرية التركية في المنطقة الحدودية، كانت المتاجر في “القامشلي” مُغلقة؛ وكان الناس يختبئون في منازلهم خوفًا من القوات التركية. ولكن منذ إجراء الاتفاق (التركي-الروسي)، الأسبوع الماضي، لوقف القتال، عادت الحياة بقدر ما إلى طبيعتها في السوق، وفتحت المتاجر أبوابها من جديد.

ولكن على بُعد عشرات الأمتار فقط من السوق، عادت أيضًا الأعلام السورية ترفرف في المكان مرة أخرى، مصحوبة بصور الرئيس، “بشار الأسد”، بعدما قد حرمت الاتفاقية (التركية-الروسية)، القوات الكُردية، من السيطرة على بعض المدن والبلدات الأكثر أهمية التي كانت تسيطر عليها من قبل. والآن أصبحت قوات “الأسد” مكلفة بمهمة التأكد من انسحاب الأكراد من حدود المنطقة، وفق مطلب “أنقرة”.

أفضل من أتباع “إردوغان”..

ولا يزال الأكراد يتذكرون كيف قام المتمردون السوريون المدعومون من “تركيا”، في العام الماضي، بأعمال عنف ونهب للمتاجر والمنازل بعد الاستيلاء على مدينة “عفرين” السورية، التي تعيش بها أغلبية كُردية.

لذلك، فإن عودة قوات “الأسد” إلى المنطقة يُعد أمرًا جيدًا؛ ويجب على الأكراد القبول به، في ظل الظروف التي يمرون بها. فهم يدركون أن “الأسد” أفضل لهم من المتمردين الموالين لـ”تركيا”.

ينوون الفرار إلى كُردستان العراق !

يرى “محمد”: أن عودة النظام السوري إلى منطقتهم هي أخف الضررين. لأن ذلك سيكون في كل الأحوال أفضل من العيش تحت سيطرة القوات التركية والتنظيمات الموالية لـ”أنفرة”.

ورغم ذلك يقول إنه لم يقرر بعد إن كان سيغادر المكان في حال انتشرت قوات “الأسد” في “القامشلي”، لأنه أيضًا لا يأمن شر قوات النظام.

مشيرًا إلى ان الكثيرين من أصدقائه يتخوفون كذلك من القوات السورية؛ لذا فإنهم يبحثون عن ملاذ لهم في الإقليم الكُردي العراقي الذي ينعم بالحكم الذاتي.

عودة قوات “الأسد”..

جدير بالذكر؛ أن قوات “الأسد” كانت قد بدأت بالانسحاب التدريجي من المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق “سوريا”، في عام 2012، أي بعد عام من اشتعال الحرب الأهلية. ولم يحتفظ النظام السوري سوى بقوات رمزية في أهم مدينتين، وهما “القامشلي” و”الحسكة”.

فيما أفادت مصادر كُردية رسمية أن عودة قوات “الأسد” للمنطقة، خلال الأسابيع الأخيرة، لم تكن سوى لأغراض عسكرية، ولن يؤثر ذلك على وضع المؤسسات الكُردية، ولكن تلك العودة لقوات النظام تثير مخاوف السكان المحليين.

إنتهى عصر غطرسة النظام !

يقول “حسام إسماعيل”، وهو خريج كلية الحقوق، إنه يثق في إشراف الإدارة الكُردية – وليس المجتمع الدولي – على تصرفات القوات التابعة للنظام.

مضيفًا: “أنا مُستدعى لأداء الخدمة الإلزامية في صفوف الجيش السوري، لذلك تراودني المخاوف، لكنني على يقين من أن الإدارة الكُردية ستجد حلولاً لمنع النظام السوري من العودة إلى إنتهاج نفس أسلوب التعامل الذي كان عليه قبل الحرب الأهلية”.

فيما يقول كُردي آخر: “أنا لا أظن أن النظام السوري سيمكنه العودة إلى هنا بنفس الأسلوب المتغطرس الذي كان عليه في الماضي. فنحن الآن في عام 2019، حيث أصبحت القضية الكُردية قضية دولية”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة