خاص : كتبت – نشوى الحفني :
استمرارًا لمسلسل الضغط الأميركي على “إيران” ما بين حشد دولي ضدها أو توقيع العقوبات أو كيل الاتهامات، أفاد تقرير صادر عن “وزارة الخارجية” الأميركية، بأن: “إيران ما زالت أسوأ دولة راعية للإرهاب في العالم”.
وذكر منسق شؤون مكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية، “ناثان سيلز”، في مؤتمر صحافي خصص لتقديم التقرير الأميركي حول الإرهاب لعام 2018، أن: “النظام الإيراني أنفق نحو مليار دولار لدعم وكلائه من الجماعات الإرهابية”.
وأشار التقرير، الذي جرى تقديمه في “واشنطن”، إلى دعم “إيران” لجماعات تصنفها “إرهابية”؛ مثل “حزب الله” وحركة “حماس” و”الجهاد الإسلامي” في “فلسطين”.
وشدد التقرير الأميركي على أهمية العقوبات التي جرى فرضها على “إيران”، عقب انسحاب “واشنطن” من “الاتفاق النووي”، في آيار/مايو 2018، بسبب تمادي “طهران” في سلوكها المزعزع للاستقرار بمنطقة الشرق الأوسط.
زودت أجنحتها بالأسلحة..
وأكدت “وزارة الخارجية” الأميركية، في تقريرها السنوي عن الإرهاب؛ أن “إيران” زودّت ميليشيات “الحوثي” في “اليمن” بأسلحة اعتبرتها “فتاكة”. وقالت إن المتمردين في “اليمن” استخدموا تلك الأسلحة في ضرب أهداف سعودية.
وكشفت أن ميليشيات “فيلق القدس”، التابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، والتي يقودها الجنرال، “قاسم سليماني”، زودت جماعة “أنصار الله”، (الحوثيون)، في “اليمن” بأسلحة فتاكة.
وجاء في التقرير أيضًا أن “طهران” استخدمت قوات “فيلق القدس” لدعم وكلائها في المنطقة وتوفير غطاء لعمليات استخباراتية، تدفع لزعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.
وقال التقرير: “استغلت قوات الحرس الثوري الإيراني وعناصر تابعة لحزب الله في لبنان، حالة الفراغ الأمني في اليمن، لتقديم دعم هائل إلى الحوثيين، وهو ما وسع نفوذ الحرس الثوري الإيراني في اليمن”.
كما أشار التقرير أيضًا إلى أن “حزب الله” اللبناني قدم بدوره دعمًا كبيرًا لـ”الحوثيين”، خاصة في مجال تطوير الطائرات المُسيرة أو الصواريخ (الباليستية) وهي أسلحة استخدمها “الحوثيون” في استهداف أهداف مدنية واقتصادية في “السعودية”.
وكانت تقارير سابقة قد أكدت أن “حزب الله” قام بتدريب “الحوثيين” على استخدم منصات إطلاق الصواريخ (الباليستية) والطائرات المُسيرة التي ضربت أهدافًا في المملكة.
وأضافت “الخارجية الأميركية” أنه: “رغم جهود الحكومة اللبنانية الرسمية في النأي بنفسها عن النزاعات الإقليمية، واصل حزب الله دوره العسكري في العراق وسوريا واليمن”.
عقوبات جديدة استهدفت قطاع الإنشاءات..
وقبل ساعات من صدور هذا التقرير، ذكرت “وزارة الخارجية” الأميركية أن “الولايات المتحدة” فرضت عقوبات على قطاع الإنشاءات في “إيران” وعلى التجارة في 4 مواد تستخدم في برامجها العسكرية أو النووية، في حين قدمت إعفاءات من عقوبات للسماح لشركات أجنبية بمواصلة أنشطة نووية سلمية في “إيران”.
وهو ما يعكس المسعى لزيادة الضغوط الاقتصادية على “إيران” من خلال وضع قطاعات أوسع من اقتصادها تحت طائلة العقوبات.
السماح باستمرارية العمل في المنشآت النووية..
ويأتي ذلك؛ بينما تركت “واشنطن” الباب مفتوحًا أمام الدبلوماسية من خلال السماح بمواصلة العمل في منشآت نووية إيرانية بما من شأنه أن يجعل من الصعب على “إيران” تطوير سلاح نووي.
وقال وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، أن قطاع الإنشاءات الإيراني خاضع لسيطرة مباشرة أو غير مباشرة لـ”الحرس الثوري” الإيراني، والذي وصفته “الولايات المتحدة” بأنه منظمة إرهابية أجنبية.
وفي قرار ثان، حدد “بومبيو” أن 4 “مواد إستراتيجية” تستخدم في البرامج النووية أو العسكرية أو الصواريخ (الباليستية)، مما يجعل التجارة فيها خاضعة للعقوبات.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، “مورغان أورتاغوس”، في بيان: “سيكون للولايات المتحدة بهذه القرارات سلطات إضافية لمنع إيران من حيازة مواد إستراتيجية للحرس الثوري الإيراني وقطاع الإنشاءات التابع له وبرامجه للانتشار النووي”.
وكانت (رويترز) ذكرت، الأربعاء الماضي، أن “الولايات المتحدة” تعتزم السماح للشركات الروسية والصينية والأوروبية بمواصلة العمل في المنشآت النووية الإيرانية.
واشنطن تتصيد الاستثمار مع الهند..
في السياق ذاته؛ قال “ستيفن منوتشين”، وزير الخزانة الأميركي، الجمعة، إن “الولايات المتحدة” تعمل مع حلفاء لها لضمان إمدادات عالمية كافية من “النفط” بعد أن منعت “عقوبات أميركية” دولًا من شراء الخام الإيراني.
وتحدث “منوتشين” إلى الصحافيين، أثناء زيارة إلى “الهند” التي كانت أحد المستوردين الرئيسيين لـ”النفط الإيراني” إلى أن أوقفت “نيودلهي” الشحنات في أيار/مايو هذا العام بسبب “العقوبات الأميركية”.
وقال “منوتشين”، الذي يقوم بجولة إقليمية لمحاولة حشد دعم مناويء لإيران: “نحن نتفهم حقيقة أن الهند لديها حاجات ضخمة للطاقة.. ولذلك نتطلع للعمل مع الهند بشأن الغاز الطبيعي المسال.. أجرينا مناقشات مثمرة”.
وتعتبر شركات في “الولايات المتحدة”، “الهند”، مشتريًا رئيسًا للغاز المسال بعد أن تضررت الصادرات إلى “الصين” من تصاعد النزاع التجاري بين “واشنطن” و”بكين”.
وأوقفت “الهند”، التي كانت ثاني أكبر مشترٍ لـ”النفط الإيراني” بعد “الصين”، واردات الخام من “إيران” بدءًا من أيار/مايو؛ بعد أن سحبت “واشنطن” إعفاءات من العقوبات لبعض مشتري “الخام الإيراني”.
وللتعويض عن فقدان “الخام الإيراني” اضطرت “الهند”، ثالث أكبر مستهلك لـ”النفط” في العالم، للبحث عن بدائل بما في ذلك زيادة المشتريات من “الولايات المتحدة”.
تسعى لعرقلة التنمية والبناء..
وفي رد إيراني على العقوبات الجديدة، صرح المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور، “عباس علي كدخدائي”، أن فرض عقوبات على قطاع البناء والإنشاء يُظهر سعي “الولايات المتحدة” لعرقلة التنمية والبناء في “إيران”.
وأفادت وكالة (مهر) للأنباء، أن المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور ونائب رئيس هذا المجلس، “عباس علي كدخدائي”، غرد في صفحته بموقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، تعليقًا على “العقوبات الأميركية” الصادرة ضد قطاع البناء والإنشاء في “إيران”، قائلًا: فشل سياسة “الحد الأقصى من الضغط” ضد “إيران” أظهر مرة أخرى العداء الذي يكنه “ترامب” ضد “إيران”، والذي برز عبر وضع العقوبات على قطاع البناء والإنشاء.
وتابع: هذه العقوبات تبين أن “ترامب” ينوي عرقلة التنمية والبناء في “إيران”، وهزيمته هذه المرة ستزيد من غيضه !.
عجز دبلوماسي..
كما اعتبر المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، “عباس موسوي”: “العقوبات الأميركية المكررة، على كيانات إيرانية هي دليل على ضعف واشنطن وعجزها في الدبلوماسية، ولن تحقق أهدافها”.
وأضاف “موسوي”: أن “السلك الدبلوماسي الأميركي بات عاجزًا عن إيجاد حلول دبلوماسية منطقية، وغدا لا يتوسل سوى بالقوة والإرهاب الاقتصادي”، وذلك حسب وكالة الأنباء الإيرانية، (إرنا).
وأكد على: “أن واشنطن لن تحقق أهدافها عبر فرض عقوبات مكررة وغوغائية على طهران”، لافتًا إلى أنه يتوجب على “الولايات المتحدة” العودة إلى “الاتفاق النووي” بدلًا من “فرض عقوبات مكررة والمزيد من الغرق في أوهام صنعتها بنفسها”.
عودة للاتفاق النووي..
بينما دعا وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، “الولايات المتحدة”، إلى العودة لـ”الاتفاق النووي” لعام 2015، وقال إن “طهران” لن تذعن أبدًا للترهيب الأميركي.
وأضاف “ظريف”، في تغريدة له على موقع (تويتر)؛ أن “العقوبات الأميركية” الجديدة المفروضة على “طهران”، تظهر فشلًا في سياسة “واشنطن”.
وغرد: “بدلًا من التنقيب بشكل أعمق، يجب على الولايات المتحدة التخلي عن السياسات الفاشلة والعودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015”.
وتابع وزير الخارجية الإيراني، في تغريدته إن: “إخضاع عمال البناء الإيرانيين إلى (إرهاب افتصادي)؛ يظهر فقط أقصى إخفاق (للضغط الأقصى) الذي تمارسه الولايات المتحدة، فيمكن لأميركا أن تعاقب كل رجل وامرأة وطفل، لكن الإيرانيين لن يستسلموا أبدًا للترهيب الأميركي”.
عودة العقوبات والانسحاب من الاتفاق النووي..
وكانت “الولايات المتحدة” قد أعادت فرض عقوبات جديدة على “إيران”، في أيار/مايو عام 2018، بعد الانسحاب الأميركي من “الاتفاق النووي”، لتشمل قطاعات الطاقة والشحن والخدمات المالية.
وأدت هذه العقوبات إلى نفور الاستثمار الأجنبي من “إيران”، وتقلص صادرات “النفط” منها، ما أدى إلى ندرة السلع المستوردة، وإنهيار سعر صرف العُملة المحلية، كل هذا أدى إلى زيادة التوتر في العلاقات بين “الولايات المتحدة” و”إيران”، وفي المنطقة بشكل عام.
وأعلن الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في الثامن من آيار/مايو 2018، انسحاب بلاده من الاتفاق المبرم مع “طهران” بشأن برنامجها النووي، عام 2015، واستئناف عقوبات اقتصادية صارمة استهدفت فيها الإدارة الأميركية تجفيف الموارد المالية الإيرانية، وفرض عقوبات على مشتري “النفط الخام الإيراني” ومنتجاته.
وردت “إيران” على ذلك بإعلانها مؤخرًا عدم الإلتزام بمجموعة أخرى من المعايير التي تم الاتفاق عليها عام 2015، وإتخذت ثلاث خطوات في طريق تقليص تعهداتها النووية، كان آخرها، في 7 أيلول/سبتمبر الماضي، عندما رفعت القيود على أبحاث ومستوى تخصيب (اليورانيوم) وأجهزة الطرد المركزي.
وسيلة ضغط لقبول التفاوض..
وكان المبعوث الأميركي الخاص بإيران، “براين هوك”، أكد في مقابلة مع قناة (العربية)، الخميس الماضي، أن “واشنطن” ستواصل فرض العقوبات على “إيران” حتى تقبل التفاوض على اتفاق نووي جديد.
وأوضح “هوك” أنه: “خلال عام من العقوبات؛ هوت مبيعات إيران من 2.5 مليون برميل إلى 120 ألفًا”، مضيفًا أن العقوبات تسببت في إنهيار قطاع النفط في “إيران”. واعتبر أن “نظام إيران ضعيف اقتصاديًا اليوم بسبب العقوبات؛ مقارنة مع وضعه قبل عامين”.
كما شرح المبعوث الأميركي أن العقوبات التي تفرضها “الولايات المتحدة” على “إيران” سببها “سلوكها المزعزع في المنطقة”، مذكّرًا بأن “واشنطن” أعلنت عن “تأسيس آلية مع بنوك سويسرا تسمح بتصدير مواد إنسانية وطبية لإيران”.
قاعدة “خاتم الأنبياء”..
يُذكر أن قاعدة “خاتم الأنبياء”، التابعة لـ”الحرس الثوري” وشركاتها، تسلمت العديد من مشاريع البناء ومشاريع البنى التحتية الإيرانية في مختلف المجالات سواء الطاقة والاتصالات والطرق والنقل والسدود، خلال السنوات الماضية، بموافقة حكومة الرئيس، “حسن روحاني”، ومن دون أي مناقصات أو إجراءات قانونية.
كما وقعت بلدية “طهران” اتفاقًا بقيمة 20 مليار تومان، عام 2015، مع مقر “خاتم الأنبياء” لتنفيذ مشاريع مدنية، بالإضافة إلى سعي الحرس للحصول العديد من العقود الجديدة والكبيرة بمجالات “النفط” وبناء السفن.
ويدير “الحرس الثوري” قرابة 100 شركة تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار تقريبًا، ويعمل فيها نحو 40 ألف شخص، حيث تمتلك مؤسسة “خاتم الأنبياء” نحو 800 شركة فرعية، وحصلت من خلالها على آلاف العقود الرسمية لتنفيذ مشاريع.
كما يمارس أنشطة في السوق السوداء من خلال ميليشيات “الباسيغ”. ورغم ما يحققه من أرباح خيالية إلا أنه يحصل على تمويل سخي من موازنة الدولة، حيث ارتفعت مخصصاته بين العامين الماضي والحالي بنسبة 55%.