23 ديسمبر، 2024 8:24 ص

بعد إعلان تشكيل الحكومة .. “الحريري” يشترط تشكيل حكومة تكنوقراط لقبولها !

بعد إعلان تشكيل الحكومة .. “الحريري” يشترط تشكيل حكومة تكنوقراط لقبولها !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تطورات متتالية تشهدها الساحة اللبنانية من احتجاجات إلى إعلان رئيس الحكومة، “سعد الحريري”، استقالته تحت ضغط شعبي متواصل، منذ أكثر من أسبوعين، على النخبة السياسية، التي يتهمها المتظاهرون بإساءة إدارة اقتصاد البلاد.

وهو الأمر الذي جعل الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، يدعو إلى تشكيل حكومة جديدة من التكنوقراط.

وقال “عون”، في خطاب تليفزيوني: “يجب أن يتم اختيار الوزراء والوزيرات وفق كفاءاتهم وخبراتهم وليس وفق الولاءات السياسية أو إسترضاءً للزعامات، فلبنان على مفترق خطير خصوصًا من الناحية الاقتصادية، وهو بأمس الحاجة إلى حكومة منسجمة قادرة على الإنتاج لا تعرقلها الصراعات السياسية والمناكفات ومدعومة من شعبها”.

الحريري” موافق على تشكيل الحكومة بشرط..

في غضون ذلك؛ قالت تقارير إعلامية إن “سعد الحريري” مستعد لتولي رئاسة الوزراء في حكومة لبنانية جديدة بشرط أن تضم وزراء تكنوقراط قادرين على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة بسرعة لتجنب إنهيار اقتصادي، لاسيما وأن الحراك الشعبي اللبناني الذي بات في الساحات لمدة 13 يوم لن يقبل سوى بحكومة خالية من مجموعة من الساسة البارزين الذين شملتهم الحكومة المستقيلة.

عودة فتح الطرق واستئناف البنوك عملها..

وغداة استقالة رئيس الحكومة، “سعد الحريري”، فُتحت معظم الطرق، الأربعاء الماضي، خلال النهار وعادت حركة السير إلى طبيعتها، إلا أن المشهد تبدّل، مساءً، وعاد المحتجون إلى الشوارع إنطلاقًا من “طرابلس”، في الشمال، وصولًا إلى مناطق أخرى في الوسط الساحلي وفي “بيروت” والجنوب، مؤكدين أن حراكهم لا يهدف فقط إلى إسقاط الحكومة وأنهم مستمرون في حراكهم حتى تحقيق كل مطالبهم.

ويطالب المتظاهرون بتسريع تشكيل حكومة جديدة يريدونها من التكنوقراط ومن المستقلين، بعدما عبروا عن إحباطهم من الأحزاب وكل السياسيين الذين يحتلون المشهد السياسي في “لبنان” منذ عقود.

واستأنفت بنوك “لبنان” استقبال العملاء اليوم، منذ أمس، للمرة الأولى منذ أسبوعين بعد موجة الاحتجاجات التي أدت إلى استقالة رئيس الوزراء، “سعد الحريري”.

وقالت وكالة (رويترز) إن ما لا يقل عن ثلاثة بنوك في العاصمة، “بيروت”، شهدت طوابير تضم ما يصل إلى 20 شخصًا، مع فتح البنوك أبوابها، وجرت ملاحظة أعداد أقل لدى فروع أخرى.

وغذّى اضطراب سياسي استمر أسبوعين، مع أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية، التي دارت في الفترة بين 1975 و1990، المخاوف بشأن تدافع المدخرين لسحب أموالهم أو تحويلها إلى الخارج فور استئناف البنوك عملها.

وتعهّد “مصرف لبنان المركزي”، بعدم فرض قيود على حركة رأس المال حين تستأنف البنوك عملها، وهي إجراءات قد تعرقل تدفقات العُملة والاستثمار التي يحتاجها “لبنان” على نحو ملحّ لتجاوز أزمته الاقتصادية.

لبنان تائه بين أمرين..

وتسببت الأحداث الأخيرة في أن أصبح “لبنان” أمام معادلة صعبة إما الإنحياز للشارع وتشكيل حكومة تكنوقراط لا نيابية ولا حزبية تبتعد عن المحاصصات الطائفية والخروج بـ”بيروت” من أسرها المتمثل في الصراع السياسي المتوقع على تركيبة الحكومة الجديدة؛ أو الإنهيار الاقتصادي، على نحو ما دعا رئيس مجلس النواب اللبناني، “نبيه بري”، إلى سرعة تأليف الحكومة الجديدة للبلاد، مشددًا على أن “لبنان” لا يتحمل مطلقًا المزيد من المتاعب والمخاطر اقتصاديًا وماليًا.

“نصرالله” يحاول استعطاف الشارع بالإنحياز إليه..

وفي محاولة من جانبه لإظهار إنحيازه للشارع اللبناني، الذي سبق وأن هدده بالتدخل وقلب المعادلة، خرج زعيم (حزب الله) اللبناني، “حسن نصرالله”، في خطاب جديد نقله التليفزيون أمس، ليؤكد أنه على الحكومة الجديدة أن تصغي إلى مطالب الشعب، داعيًا إلى الإسراع في تشكيلها، في خضم الاحتجاجات المستمرة منذ أسابيع ضد النظام السياسي في البلاد.

وتابع: “الجدية في العمل وأن لا تعتبر أن لديها وقتًا طويلًا. الوقت ضيق وصدور الناس ضاقت … الحكومة الجديدة يجب أن يكون عنوانها وهدفها الحقيقي بالدرجة الأولى عنوان استعادة الثقة بين الشعب وبين السلطة”.

دعوات دولية..

ومن ردود الفعل الخارجية، قال وزير الخارجية الفرنسي، “جان إيف لودريان”، إنه من الضروري من أجل مستقبل “لبنان” تشكيل حكومة بسرعة لتكون قادرة على إجراء الإصلاحات التي تحتاجها البلاد.

مضيفًا، في بيان: “في سياق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها لبنان منذ عدة أسابيع، يعود إلى جميع المسؤولين السياسيين اللبنانيين أمر إعلاء روح الوحدة والمسؤولية، لضمان الاستقرار والأمن والمصلحة العامة للبلد”، بحسب ما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.

وتابع البيان: “بهذه الروحية، يجب القيام بكل شيء لتجنب الاستفزازات والعنف والحفاظ على حق المواطنين في التظاهر بشكل سلمي”.

من جانبه؛ حث وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، الزعماء السياسيين في “لبنان”، على المساعدة في تشكيل حكومة جديدة تلبي احتياجات شعبها بعدما استقال رئيس الوزراء، “سعد الحريري”.

وقال “بومبيو”: “المظاهرات السلمية ومظاهر التعبير عن الوحدة الوطنية في الثلاثة عشر يومًا الماضية بعثت برسالة واضحة، الشعب اللبناني يريد حكومة تتسم بالكفاءة والفاعلية وإصلاحًا اقتصاديًا ونهاية للفساد المستشري”.

في السايق ذاته، ذكرت صحيفة (الأخبار) اللبنانية؛ أن رئيس الحكومة المستقيلة، “سعد الحريري”، التقى سفراء دول عدة منها؛ “الولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية”، مبدين دعمهم للحكومة واستمرارها.

أميركا تحجب المساعدات الأمنية للبنان..

وحول تداعيات استقالة “الحريري”، قال مسؤولان أميركيان إن إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، ستحجب مساعدات أمنية لـ”لبنان” حجمها 105 ملايين دولار.

ونقلت وكالة (رويترز) عن المسؤولين، اللذين طلبا عدم الكشف عن هويتهما، إن “وزارة الخارجية الأميركية” أبلغت “مجلس الشيوخ” الأميركي، (الكونغرس)، أمس الأول، أن مكتب الميزانية في “البيت الأبيض” و”مجلس الأمن القومي” الأميركي إتخذا ذلك القرار.

ولم تعلن إدارة الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، وقف المساعدات بشكل رسمي، ولم يذكر المسؤولان سبب الحجب.

وطلبت الإدارة الأميركية الموافقة على المساعدات الأمنية لـ”لبنان”، اعتبارًا من أيار/مايو الماضي، وقالت إنها ضرورية لـ”لبنان” لتمكينه من حماية حدوده، بحسب (رويترز)، وتشمل نظارات الرؤية الليلية وأسلحة لتأمين الحدود.

تكنوقراط بخلفية سياسية..

حول تشكيل الحكومة اللبنانية، قال الأكاديمي والمحلل السياسي، “د. نبيل سرور”، إن: “الوضع في لبنان يتطلب حكومة تكنوقراط مدعمة بالسياسيين”، موضحًا أن: “التكنوقراط قد يكون لديه إمكانات فنية واختصاصية، ولكن يجب وجود سياسيين أو تكنوقراط بخلفية سياسية”.

وتحدث “سرور” عن الآلية القانونية لتشكيل حكومة جديدة، حيث من المفترض أن “يدعو رئيس الجمهوية إلى استشارات نيابية مع الكتل النيابية بمجلس النواب اللبناني؛ التي تسمي بدورها رئيسًا للحكومة الذي يشكل الحكومة بالتنسيق مع رئيس الجمهورية”.

مشيرًا إلى أن: “الاستشارات النيابية التي يجريها رئيس الجمهورية تتضمن تسمية رئيس الحكومة وطبيعة الحكومة من حيث أنها تكنوقراط أو متخصصين أو مطعمة من الجانبين وبعدها يتم بلورة اسم الرئيس وطبيعة الحكومة”.

الشارع منقسم حول “الحريري”..

وقال إن: “الشارع اللبناني في حالة انقسام كبير حيال الرئيس، الحريري، وإمكانية القيام بالإصلاحات المطلوبة، خاصة أن الشارع لا يزال منتفض بشكل كبير تجاه السياسات التي أعتمدت من الحكومة”.

ولفت إلى أن: “الشعب يبحث عن وجوه جديدة، ولكن ربما يستطيع الرئيس الحريري على سبيل الإفتراض حال نجح في اختيار وزراء مقبولين لدى الشارع والقوى السياسية وهي خلطة يجب القيام بها بشكل إلزامي”.

وأضاف: “هناك ورقة اقتصادية مهمة جدًا في بنودها، إذا أطمأن الشارع أن الرئيس الحريري والطاقم الوزراري، قادر على تنفيذ المطالب الأساسية للشعب وتخليصه من أزماته، فهذا مفتاح لعودة الثقة المفقودة حاليًا بين السلطة والشارع”.

الحريري” يستقوى بأميركا على أمل تشكيل حكومة تكنوقراط..

من جانبه؛ أوضح الباحث في الشؤون الإقليمية، الدكتور “وفيق إبراهيم”؛ في الحقيقة فإن كتلة (حزب الله) فوجئت بهذه الاستقالة، رغم أنها حاولت، قبل يوم واحد، أن تردع  “الحريري” عن هذا الموضوع، لأنها تعرف أن استقالته تدفع بالبلد إلى أزمة حكم. وهو استقال لكي يعود بشروط جديدة لتشكيل حكومة جديدة، والفريق المقابل لن يقبل بأي تغيير في معادلة الحكم، وإن لم يقبلوا فـ”الحريري” لن يسمح لهم بتشكيل حكومة، إعتقادًا منه بأن الأميركيين، في حال شكلوا حكومة من دونه، فإنهم سيصدرون عقوبات قاسية جدًا على “لبنان”.

وأشار “إبراهيم” إلى أن “الحريري”؛ لذلك يستقوى بالأميركيين والعالم الغربي عمومًا إضافة إلى الخليج، وهذا ما أدى إلى استقالته، وإعتقاده بأنه سيعود رئيسًا لحكومة تكنوقراط تكون باختياره.

ولفت “إبراهيم” إلى أن “لبنان” اليوم يمر بأزمة خطيرة جدًا، وهذه الأزمة لا تسمح “الولايات المتحدة” بحلها لاعتبارات ربما تهدف منها إلى إرغام الطرف الآخر، أي (حزب الله) والآخرين على القبول بما يريده “الحريري”؛ أو فتح أزمة حكم قد تؤدي إلى تطورات في الشارع لا تحمد عقباها. بيد أن الوضع في “لبنان” على كف عفريت، وأي انفجار بسيط قد يؤدي إلى شحن النفوس. ولاحظنا منذ يومين كيف بدأ الحراك الشعبي ينتقل من الظاهرة المطلبية إلى الظاهرة الطائفية، وهذا الأمر خطير جدًا على السلم الأهلي في “لبنان”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة