أنّ المتابعَ لسياسة إيران في المنطقة منذ قيام ثورتها وحتى الآن، يدرك أنها لم تمانع يوماً ما من دعم المتطرفين والمتشددين سياسيا ودينيا، في المنطقة والعالم، ربما لخدمة مصالحها، ومصالح حلفائها، السياسية تارة، ولخدمة مصالحها الطائفية تارة أخرى. لقد ظهرت سوأة الإيرانيين خاصة بعد الحرب السورية، وانتزاع ورقة التوت عن السياسة الإيرانية التي كانت دائما تتشدق بأنّ الأخلاق عمادها، وتتزعم نصرة المستضعفين، ودعم الحركات الثائرة والتحررية في العالم، فإذا بها تقمع تلك الحركات بجيشها وحرسها الثوري، وتفتك المستضعفين بالبراميل المتفجرة، وتقتل اليوم من دعمتهم بالأمس فقط لأنهم اعترضوا سياستها فصاروا إرهابيين. لقد تعاونت إيران مع الجماعة الإسلامية في مصر –نواة تنظيم القاعدة-، ومع تنظيم القاعدة وطالبان في أفغانستان، ومع الإخوان المسلمين وحماس، ثم تنقلب على كلّ هؤلاء بعد الحرب السورية وصنفتهم كإرهابيين، عندما تعارضت المصالح. ومع أنّ العالم كلّه صنّف تنظيم القاعدة تنظيما إرهابيا ومع ذلك قامت إيران بإيواء عدد من قياداته بعضهم مطلوب لدى سلطات المملكة العربية السعودية ودول الخليج، وبعضهم مطلوب لدى السلطات الأمريكية. إذن فمن الذي دعم الإرهاب من أول يوم؟!
لقد استفادت إيران من الجماعات الإسلامية أكثر من استفادة تلك الجماعات من إيران، فقد اعتبرتها إيران ورقة ضغط إقليمية ودولية، ولعبت بوجودها على الأراضي الإيرانية، في حين أنّ تلك الجماعات لم تستفد شيئا يُذكر من إيران سوى شراء السلاح الإيراني، وتثبيت المزاعم الإيرانية والترويج الإعلامي الإيراني حول العالم أن الإرهابيين من السنّة فقط!. ومصطلح الإرهاب في السياسة الإيرانية فضفاض ولا يوجد تعريف منضبط له، فالإرهابي ليس هو الذي يمارس العنف ويرهب المدنيين والعزل، بل هو في نظر السياسة الإيرانية “كل من يحيد عن السياسة الإيرانية فهو إرهابي أو عميل للصهيو-أمريكي”، حتى ولو كان مدعوما من إيران نفسها بالأمس القريب!. وفي هذه الدراسة نحاول أن نقف عند معالم العلاقة بين إيران -على اختلاف إداراتها -والجماعات المتشددة، وكيف استفادت منهم الدولة الإيرانية في مشروعها الامبريالي في المنطقة، وكيف تقوم بتوظيف الدين والمذهب والطائفة في خدمة مشروعها التوسعي.
الإقصاء والعنف في أدبيات الخميني:-هناك أدبيات عنف، وخطاب متشنج وإقصاء تام لكافة الآراء المخالفة، عند الخميني. فالرجل جعل نفسه الدولة والدولة هو، ثم تمادى حتى جعل نفسه الطائفة “الشيعة”، والطائفة هو، بل تحدث باسم الإسلام واعتبر نفسه ممثلا للدين، ومن خالفه فقد خالف الدين!. وأعطى لنفسه صلاحيات تفوق صلاحيات القادة أو الزعماء والرؤساء، بل قد فاقت صلاحيات الأنبياء. فالرجل أعطى لنفسه الحقّ في إلغاء الصلاة والصيام والزكاة إذا اقتضت الحاجة: “فحكومة الإسلام هي الركن الأول في الإسلام، ولها الأولوية على الأركان الثانوية، مثل الصلاة، والصيام والحج. ولحماية الإسلام: يمكن أن تُعَلَّق أيا من أو كل الأركان الثانوية”]!. وبعباردة السيد محمد الشيرازي (1338 هجري- 1920م): “فإنّ الله قد فوّض للأئمة الولاية التشريعية والتكوينية، فزمام العالم بأيديهم، لهم التصرف فيه إيجاداً وإعداما”. وبعبارة الخميني نفسه (1320- 1409 هجري/ 1902- 1989م): فإنّ من أدعية الشيعة لأئمتهم: “إنّ حساب الخلق عليكم، وإيهابهم إليكم”!، “وإنّ للإمام ولاية كلية تجعله قائما على كل نفس بما كسبت، ومتسلطا على الضمائر والقلوب، وإنّ مادة عالم الإمكان مسخرة بيد الإمام يقلبها كيف يشاء، وإنّ من ضروريات مذهبنا أن لأئمتنا مقاماً لا يبلغه ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، ولقد كانوا قبل هذا العالم أنوارا محدقين بعرش الله”]. هكذا بلغ الخميني في الغلو الكهنوتي الدرجات التي لم تبلغها الكهانة الكنسية في العصور الأوربية المظلمة]. وهذا التقديس الذي أحاط به نفسه، والعصمة التي ألبسها لنفسه جعلته رجل الإقصاء الأول، ليس للسنة والمخالفين فقط، بل للشيعة أنفسهم كما حصل مع نائبه الشيخ منتظري الذي حوصر وأُقيم جبريا في منزله. والرجل لا يرى مانعاً دينيا أو أخلاقيا أو حتى إنسانياً للوقيعة بالمخالف السنّي، وإهلاكه، فيقول: (لا شبهة في عدم احترامهم –أهل السنة-، بل من ضروري المذهب كما قال المحققون. بل الناظر في الأخبار الكثيرة في الأبواب المتفرقة لا يرتاب في جواز هتكهم والوقيعة فيهم، بل الأئمة المعصومون أكثروا في الطعن واللعن عليهم وذكر مساوئهم). ومن هذه العبارة الصريحة ومثيلاتها يمكننا معرفة فلسفة إيران السياسية في موقفها من دول العالم السني وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، فهي تريد الوقيعة وإهلاك العالم السني بعبارة الخميني]، والتنظيمات الإرهابية لا شك من تلك الأدوات الهدامة التي تستعملها إيران في المنطقة. وأمرٌ أخير كي لا نتوسع في هذا الجانب: أنّ الفقه الشيعي مليء بالأحكام المتشددة والإقصائية، التي قيلت في سياق بيئتها، فإذا بالخميني ورجاله يُطبقونها في دولتهم منزوعة الصلة بمقاصدها وخلفياتها وأبعادها. وهذا الجانب ربما يتجلى بوضوح في كلامنا عن التطبيق السياسي العملي لدولة الخميني الفارسية!.
علاقة إيران بالجماعة الإسلامية في مصر:-الجماعة الإسلامية في مصر هي جماعة متطرفة خرجت على الدولة والمجتمع، وقتلت عشرات الآلاف من المصريين، وأنهكت الدولة المصرية في السبعينات والثمانينات وبداية التسعينات من القرن العشرين. وهي التي قتلت الرئيس الراحل أنور السادات، وهي التي قتلت عشرات الصحافيين، وهي النواة الحقيقية لتنظيم القاعدة فيما بعد. وارتبطت إيران ارتباطاً وثيقا برجال الجماعة الإسلامية، خاصة بعد نجاح ثورة الخميني، واستقبال النظام المصري للشاه، فقامت الدولة الفارسية الوليدة بنصب العداء مع الدولة المصرية، ونظامها السياسي وقتئذ، وقامت بدعم المسلحين الذين يخوضون العمليات الإرهابية ضد الدولة المصرية، ثم قامت الجماعة الإسلامية بقتل الرئيس السادات فقامت إيران بتسمية أحد الشوارع الرئيسية في إيران باسم الاسلامبولي المتهم الرئيسي في قتل السادات. ثم قامت باستقبال قادة الجماعة الإسلامية الفارين من الأحكام القضائية في مصر، وعلى رأسهم القيادي مصطفى حمزة الذي ظلّ في طهران حتى بعد سنة 2000م، ثم ذهب إلى لندن. بل ودعا مصطفى حمزة وأخوه -وكلاهما من قيادات الجماعة الإسلامية-الدولة المصرية إلى التقارب مع إيران، وانتقدا قطع العلاقات المصرية الإيرانية. والجماعة الإسلامية هي نواة تنظيم القاعدة كما مرّ، واخترطت بالعمل المسلح في سوريا ضد قوات بشار الأسد، وأرسلت عشرات المقاتلين في صفوف جبهة النصرة وغيرها، ومات زعيم الجماعة الإسلامية “رفاعي طه” في سوريا في أبريل 2016م. والمفارقة هنا أنّ الجماعة الإسلامية بعد أن كانت في نظر إيران هي تنظيم جهادي أثناء قتالها الداخلي ضد قوات الأمن المصرية، صارت تنظيما إرهابيا لأنها تقاتل في سوريا ضد قوات بشار!. فإيران تستغل الجماعات المتطرفة في خدمة مصالحها وأهدافها في العالم العربي والإسلامي، ثم تستفيد من وراء ذلك تشويه الإسلام السنّي وإلصاق التهم به.
علاقة إيران بتنظيم القاعدة:-معظم قيادات الجماعة الإسلامية الهاربة من مصر ذهبوا إلى أفغانستان في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات، وشكلوا مع آخرين، تنظيم القاعدة أثناء الحرب السوفيتية، وهؤلاء القادة ارتبطوا بشكل أو بآخر مع النظام الإيراني كما مرّ. ثم لما حصل الغزو الأمريكي لأفغانستان انتقلت قيادات كثيرة (قُدّرت ب 500 من أعضاء التنظيم وعائلاتهم) من أفغانستان إلى إيران، مما يؤكد تلك الصلة الوثيقة بين الجانبين، والتعاون الاستراتيجي بينهما، مع وجود التباين الأيدلوجي وبقائه.
ومن هؤلاء القيادات-سيف العدل، محمد صلاح زيدان، سافر مع أسامة بن لادن إلى السودان، وتولى القيادة العسكرية للتنظيم بعد مقتل أبو حفص المصري.
سعد بن لادن، الابن الثالث لزعيم تنظيم القاعدة. وتواجد مع 24 شخصا من أفراد عائلته في إيران,أبو حفص الموريتاني، أول مسئول شرعي لتنظيم القاعدة,أبو الوليد المصري، ولا زال محتجزاً في إيران حتى الآن, جعفر الأوزبكي: وهو شخصية كاريزمية وأساسية في التنظيم ولا زال موجودا في إيران ويشرف على شبكة مسئولة عن نقل الأموال والمقاتلين الأجانب عبر تركيا لصالح جبهة النصرة,ياسين السوري، وهو محتجز أيضا في إيران، وله دور كبير في نقل أصحاب الخبرات القتالية من باكستان إلى سوريا,صالح عبد الله القرعاوي، مؤسس كتائب عبد الله عزام فرع التنظيم في بلاد الشام، وتزوج من ابنة محمد الحكايمة أثناء وجودهما في إيران، وهو من أخطر المطلوبين على قائمة ال 85 السعودية.
ويبدو أن السياسة الإيرانية هنا تقوم على لُعبة استغلال تلك الجماعات في الضغط على خصومها السياسيين إقليميا ودوليا، فالقائمة شملت مطلوبين لدى المملكة العربية السعودية مثل: صالح القرعاوي. ومطلوبين لدى الولايات المتحدة الأمريكية ودول أوربية. ولكن يبدو أن إيران فضلت الاحتفاظ بهؤلاء القادة كجزء من استراتيجيتها في المنطقة. وقد أثبتت الوثائق الأمريكية وجود تلك العلاقة –المعروفة أصلا-بين إيران وتنظيم القاعدة. ويمكن حصر استفادة إيران من وجود مثل تلك القيادات في الآتي:
· دعمهم وإقامة التحالفات معهم حال وقوع أي خطر أمريكي على الحدود الإيرانية في العراق أو أفغانستان وهو ما حصل بالفعل.
· دعم تلك الجماعات الإرهابية ضد المملكة العربية السعودية، لإنهاك المملكة العربية السعودية في قضايا داخلية، وصراعات أيدلوجية.
· تشويه صورة الإسلام السنّي، في مقابل المشروع الفارسي الإيراني الذي يصدّر خطاب الاستضعاف والمظلومية.والمفارقة هنا أيضا: أنّ هؤلاء جميعا الآن -في نظر إيران-إرهابيون لأنهم يقاتلون قواتها وقوات حليفها بشار الأسد في سوريا. مع أنها كانت تنظر إليهم قبل ذلك نظرة مختلفة. وكأنّ إيران صارت تصف كل من يخالف سياستها بالإرهاب، حتى ولو كانت تدعمه من قبل، وكل من يتعاون معها بالممانع أو المجاهد حتى ولو كان يرتكب جرائم حقيقية على الأرض.
الدور الإيراني في أفغانستان:-للإيرانيين وجود قوي في مناطق البشتون، ووجودها يتخذ طابعا مخابراتيا، لأن أفغانستان بالنسبة لإيران رئة استراتيجية لا يمكن التخلي عنها.وفي الحكايات الشعبية الإيرانية أن كل أم إيرانية ولدت طفلا غبيا خافت منه فأرسلته إلى شرق البلاد، أي أفغانستان. بمعنى أن أفغانستان هي المنطقة النائية المحتاجة إلى رعاية. (مع العلم أن الأفغان يقولون إن الله قد جمع أغبياء الآريين ووضعهم في إيران، حضارة أفغانستان أساس حضارة إيران، ولغة أفغانستان هي لغة ملوك إيران، والدم الأفغاني أنقى من الإيراني).تشير الوثائق إلى احتفاظ المخابرات الإيرانية بعلاقات وثيقة مع طالبان وتنظيم القاعدة في أفغانستان، وربما تلك النقطة هي الحائل دون انقلاب السياسة الإيرانية ضد طالبان والقاعدة انقلابا جذريا، نظرا لاحتياج الدولة الإيرانية إلى المنظمتين في أفغانستان لما تتمتعان به من شعبية وحشد هناك بين القبائل. وتشير الوثائق إلى ضبط شحنات من الأسلحة الإيرانية لدى المنظمتين، ومع نفي الحكومة الإيرانية بيعها السلاح لأي من المنظمتين، إلا أن هناك مؤسسات غير حكومية تقوم بهذه المهمة. وإن استخدام طالبان لأسلحة إيرانية مثل الكلاشينكوف والصواريخ المحمولة، والألغام من طراز الثعبان، وتفضيلها على الأسلحة من المصادر الأخرى يدل على رواجها، في أفغانستان، وعلى رخص سعرها بالنسبة لجودتها، وملاءمتها للبيئة الأفغانية.إن إيران تتعامل مع كل المنظمات في أفغانستان المحظورة وغير المحظورة، وتتعامل مع طالبان رغم التباين السياسي والأيدلوجي، وتجعلها محل تجارب لأسلحتها الصغيرة.فعلاقة إيران بالقاعدة وطالبان في أفغانستان يحفظ لها:
· أوراق قوة وضغط داخل أفغانستان وهذا مهم جدا للإيرانيين لأهمية وطبيعة أفغانستان لهم.
· يحقق لها في أفغانستان نوعا من التوازن الأمني والاقتصادي.
· ضمان عدم وجود جار قوي، يصعب اختراقه أو التأثير في قراره.
· وجود سوق للسلاح الإيراني والبضاعة الإيرانية.
· الضغط على بعض الدول الإقليمية والدولية.
ألمحَ عددٌ من الباحثين إلى وجود علاقة بين إيران وتنظيم الدولة الإسلامية داعش. وذلك لوجود عدد من المصالح والأهداف المشتركة بين الجانبين، وهذه بعض الدلائل ما يلي:تجاهل البغدادي لإيران في خطاباته رغم أنه ذكر دولا كثيرة منها دول إسلامية.
· استهداف الشعوب العربية والإسلامية، وتفخيخ المساجد، وتكفير الأنظمة، وهو نفس اتجاه إيران، ويصبّ في مصلحتها المباشرة.
· تعتبر إيران أن لا شرعية للأنظمة السياسية في المنطقة وهذه نفس رؤية داعش.
· التحدث باللغة الطائفية، واستهداف الآخر بدنيا، ومعنويا، وإيران كذلك طائفية بالدرجة الأولى، فخطابها طائفي وأفعالها، وهنا يلتقي الطرفان.
· وصلت داعش لحدود إيران ولم تتقدم لاختراق الحدود الإيرانية. وكذلك في سوريا لم تستهدف داعش مليليشا إيران الطائفية ولا النظام السوري، بل تصب كل جهودها ضد الثوار.
وهذا يدلّ على أن داعش إن لم تكن مخترقة من إيران فهي تابعة لها، وتنفذ أجندتها، واستراتيجيتها وخططها في الداخل العربي.وكذلك المتابع لخريطة داعش منذ بدايتها في العراق يجد أنها كانت دائما في المحافظات والمدن السنية فقط، فقد تغلغلت في الأنبار والرمادي، والفلوجة، ولم تتوجه جنوبا نحو كربلاء أو النجف، رغم أن المدينتين الشيعيتين على الحدود مباشر جنوب الأنبار. بل ولم تتوجه الحشود الداعشية نحو بغداد لعلمها أن بغداد خط أحمر، واستقر بها المقام في المدن السنية تقتل وتفتك بالمدنيين، فهي بذلك تتقاطع مع نفس سياسة إيران في العراق من تهجير المواطنين السنة، وممارسة الانتهاكات بحقهم، ومن ثم فالمستفيد الأول من وراء هذه الأوضاع هي إيران.وربما مع مرور الزمن تثبت الوثائق وجود علاقات قوية بين داعش وإيران، كما ثتت تلك العلاقة بين إيران وتنظيم القاعدة.
النظام الإيراني هو نظام تسيطر عليه عقلية المليشيات، وهي عقلية تغذيها الإرهاب، فبقاؤها من بقائه. فهي ليست دولة مؤسسات بل دولة ميليشيات طائفية، ولا تريد للإرهاب أن ينقطع، ولا تريد اجتثاثه من جذوره. ولإيران سجلّ حافل في العمليات الإرهابية بواسطة رجالها وميليشياتها، ومن هذه العمليات:
· اقتحام السفارة الأمريكية عام 1979م في طهران، واحتجزت الدبلوماسيين الأمريكيين لمدة 444 يوما.
· قامت باقتحام السفارة السعودية في طهران سنة 1987م. وقتلوا أحد الدبلوماسيين السعوديين، وتم إصابة القائم بالأعمال والتعدي على أسر وعائلات وأطفال ونساء.
· الاعتداء على السفارة الفرنسية سنة 2010م.
· الاعتداء على السفارة البريطانية سنة 2011م، واقتحمتها بذات الأشخاص الذين يتظاهرون كلّ مرة ويقتحمون إحدى السفارات.
· اقتحام السفارة السعودية سنة 2015م. وحاولت اقتحام القنصلية السعودية في مشهد.
· ضبط ثلاث خلايا تجسس إيرانية في السعودية، وسبع خلايا في الكويت، واثنتان في اليمن، وواحدة في الإمارات، واثنتان في البحرين.
· علاوة على القيام ب 18 عملية إرهابية في الكويت، و 6 عمليات إرهابية في السعودية، و 4 عمليات في لبنان.
· محاولة اغتيال دبلوماسيين منهم وزير الخارجية السعودي عندما كان سفيرا للمملكة في واشنطن. واغتيال السكرتير الأول في السفارة الكويتية في الهند سنة 1980 مصطفى المرزوقي، والدبلوماسي الكويتي في مدريد نجيب الرفاعي سنة 1982م.
· وامتد إرهاب الدولة الإيرانية داخل إيران نفسها، عن طريق: استهداف الأقليات العرقية داخل إيران، العرب، البلوش، الآذريين. وكذلك ضد الأقليات الدينية: السنة، الصابئة، البهائيين.
· وشمل إرهاب النظام الإيراني بعض الشيعة المعترضين على سياساته كما حصل في الثورة الخضراء سنة 2009م. وكذلك قامت بعمليات تصفية للشيعة في الأحواز، ودعمت حزب الله اللبناني في حربه ضد حركة أمل سنة 1985م. ودعمت أرمينيا المسيحية، ضد أذربيجان الشيعية.هذا تاريخ إيران الطائفية الإرهابية، ومن ثم فوجودها من وجود المليشيات، وبقاؤها من بقاء الإرهاب، فمن الطبيعي إذن أن تؤسس جيوش من الإرهابيين، والمليشيات الطائفية، كي تكون ذراعا لها في جرائمها وانتهاكاتها.فعلى صعيد المنظمات الشيعية الإرهابية والمتطرفة لم تتوان إيران عن دعمها، ماليا ولوجستيا، وعسكريا، لبسط سيطرتها على المنطقة، وقلقلة الأوضاع والمحيط المجاور، وتفخيخ العملية السياسية في أحايين كثيرة، كما هو الحاصل في سوريا واليمن.وفي سوريا وحدها تشير التقارير إلى أن إيران تدعم تنظيما طائفيا يقاتل بجانب بشار الأسد: (حزب الله اللبناني-الحرس الثوري الإيراني-أنصار الله “عناصر يمنية حوثية”-لواء “أبو الفضل” العباس-لواء ذو الفقار-كتائب حزب الله العراقي-كتائب سيد الشهداء-قوات الشهيد محمد باقر الصدر-عصائب أهل الحق-حركة حزب النجباء-فيلق الوعد الصادق-لواء أسد الله-فوج التدخل السريع-جيش المهدي).وفي العراق أيضا تدعم إيران عددا من التنظيمات الطائفية الإرهابية التي تقوم بعمليات إبادة جماعية وجرائم حرب ممنهجة كمثيلاتها في سوريا، ومن هذه التنظيمات: (فيلق بدر-سرايا السلام-عصائب أهل الحق-كتائب حزب الله العراقي-سرايا الدفاع الشعبي-لواء أبي الفضل العباس-الحشد الشعبي).
إيران وحزب الله اللبناني-حزب الله هو أكبر وأقدم وأخطر تنظيم مسلح موال لإيران الخميني، وهو لا يُخفي هذه الموالاة منذ تأسيسه، لذلك كان طبيعيا أن يقول السيد إبراهيم الأمين الناطق الرسمي باسم الحزب، جواباً عن علاقة الحزب بإيران: (نحن لا نقول إننا جزء من إيران، نحن إيران في لبنان، ولبنان في إيران).وجاء في الإعلان التأسيسي للحزب أو ما يُسمى بالرسالة المفتوحة التي وجهها الحزب إلى المستضعفين في لبنان والعالم في 16 شباط/ فبراير 1985م: (إننا أمة أبناء حزب الله نعتبر أنفسنا جزءًا من أمة الإسلام المركزية في العالم، نلتزم بأوامر قيادة واحدة، حكيمة عادلة، تتمثل بالولي الفقيه الجامع للشرائط، وتتجسد حاضراً بالإمام المسدد آية الله العظمى روح الله الموسوي الخميني دام ظله..).فحزب الله إذن هو حزب إيراني أو رأس الحربة الإيرانية في المنطقة، فهو تابع لها فقهيا/ اجتهاديا، وسياسيا، واقتصادياً.
النشأة إرهابية من أول يوم-وقد بدأ الحزب من أول يوم بداية إرهابية، فعمل على تخويف الناس، وترويع الآمنين، ورفع سلاحه ضد كلّ مخالفيه من أول يوم، بل ضد الشيعة أنفسهم، فأول ما رفع الحزب سلاحه كان ضد عناصر حركة أمل الشيعية التي تعود جذور نشأتها إلى السيد موسى الصدر، المحسوب على الشيعة العرب.وبدأت الحرب بين الطرفين سنة 1985م واستمرت أسابيع، إلى أن قام النظام السوري والإيراني بإحداث اتفاقيات وتفاهمات بين الطرفين، وقدرت الخسائر الناجمة عن هذه المعارك بألفين وخمسمئة ضحية، وخمسة آلاف جريح، فضلا عن الخسائر الاقتصادية الفادحة، في المنشآت والبنى التحتية، والانشقاق النفسي بين أبناء الطائفة الواحدة.لكن استطاع حزب الله –المدعوم إيرانيا-أن يخرج منتصراً في هذه الحرب ويكسر شوكة حركة أمل العسكرية، ويمدد نفوذه، ويستولى على ما تبقى من نفوذ وعناصر حركة أمل، المدعومة من النظام السوري وقتئذ.
وكان الحزب مدعوما في هذه الحرب من إيران ذلك لأن نشأته مرتبط بنظام ولاية الفقيه التي تبنته إيران بعد ثورة الخميني، لكن حركة أمل في نظر حزب الله وإيران هي حركة علمانية متمردة خارجة عن تعاليم المعصوم/ الإمام، وهي حركة نشأت بأيادي العرب، ممن لهم صلة وثيقة بحوزة النجف، أما حزب الله فمن أول يوم إيراني النزعة، فارسي النشأة، يدور في مدار المرشد الأعلى.إذن فقد بدأ الحزب إرهابيا بامتياز وسفك دماء اللبنانيين، وحاد عن منهجه الذي رسمه لنفسه من أول يوم وهو المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي فقط.ولا زال الحزب إلى يومنا هذا يشارك في قتل الأبرياء في سوريا، وصار جزءًا من المخطط السياسي الإيراني في المنطقة، وأداة لملالي طهران.
الحوثيون وإيران-قامت إيران بدعم جماعة عبد الملك الحوثي أو أنصار الله، واستطاعت بمرور الزمن وبسياسة النفس الطويل، عن طريق الدعم الدؤوب والتدريب المستمر، إلى احتواء واحتضان الحركة، وتحويلها إلى أداة لينة موالية تمام الموالاة للسياسة الإيرانية، وإخراجها عن المشروع الوطني اليمني. وبعد أن كانت حركة عربية زيدية صارت حركة فارسية اثنا عشرية، تسعى لإنهاك دول الجوار، والتعدي على الأمن القومي الخليجي لصالح المشروع الإيراني، وجرائمها في اليمن أشهر من أن تُشهر، وأكثر من أن تُحصر.تلك الجماعات الشيعية الطائفية مكنت إيران من السيطرة على ثلاث عواصم عربية، وفقا لحيدر مصلحي وزير الاستخبارات في حكومة أحمدي نجاد.
وصرّح مستشار الرئيس الإيراني لشئون الأقليات علي يونسي تصريحات اعتبر فيها العراق “عاصمة الامبراطورية الإيرانية الجديدة”.وكان نائب قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري اللواء إسماعيل قائاني قال هو الآخر: “إن إيران مستمرة في فتح بلدان المنطقة، وإننا بدأنا بالسيطرة على أفغانستان والعراق، وسوريا، وفلسطين ونتقدم اليوم في بقية بلدان المنطقة بنفوذنا”. هذه التصريحات ليست مصادفة أو زلات لسان بل هي تعبر أتمّ التعبير عن السياسة الإيرانية في المنطقة، وأنها تريد الهيمنة، والتوسع، ولا تحترم دول الجوار، ولا اعتبارات الأمن القومي للآخر، فتقوم بتنفيذ مشروعها الامبريالي عبر تلك الجماعات المتطرفة التي تدعمها: الحوثيون في اليمن، وحزب الله في لبنان، والشيعة الموالين في البحرين، وهكذا.
يلعب النظام الإيراني بالنار، فهو النظام الوحيد في العالم الذي يؤسس جيوش من الإرهابيين الطائفيين، والمليشيات المسلحة التي ترتكب أفظع الجرائم باسم المذهب.ويعتقد الإيرانيون بتلك الجرائم أنهم يتقربون إلى المعصوم ويُمهدون لظهوره بتلك الانتهاكات، بعبارة أخرى نستطيع تفهم السياسة الإيرانية بأنها تعتمد على سياسة الأرض المحروقة. لكن الباحث يدرك أنه لا مستقبل لسياسة كهذه في القرن الواحد والعشرين. فاستمرار هذا التوجه الإيراني وديمومته أقرب إلى المستحيلات، فضلا عن أنه من عوامل الضعف والهشاشة الداخلية التي تأكل في جسده، إلى جانب الصراع بين الطبقة الحاكمة، وبين رجال الحرس الثوري، وعدم وجود مؤسسية مستقرة يُلجأُ إليها عند النزاع، وكذلك لنفور قطاع كبير من الإيرانيين من هذا الحكم الكهنوتي في ظل استمرار الاضطهاد الداخلي والتوريط الخارجي!.