خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
في مرحلة صعبة ودقيقة في تاريخ “لبنان”، قدم أمس الثلاثاء، رئيس الوزراء اللبناني، “سعد الحريري”، استقالته، مشيرًا إلى أن ذلك من شأنه معالجة أوضاع المواطنين. ومتمنيًا عدم سقوط “لبنان” نهائيًا في الديون خلال الحرب الاقتصادية التي يتعرض لها، وموضحًا أنه من الصعب تشكيل حكومة لبنانية جديدة في ظل وجود تشابكات بالمصالح ما بين السياسيين والشعب اللبناني والقوى الإقليمية والدولية.
تهرب من المسؤولية !
قال الخبير الروسي، “شامل سلطانوف”، إن استقالة “الحريري”، لن تؤدي إلى حرب أهلية في البلاد، وسيتم اختيار بديل له، خلال أسبوعين أو ثلاثة أسابيع، وبذلك ستنتهي قصة عائلة “الحريري”.
مضيفًا أن رئيس الوزراء اللبناني قد تعرض للضغوط من جهات عديدة، مثل “المملكة السعودية” و”الإمارات العربية” وتنظيم “حزب الله”.
ولذلك وقع “الحريري” في حيرة من أمره فأخذ يتردد، وكان عليه أن يتخذ موقفًا صارمًا: إما أن يكون أن يصطف في خندق “حزب الله” الشيعي، بقيادة “حسن نصرالله”، أو أن يقوم بحشد المؤيدين له ويستعد للصراع. ولكن رئيس الوزراء اللبناني، تصرف بأسوأ طريقة، حيث استقال من مصبه دون اللجوء لأي معسكر، مما يعني أنه قد أُصيب بالجبن والخوف، ولذا تهرب من المسؤولية.
إنطواء صفحة عائلة “الحريري” !
أضاف الخبير الروسي أن “لبنان” لن يقع لاحقًا في حرب أهلية بسبب استقالة “الحريري”، لأن تنظيم “حزب الله” يمتلك مواقع القوة، كما أن الجيش اللبناني يحظى بالدعم اللازم.
وبذلك فإن ميزان القوى في البلاد بات مختلفًا عما كان عليه في ثمانينيات القرن الماضي. لذلك سيجري البحث عن شخص آخر ليحل محل “الحريري” في منصب رئيس الحكومة. وسيتعين على ذلك الشخص القادم تمثيل السُنة وفقًا للصيغة المحددة في “لبنان”.
ومن المتوقع أن أن يتم العثور علي الشخص المناسب، خلال مدة تتراوح بين أسبوعين وثلاثة أسابيع، وفي غضون بضعة أشهر سينسى اللبنانيون، “سعد الحريري”، وتنتهي قصة تلك العائلة إلى الأبد.
الأزمة ستتفاقم !
فيما رأت صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية أن استقالة “الحريري” لن تؤدي إلى تهدئة الأوضاع في “لبنان” بل إن الأزمة السياسية والاقتصادية ستتفاقم وستدفع البلاد إلى المجهول، لأن تنظيم “حزب الله” – المدعوم إيرانيًا والذي ظل يطالب باستمرار “الحريري” في منصبه – سوف يزداد قوة وسيبث الفُرقة بين “بيروت” وعواصم الدول الخليجية السُنية، التي قلصت مساعداتها الاقتصادية لـ”لبنان”.
وكانت الدول الحليفة لـ”لبنان” قد وعدت، العام الماضي، بتقديم مساعدات لحكومة “الحريري” بقيمة 11 مليار دولار، شريطة إجراء عدة إصلاحات لم تنفذها الحكومة.
أضف إلى ذلك أن “الولايات المتحدة” مارست مزيدًا من الضغوط على القطاع المصرفي اللبناني، في محاولة للحد من نفوذ “إيران” عبر إضعاف تنظيم “حزب الله”.
“حزب الله” سيطر على الحكومة والرئيس !
وكان المحلل الإسرائيلي، “رون بن يشاي”، قد علَّق على الأحداث في “لبنان”، قائلًا: إن استقالة “الحريري” تهدف في المقام الأول إلى منع الإنزلاق إلى أتون الحرب الأهلية. ثم إنها تهدف كذلك إلى تهدئة المتظاهرين الذين طالبوه بالاستقالة.
وأشار “بن يشاي” إلى أن حكومة “الحريري” – التي يتحكم في قراراتها، “حسن نصرالله” – لم تصمد أمام الانتفاضة الشعبية. والعجيب أن “نصرالله” قد أبدى تفهمة لمطالب المتظاهرين في البداية، لكنه في المقابل حذرهم من التجاوز والمساس بالحكومة التي يعتبر معظم وزرائها داعمين لتنظيمه المسلح.
وأوضح المحلل الإسرائيلي؛ أن الرئيس اللبناني، “ميشال عون”، هو في الحقيقة مسيحي ماروني، لكنه مدعوم أيضًا من تنظيم “حزب الله”، وهو بشكل أو بآخر يتلقى التعليمات من السرداب الذي يقبع به قائد التنظيم الشيعي. لذلك كان من مصلحة تنظيم “حزب الله” استمرار حكومة “الحريري”.
على حافة الحرب الأهلية !
إن استقالة حكومة “الحريري” – بحسب المحلل الإسرائيلي – تشكل تهديدًا خطيرًا للطائفة الشيعية عمومًا ولتنظيم “حزب الله” خصوصًا، لأنه بذل جهودًا جبارة حتى تمكن من تشكيل حكومة واختيار رئيس موالين له.
ومن جهة أخرى فإن استقالة الحكومة اللبنانية تؤكد للمتظاهرين الذين يغلقون الطرق في “بيروت” والمدن الكبري – وكذلك لقادة “حزب الله” – أن “لبنان” بات على حافة الحرب الأهلية؛ مما يستوجب الهدوء والتريث وإعادة الحسابات.