17 نوفمبر، 2024 3:44 م
Search
Close this search box.

السودان: الازالة من لائحة الارهاب و التطبيع مع الأسرة الدولية

السودان: الازالة من لائحة الارهاب و التطبيع مع الأسرة الدولية

صحيح ان عملية ازالة اسم السودان من اللائحة الأمريكية الدول الراعية للارهاب قد انطلقت حتي قبل ان يشعل السودانيون ثورتهم الفريدة، إلا انها كانت عملية متعثرة و عرضة للانتكاسات و التأجيل بسبب ان الدافع لاطلاقها أصلاً كان الضغط السعودي الاماراتي الذي جاء كمكافأة لنظام البشير علي تخليه عن حلفه مع ايران و انخراطه في العمليات الحربية في اليمن (الحلف العربي) و ليس بسبب مواقفه من قضية الارهاب..
ان خطيئة نظام البشير الرئيسية هي انه تعاطي مع هذا الملف (الازالة من اللائحة) علي انه ملف أمني صرف و وضعه في يد كوادر جهازه الأمني و انحصر مجهود الأخير في التنسيق مع جهاز المخابرات المركزية الأمريكي CIA ذلك التنسيق الذي ابتدره بشكل علني المدير السابق لجهاز الامن السوداني صلاح قوش في العام 2005م أو قبله بأشهر و سار علي نسقه رفيقه محمد عطا!
كان لدي قادة الانقاذ “بسبب العقلية الأمنية التي اداروا بها حكمهم” اعتقاد جازم بان امريكا ايضاً تدار أمنياً بواسطة أجهزة مخابراتها! و هذا تفكير خاطئ بالمجمل، فأمريكا فيها واحدة من اكبر و اعقد الاجهزة السياسية و التي لها قول مهم فيما يحدث؛ فالكونغرس و الخارجية و الحزبين الديمقراطي و الجمهوري و المؤسسات و المراكز البحثية و المؤسسات الاعلامية و جماعات الضغط كلها تسهم في اتخاذ القرارات و ليس الأمر كله بيد ال CIA كم اعتقد الواهمون، فالمخابرات تهتم و تنفذ اجندة تعنيها وحدها و رضاها لا يعني بحال رضا البيت الأبيض!
كذلك صحيح ان إسقاط نظام البشير و الذي تم بثورة شعبية سلمية ادهشت المراقبين و عبرت بالسودان فوق عقبات من الاضطراب الأمني و الاحتراب الاجتماعي و الانقسام السياسي الي بر الأمان، تمثل حجر الزاوية في جهود ازالة اسم من القائمة الأمريكية للدول الراعية للارهاب الا أن ذلك لن يكفي وحده بل يجب علي الحكومة الانتقالية بكافة مؤسساتها أن تضع و تتخذ من الإجراءات ما يكفل تمام ذلك العمل..
أن أحد اخطاء نظام البشير العديدة و التي زجت ببلادنا في وحل مستنقع الارهاب هو أنها كانت تعتبر المسألة (مكافحة التطرف و الارهاب) مجرد مطلوب امريكي! في حين أن المسألة في حقيقتها مطلوب وطني قبل أن يكون امريكي، و هذه هي الفلسفة التي يجب أن تعتمدها الحكومة الانتقالية كقاعدة و أساس، ثم من بعد عليها أن تشرع في اتخاذ الخطوات العملية..
من تلك الخطوات، انشاء دائرة مختصة بمكافحة الارهاب في وزارة الخارجية مهمتها معالجة المسائل المتعلقة بالإرهاب في العلاقات الدولية و بطبيعة الحال وصمة الارهاب التي تلاحق اسم السودان، و إنشاء وحدة لمكافحة الارهاب تنتخب لها أفضل العناصر من القوات النظامية تختص بتحقيقات جرائم الارهاب و عمليات مكافحته عسكرياً و امنياً، وضع سياسات مكافحة التطرف و الارهاب في قلب سياسات و مناهج التعليم و خطط مؤسسات الاعلام و الخطاب الديني.
حينها لن ننجح فقط في إزالة اسم بلادنا من لوائح الإرهاب و ما تبع ذلك من عواقب (حصار اقتصادي و مالي، و مقاطعة دبلوماسية و سياسية، و تضييق علي الرعايا السودانيين في مطارات الدنيا) بل سنضمن أمننا و سلامنا، بمجتمع خالي من التطرف و العنف، و أمن جيراننا و اقليمنا و الأمن و السلم الدوليين.

أحدث المقالات