هيبة الدولة
البندقية لاتفرض هيبة الدولة، ولا الرصاص يجعل الأمن مستتباً .
عاملان أساسيان يجعلان هيية الدولة راسخة في نفوس المواطنين اولهما القانون وثانيهما التنمية .
وللأسف هذان العاملان مفقودان في بلاد الرافدين منذ زمن بعيد ، ولم يتعلم حكام هذا البلد رغم التجارب والتاريخ ان يفرضوا هيبة الدولة من خلال احترام القانون والعدالة .
كل الدول المحترمة في العالم تحترم القانون ولا تسمح بالتجاوز عليه ، فلا … كبير فوق القانون .
البشر في كل بلدان الدنيا لا يختلفون عن بعضهم البعض ، فالشعوب المتحضرة والمتخلفة تقاس بالتزامها بالقانون من عدمه ، لذلك قيل العدل إساس الملك، فلو ضُرب القانون في بريطانيا مثلاً لمدة ساعة لرأيت الفوضى تعم الشوارع وسيعتدي الناس بعضهم على بعض وستنهار حركة السير ويحدث ما يحدث .
لذا لا يسمح لاي انسان ان يتجاوز على القانون ولو كانت الملكة بنفسها .
فحينما نرى وزير هنا ومسؤول هناك يستقيل او يحاسب لتجاوزه البسيط على القانون نعلم ان هيبة الدولة مقدسة من خلال القانون في هذا البلد او ذاك .
لقد غيَّب السياسيون العراقيون القانون واعتدوا عليه ، مما جعلوا المواطن. لا يحترمه ولا يعير أهمية للقانون بدأً من إشارات المرور وصولا الى قرارات المحاكم ورفض الموظفين الامتثال الى الامر الإداري .
لقد أضاع السياسيون العراقيون هيبة الدولة باعتدائهم على القانون أيما اعتداء ، وطوعوه لمصالحهم كما طوعوا الوطن وخيراته .
لقد استولوا على الأراضي والمناصب والأموال، احتكروا السفارات والوزارات وأسسوا المشاريع والشركات الوهمية وعيَّنوا الحمايات الوهمية واستغلوا البسطاء وغرروهم بالتعيينات، حتى جعلوا المواطن العراقي يبحث عن ( واسطة ) كي يحصل على عمل يحفظ كرامته وهو يدور مردداً السؤال التالي ( اگلك عندك عِرف محتاج تعيين) .
اسقطوا هيبة الدولة حينما رفضوا الاحتكام الى القانون والتجأوا الى عشائرهم في خصوماتهم السياسية .
اسقطوا هيبة الدولة حينما عجزوا عن حماية الفقراء من سطوة الأغنياء.
اسقطوا هيبة الدولة عندما منحوا عشرات التراخيص للمدارس الأهلية ولم يعتنوا بالمدارس الحكومية مما جعلوا الفقراء عرضة للابتزاز.
اسقطوا هيبة الدولة حينما جعلوا الجامعات والكليات بمثابة دكاكين لبيع الشهادات العلمية، فازداد عدد الخريجين دون وجود سوق عمل يستوعبهم .
اسقطوا هيبة الدولة حينما انشغلوا بخلافاتهم السياسية وتقاسموا الدولة باعتبارها غنيمة وتركو المواطن يصارع الحيتان من اجل ان يعيش .
اسقطوا هيبة الدولة حينما اسسوا مجلس العشائر ومجالس الإسناد وغيرها .
اسقطوا هيبة الدولة حينما جعلوا كلمة فاسد او سارق كلمة عادية غير مستهجنة ولم يحاسبوا احد .
اسقطوا هيبة الدولة حينما حولوا كلمة مسؤول الى متسلط .
اسقطوا هيبة الدولة عندما تركوا الشباب دون خطط عملية او اماكن ترفيهية او نوادي شبابية تستوعبهم ، ناهيك عن عدم وجود الوظائف.
فانتشرت المخدرات وازداد عدد العاطلين عن الحياة والعمل.
اسقطوا هيبة الدولة عندما اهملوا المستشفيات الحكومية وهم يتعالجون في الخارج ، مما جعل الفقراء يحنقون على الدولة .
من يطالب بهيبة الدولة عليه ان يحترم القانون ولا يتجاوز عليه ، لكي يتمكن من تطبيقه على المواطنين وإلزامهم باحترامه .
سأعود الى التنمية وهو العامل الثاني في حفظ هيبة الدولة
اكاد اجزم ان الفساد موجود في اغلب دول العالم لكن بنسب مختلفة، فالمشاريع التنموية من مدارس ومستشفيات و وسائل النقل العام والمطارات والملاعب والمساكن الواطئة الكلفة والحدائق العامة وأماكن الترفيه المجانية للفقراء ، وأسواق وخدمات عامة مثل الكهرباء والماء وغاز البيوت والطرق المعبدة والرقابة على الأجهزة الحكومية بالإضافة الى التنمية البشرية من خلال دعم المتفوقين ( اي الدعم من خلال القانون وليس المسؤول بشكل فردي على طريقة صورني وانشر ) وغيرها.
كل هذه عوامل تغفر للحكومة بهامش بسيط من الفساد .
لكن بغياب القانون العادل والتنمية سيكون هناك فوضى ودمار ، كما سيجعل الأعداء يتسللون الى الداخل .
لا احد يريد ان يموت ولا أحد يريد ان يهاجر من وطنه ان لم يكن مرغماً .
تذكروا دائما قول النبي محمد (ص)
اذهبوا الى الحبشة فان فيها ملك عادل لا يظلم عنده احد.
انها هيبة الدولة انه العدل والقانون .