فضحت أحداث العراق الأخيرة الدامية والمأساوية ،من تهجير آلاف العوائل في ديالى، وتفجيرات إجرامية قاتلة في عموم محافظات العراق ،ذهب ضحيتها آلاف الأبرياء في موجة وحشية من الإرهاب المنظم ضد الشعب العراقي ، وأخيرا الهجوم الكبير على سجني التاجي وابوغريب وهروب آلاف المعتقلين والسجناء من هذين السجنين ، ،هشاشة الوضع الأمني وانهيار العملية السياسية وفشلها ،وفتح باب الحرب الأهلية الطائفية على مصراعيها ،كما حذرت منها الأمم المتحدة وإدارة اوباما حكومة المالكي قبل أيام فقط من هذه الأحداث ،ولكي لا نلقي الأحكام على عواهنها ،نذكر بتصريح زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر حينما طلب من الشعب العراقي (الانتفاض ضد حكومة المالكي وإسقاطها )،أو تصريح إياد علاوي زعيم القائمة العراقية والتي طالب فيها رئيس الوزراء بالاستقالة فورا من الحكومة ،احتجاجا على تردي وانهيار الوضع الأمني والخدمي بشكل لا يحتمل السكوت عنه ،قبل إعلان انتفاضة الشعب العراقي كله من الجنوب الى الشمال، إذا ما علمنا أن محافظات البصرة وميسان وذي قار وكربلاء والمثنى والقادسية، قد خرجت فعلا ومنذ أسابيع مطالبة بالخدمات ،ناهيك عن المحافظات الغربية المنتفضة منذ أكثر من ستة أشهر مضت مطالبة بحقوقها المشروعة، في إلغاء الإقصاء والتهميش وإعادة التوازن في المناصب الحكومية وإلغاء قرارات الحاكم المدني سيء الصيت بول بريمر وإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء ، إذن يأتي تصريح مقتدى الصدر وإياد علاوي ،ليضعا الحكومة على فوهة الرحيل الحتمي ،وهو جرس إنذار نهائي وعلى حكومة المالكي الانتباه له قبل فوات الأوان، ويحصل الطوفان الجماهيري الذي سوف لن يبقي ولا يذر ،وهذا ما تقصده الأمم المتحدة بالحرب الاهلية ،ولكن من وراء كل هذا التدهور والانفلات الأمني والفشل السياسي والخدمي في العراق ،قطعا هناك دول إقليمية وراءه، تريد إشعال الحرب الاهلية الطائفية ،وتحديدا إيران وزيارة الرئيس الإيراني نجاد ليست بعيدة عن الأحداث في ديالى وتصريحات الميليشيات الموالية لإيران والتابعة لمكتب الولي الفقه ،وكذلك انعكاسات الأوضاع السورية ،ودور النظام السوري الدموي لتصدير الأزمات وتخفيف الضغط على قواته المنهارة في الداخل السوري ، والاشتباكات على الحدود العراقية السورية ،ثم الاشتباكات في الحدود التركية مع قوات المعارضة والجيش السوري داخل الأراضي التركية والتفجيرات ،كلها عوامل ضغط داخلي سوري ،في وقت تشهد العملية السياسية تداعيات تنعكس على الشارع العراقي، منها فقدان الثقة بين الأطراف الحاكمة والصراعات فيما بينها ،على المناصب والمنافع ونهب ثروات البلاد في وضح النهار ،والتغطية على الفساد والمفسدين من الاحزاب الحاكمة والمتنفذة في العملية السياسية ،(نظرة واحدة الى جلسات مجلس النواب يتأكد هذا الكلام لتشاهدوا مهزلة ما تسمى الديمقراطية البرلمانية في تعطيل قوانين تهم الشعب مثل قانون التقاعد وقانون العفو العام وسلم رواتب الموظفين وغيرها ،وتنفيذ قوانين تخص النواب ومصالحهم ومنافعهم الشخصية كالرواتب والامتيازات والايفادات وغيرها )،مما جعل العملية السياسية في واد والشعب العراقي كله في واد آخر ،وأدى هذا التباعد والتجاهل الى انهيار العملية السياسية برمتها ،وحدوث الصراعات بين الكتل احد أسباب هذا الانهيار ،ولنعد الى أحداث الهجوم على سجون الحكومة وتهريب المعتقلين والسجناء الخطرين ،وهذا العمل على خطورته وقوته، التي تؤكد الدلائل الى وجود قدرات غير طبيعية دولية كانت أم إقليمية ،تقف خلف المنفذين من تخطيط وتمويل وتسليح وخرق معلوماتي ،وتواطؤ مخابراتي وامني واضح ، قد مهد لهذه العملية الكبرى ،الفائقة التخطيط والدقة والمهارة والجسارة،وهذا يؤكد اكبر فشل عسكري وحكومي في ادارة الملف الأمني المخترق أصلا ،أي كانت الجهات التي تقف خلف هذا العمل ألعملياتي الكبير ،إلا أن تكون الحكومة خلفه لأهداف نجهلها الآن ،وربما لخطة إقليمية تهدف الى التأكيد على أن العراق غير بعيد عن ما يجري في سوريا وعليه يجب (ملء الفراغ لحمايته من الحرب الاهلية الطائفية )،خاصة بعد تصريح مارتن ديمبسي حول ضلوع إيران في تفجير المرقدين العسكريين عليهما السلام ،بالتزامن مع تفجير مرقد الصحابي الجليل وقائد الفتوحات العربية الإسلامية خالد بن الوليد في سوريا ،لابد من ربط هذه الأحداث مع بعضها لكي تكتمل صورة وسيرة الخراب التي يعمل عليها أعداء العراق إقليميا ودوليا ،ويكون أداة هذا الخراب والدمار العراقيون أنفسهم ……مع الأسف….