18 ديسمبر، 2024 10:05 م

نازل آخذ حقي بصوتي

نازل آخذ حقي بصوتي

الأنظمة الديمقراطية بُنيت على أساس الحرية ونشر العدالة والمساواة بين أبناء الوطن الواحد، دون تمييز في اللون والعرق والعقيدة، الجميع متساوٍ في الحقوق والواجبات، لا فرق بين الراعي والرعية.

العراق دفع ضريبة الوصول إلى الحُرية دِماء وجراح من أجساد ابناءه بعد عقود من الظُلم والقمع وتكميم للأفواه أيام حقبة البعث الظالم، التي كانت حقبة لا يمكن وصفها لبشاعة جرائمها.

بزغ فجر العراق الجديد الذي ضمن حرية الرأي في التعبير، وحرية حركة الإعلام النزيه في إيصال المعلومة، وتكفل بحياة حُرة كريمة للجميع، تُحفظ فيها كرامة الفرد العراقي.

التضحيات التي قدمها الشعب المظلوم كثيرةً جداً لعقود خلت، في سبيل الوصول إلى مبتغاه المتمثل بالحرية والعيش بكرامة، لكنه تفاجئ من البعض من السياسيين الجُدُد، الذي قد صم أذنيه واغمض عينيه كي لا يرى ولا يسمع صوت المواطن الذي يأن من ويلات الفقر التي أطبقت عليه لعقود من الزمن، بسبب السياسات الخاطئة المتبعة في إدارة الدولة منذ تأسيس الدولة العراقية، بل ان البعض منهم من يتاجر بمظلومية المواطن ويرقص على جراحه، ويوظفها لنفسه للحصول على مغانم عن طريق المكر والخداع بركوبه للموجة.

التظاهرات السلمية كفلها الدستور العراقي للمطالبة بالحقوق المشروعة، السؤال هنا لماذا يخرج المواطن للنزول إلى ساحة التظاهر، هل للنزهة ام لهدف آخر؟ قبل الإجابة نود الإشارة لنقطة وهي، ما هو الدافع الذي يدفع بالمواطن إلى هذا الآمر؟ الدافع هو يأسه من المسؤول المتصدي للمشهد، لانه اي المتصدي، المسؤول الاول والأخير في توفير مستلزمات الحياة بعد قبوله للتصدي، وهنا تترتب عليه ضريبة تصديه في الخروج ضده في حالة تقصيره، ما نراه لدى بعض المتصدين، أنه يعي تقصيره لكنه متعمداً في غييه وعدم أكتراثه للمطالب او انه لا يعلم بشؤون رعيته وهذا مصيبةٌ عظمى، وهذا هو ما دفع المواطن للتظاهر لإيصال صوته الذي لا يستطيع ان يلج باحة المسؤول بسبب الكتل الكونكريتية والأسلاك الشائكة، فضلاً عن سور الإنتهازيين والنفعيين الذين يحولون بينه وبين المسؤول، لهذا السبب نزل إلى الشارع.
السؤال الآخر كيف بمتصدي يتولى مسؤولية ما، ولا يعلم ما يحتاجه المواطن؟ قبل الإجابة نبين ما هي صفة المتصدي؛ هي أشبه برب الأسرة، الذي يرعى أسرته وما تحتاجه من توفير لمسلتزمات الأسرة في حياتها اليومية، إذن هو رب أسرة للمجتمع برمته، وعليه توفير كل ما يحتاجونه في حياتهم اليومية، وإلا كيف برب أسرة لا يعلم ما يحتاجه أفراد أسرته! الأسرة المصغرى التي هي امتداد للمجتمع تحتاج إلى؛ التعليم والرعاية الصحية والشعور بالأمان والسكن الكريم وعمل يحفظ كرامة الإنسان وغيرها من الوسائل الأخرى التي يطيل بنا المقام في سردها، كيف هو الحال بمجتمع كامل يفتقر لأبسط مقومات الحياة؟!

الحكومة اليوم عليها ان تثبت انها مع المواطن في كل المواطن عبر تضامنها معه، وعليها ان تثبت ديمقراطيتها في التعامل مع الجماهير التي ستخرج في 25 من الشهر الجاري، للحفاظ على النظام العام للعراق الجديد والمواطن معاً، لكي لا ينزلق العراق نحو المجهول ولا تعم الفوضى التي يكتوي بنارها الجميع لا سامح الله.

نعم العراق يمر بمرحلة حرجة، بسبب الاوضاع الداخلية والتي سببها الفرقاء النفعيين والخارجية منها، لكن هذا ليس سبب في ان لا يطالب بحقوقه مادام خروجه يحمل الصفة السلمية، عسى بخروجه ان يصحى من غيبوبته السيد المسؤول وينزل من برجه العاجي، لهذا نزل ليأخذ بحقه بالطرق السلمية لا التخريبية، عن طريق التعبير بصوته لا عن طريق السلب والنهب والعبث بمقدرات وممتلكات العامة والخاصة، لهذا بخروجه من داره إلى الشارع ليثبت وجوده بانه موجود عبر الصوت الحُر المطالب بالحقوق التي تكفل الدستور برعايتها، المواطن نزل الميدان بعد ان سئم من تقصير وأهمال متعمد وغير متعمد من المتصدي في تلبية رغباته الحقة، سأخرج بعد ان بح صوت المرجعية الرشيدة ومن تمسك بمنهجها الشريف من الفرقاء بعد مرور عقد ونيف من النصح والأرشاد لأصحاب الشأن، نازل آخذ حقي بصوتي بعد الدعم المعنوي الذي تلقيته من الابوة المتمثلة بالمرجعية الرشيدة، صوتنا عبارة عن آهات وجِراح شعب سلب حقه وانتفع به غيره من المقامرين الجُدُد ومن قبلهم البعثيين، الذين صادروا ووظفوا مقدرات العراق لنزواتهم وملذاتهم، ادى ذلك أن يأن المواطن من ويلات الفقر الذي جثم عليه، بسبب فسادهم الذي أهلك الحرث والنسل.