خاص : كتبت – نشوى الحفني :
يبدو أن “العراق” سيخسر الكثير بسبب ما آلت إليه الأوضاع به من تردي واضح على كافة الأصعدة، فبسبب اندلاع التظاهرات ومواجهتها باستخدام العنف؛ خسر “العراق” عضويته كمرشح لمنطقة “آسيا” و”المحيط الهاديء” في “مجلس حقوق الإنسان”، بـ”الأمم المتحدة”، فيما دخلت 14 دولة أخرى في العضوية.
وذكرت صحيفة (واشنطن بوست)، أن “العراق” خسر في مسابقة المجموعة الآسيوية لأربعة مقاعد أمام “اليابان وكوريا الجنوبية وإندونيسيا وجزر مارشال”.
وأضافت أن “العراق” لم يحصل سوى على 121 صوت؛ متخلفًا عن “إندونيسيا” 174 صوت، و”اليابان” و”جمهورية كوريا” بـ 165 صوت، و”جزر مارشال” 123 صوت.
وبينت، أن المقاعد الشاغرة لمجموعة الدول الآسيوية أربعة؛ وكان عدد المتقدمين خمسة.
مواقف العراق من بعض القضايا تسببت في خسارته..
وكانت “وزارة الخارجية” العراقية، قد أعلنت اختيار “العراق” نائبًا لرئيس مجلس حقوق الإنسان التابع لـ”الأمم المتحدة”، في كانون أول/ديسمبر 2019.
إلا أنها عادت وأكدت، أمس، أن “العراق” سيشغل صفة مراقب في “مجلس حقوق الإنسان”، بداية العام المقبل، فيما أشارت إلى أنها ستعمل على تجديد عضويته في المجلس مستقبلًا.
وقال المتحدث باسم الوزارة، “أحمد الصحاف”، في بيان؛ إن: “العراق يشغل حاليًا عضوية مجلس حقوق الإنسان التابع للجمعية العامة للأمم المتحدة، من عام 2017 ولغاية نهاية 2019، وقد كان لنا دور إيجابي فعال فيه”، مبينًا: “إننا عملنا جاهدين على إبعاد قرارات المجلس، وإجراءاته عن التسييس”.
وأضاف “الصحاف” أنه: “بقدر تعلق الأمر بوزارة الخارجية بوصفها الجهة المعنية بحشد الدعم الدولي للتصويت لصالح تجديد عضوية العراق في المجلس لعامين آخرين، نود أن نؤكد للجميع أن الوزارة سعت حثيثًا لإستحصال هذا الدعم، وبذلت جهودًا كبيرة حتى الساعات الأخيرة”، مشيرًا إلى أنها: “نجحت في الحصول على وعود من 130 دولة منها دول دائمة العضوية في مجلس الأمن؛ وحصد فعلًا على 121 صوتًا، أي بفارق صوتين عن التأهيل، لكن بعضًا من هذه الدول لم تلتزم بوعودها، وأحجمت عن التصويت لصالحنا؛ بسبب مواقف العراق المبدئية على الصعيدين الإقليمي والدولي، ونهجه الثابت إزاء بعض الأحداث السياسية، والأمنية، والتي يبدو أنها ما كانت متوافقة مع توجهات وسياسات بعض الدول، فلم تصوت لصالحنا”.
وأكد على أن: “العراق سيشغل صفة مراقب في مجلس حقوق الإنسان بداية العام المقبل، ويبقى العمل مستمرًا بما يستحقه بلدنا، ويليق به”، لافتًا إلى: “إننا سنعمل على تجديد عضويتنا في مجلس حقوق الإنسان مستقبلًا”.
لمصلحة من يخسر العراق ؟
من جهته؛ علق عضو مجلس النواب، “محمد الكربولي”، على خسارة “العراق”، بالقول: “لمصلحة مَن يخسر العراق عضويته بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة ؟.. وهل وضعت الحكومة باعتباراتها رأي المجتمع الدولي عندما ضيقت حرية الرأي وطاردت الإعلاميين واعتقلت الناشطين وأغتالت كلمتهم الحرة”.
تراجع دولي مؤسف..
وعد عضو مفوضية حقوق الإنسان، “علي البياتي”، أمس؛ خسارة “العراق” لمقعد “مجلس حقوق الإنسان”، في الأمم المتحدة، “تراجع دولي مؤسف”، مؤكدًا على أن “العراق” في مرحلة حرجة وهو بأمس الحاجة للتواجد في هذا المحفل الدولي.
وقال “البياتي” أن: “العراق لم ينجح في الحصول على مقعد في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للدورة القادمة مع أنه رشح لذلك، حيث شغل العراق المقعد لدورة واحدة فقط ستنتهي في نهاية هذه السنة، (حيث من حق كل دولة دورتين متتاليتين)، حيث لم يفلح في جمع الأصوات اللازمة من الدول الأعضاء وهو تراجع دولي مؤسف للعراق”.
مضيفًا أن: “العراق في مرحلة حرجة ويواجه الكثير من التحديات على مستوى ملف حقوق الإنسان والإلتزامات الدولية الموقعة من قِبل العراق، حيث أن هنالك حاجة ماسة للتواجد في هذا المحفل الذي يُعد مطبخ العالم ومنصة للدفاع عن العراق وتقديم أجوبة منطقية وقانونية ومواجهة كل ما يرفع حول العراق من تقارير واتهامات، بالإضافة الى إظهار الجانب الإيجابي داخل الدولة العراقية والعمل المؤسساتي والنظام الديمقراطي، حيث سيكون دوره مراقب فقط داخل المجلس من السنة القادمة”.
وأوضح أن: “الموضوع يحتاج إلى وقفة من قِبل لجنة حقوق الإنسان ولجنة الشؤون الخارجية في البرلمان العراقي، لمعرفة أسباب هذا التراجع والخطوات المتخذة لتجاوز الموضوع في الانتخابات القادمة، واستعادة وضع العراق الدولي، بالإضافة إلى ضرورة فتح ملف الإلتزامات والاتفاقيات الدولية التي وقعها العراق والتي تحتاج إلى تشريعات وخطوات عملية للتنفيذ”.
وأكد على أن: “لا علاقة لمفوضية حقوق الإنسان بهذه المقاعد؛ حيث أنها مؤسسة مستقلة وغير حكومية، ولدينا منصات دولية مختلفة نتعامل معها وهو التحالف الدولي لمؤسسات حقوق الإنسان العالمية، حيث المفوضية عضو فيها، بالإضافة إلى الإرتباط الاختصاصي مع مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف”.
قد تفقد الحكومة شرعيتها أمام المجتمع الدولي..
وعبرت “جبهة الإنقاذ والتنمية” عن أسفها خسارة “العراق” لعضويته في “مجلس حقوق الإنسان”، التابع لـ”الأمم المتحدة”؛ غير أنها لم تستبعد في الوقت ذاته أن تفقد الحكومة الاتحادية شرعيتها أمام المجتمع الدولي بسبب التعامل الذي يزداد سوءًا مع ملف التظاهرات والمغيبين من المكون السُني.
وذكر بيان صادر عن الجبهة؛ أنه: “برغم أن بعثة العراق الدائمة لدى الأمم المتحدة قدمت ثلاثة وعشرين تعهدًا وإلتزامًا للحفاظ على العضوية في المجلس وإعادة ترشيحه، إلا أن المجلس لم يقتنع بهذه التعهدات والإلتزامات بسبب حالة حقوق الإنسان في العراق، والإجراءات غير القانونية في الاعتقال والحجز، فضلًا عن العنف المفرط الذي واجهت به الحكومة المتظاهرين السلميين في بغداد ومحافظات الوسط والجنوب وقتل وجرح أعداد كبيرة لا تتفق مع أي معيار إنساني في تعامل الحكومات مع شعوبها. إضافة إلى تراجع العراق إلى مراتب دنيا في مجال حرية الصحافة”.
الاختفاء القسري..
وأضاف البيان؛ أن: “كل ذلك يرتبط بجريمة أقسى وأكثر فداحة هي جريمة الاخفاء القسري، التي طالت الآلاف من مواطني المحافظات المحررة، هذه الجريمة التي تعاني من تأثيراتها آلاف العائلات العراقية التي لم تحصل لحد الآن على أية نتيجة من الحكومة برغم المطالبات المستمرة، وبرغم اللجان التي لا تقود إلى نتائج واضحة أو معلنة”.
ورأى البيان أن: “فقدان العراق لمقعده في مجلس حقوق الإنسان في جنيف هي رسالة واضحة من المجتمع الدولي للحكومة العراقية بأن ملفها في معالجة إنتهاكات حقوق الإنسان يزداد سوءًا مع إتجاهها لقمع حق التظاهر السلمي ومحاصرة الأصوات المنادية بالتغيير ومكافحة الفساد وتوفير الخدمات الأساسية وتشغيل العاطلين عن العمل وإعمار المناطق المحررة وإعادة النازحين وإصلاح النظام الإداري والقضائي والسياسي وتحسين شبكات الحماية الاجتماعية وتفعيل القطاع الخاص بهدف القضاء على البطالة، فضلًا عن ضعف إدارتها للتنوع وبما يحقق المساواة بين العراقيين وفقًا للدستور؛ فلازال عدم التوازن في إدارة الدولة بارزًا للعيان في ظل إصرار الحكومة الحالية والحكومات التي سبقتها على تغييب مكونات أصيلة عن مشهد التمثيل السياسي الحقيقي والذي يحقق التوازن والعدالة في إدارة الدولة”.
تفعيل مباديء الدستور العراقي..
وأشار البيان إلى أن: “إعادة دور العراق الدولي في مجال حقوق الإنسان وبما يتناسب مع حجم الإلتزامات الدولية والاتفاقيات التي وقعها العراق في مجال حقوق الإنسان لابد أن ينبع من إلتزامات الحكومة العراقية بتطبيق ما إلتزمت به دوليًا على شعبها أولًا قبل أن تكون تلك الإلتزامات مجرد واجهة لتلميع صورة الحكومة العراقية على الصعيد الدولي، وهذا لن يكون إلا بتفعيل حقيقي لمباديء الدستور العراقي، ولا سيما تلك المتعلقة بالحريات العامة وأولها تفعيل مبدأ المواطنة والمساواة والعدالة ودولة القانون والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد والتزوير والمحسوبية”.
وتابع البيان أن: “إصرار الحكومة العراقية على تجاهل ملف حقوق الإنسان والحريات العامة لن يفقدها الدعم الدولي وإنما سيفقدها أبسط أركان الحكم الرشيد المتمثلة بالشرعية والمشروعية إذ أن عدم إلتزامها بمواد حقوق الإنسان التي نص عليها الدستور سيفقدها الشرعية السياسية التي أستمدت منها حكمها”.
ستعود للفصل السابع..
ويرى المتخصص في القانون الدولي، الدكتور “علي التميمي”؛ أن: “العراق خرج من الفصل السابع بموجب القرار الدولي 2390 لعام 2017، إلى الفصل السادس، بسبب وجود متعلقات مع الكويت بديون تقدر بـ 4.5 مليار دولار، وإذا لم تحل المشاكل فسيتم إرجاع العراق إلى الفصل السابع”.
وتابع “التميمي”: “حصلت في العراق مشاكل بسبب التظاهرات من إنتهاكات لحقوق الإنسان وقتل للمتظاهرين واعتقالات خالفت المادة 14 من العهد الدولي، التي نصت على عدم جواز اعتقال أي شخص إلا بناء على قرار من سلطة قضائية، لكن الاعتقالات حصلت في العراق من قِبل جهات مجهولة، وأيضًا قُتل المتظاهرون برصاص مجهولين وقناصة، علاوة على الإنتهاكات التي يتعرض لها الصحافيون، ما يمثل إنتهاكات مهمة لمباديء حقوق الإنسان، والتي تعتبرها الأمم المتحدة جرائم ضد الإنسانية، لذا تم استبعاد العراق من مجلس حقوق الإنسان بسبب هذه المشكل، وهناك خشية من رجوع العراق إلى الفصل السابع والوصايا الدولية، وربما تكون الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت”.
وأضاف “التميمي”: “مسألة حقوق الإنسان دورية وتتجدد كل سنتين، فإذا ما استطاع العراق إعادة الأمور إلى نصابها في الكشف عن المتورطين في تلك الإنتهاكات، وتعويض المتضررين، وإطلاق سراح المعتقلين، وإلقاء القبض على منفذي الإنتهاكات، الذين قد يكونون عصابات، قد تعيد الجمعية العامة للأمم المتحدة مع هذه الإجراءات النظر في قضية استبعاد العراق من مجلس حقوق الإنسان”.
ويشهد “العراق”، منذ الأول من تشرين أول/أكتوبر الجاري، تظاهرات حاشدة في العاصمة، “بغداد”، وأكثر من 10 محافظات أخرى؛ للمطالبة برحيل حكومة “عادل عبدالمهدي”، والتي أكملت عامها الأول دون أن يشعر المواطن بأي تحسن كما يقول النشطاء.
وقد واجهت القوات الأمنية التظاهرات بالغاز والرصاص المطاطي، إلا أن المتظاهرين يقولون إنها استخدمت القناصة والرصاص الحي، ما أودى بحياة أكثر من 100 شخص حتى الآن، وأكثر من 6000 مصاب، وسط غضب شعبي متصاعد وارتفاع سقف المطالب.