خاص : ترجمة – آية حسين علي :
دائمًا ما يُشار إلى أن الجيش التركي هو ثاني أكبر جيش في “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، قوامه 355 ألف جندي، كما أنه الجيش العاشر عالميًا من حيث عدد الدبابات المتوفرة لديه، والثالث عشر من حيث عدد الطائرات، ومع ذلك، تعلم “أنقرة” جيدًا أن كل هذا لا يمكن أن يجعلها قادرة بشكل أكبر ومتناسب مع الحروب الحديثة، لذا عملت على تطوير هائل، خلال العقد الأخير، كي يصبح جيشًا صلدًا ولديه إمكانات تكنولوجيا ومستقلًا عن حلفاءه الغربيين ويتخصص في الحرب الهجينة التي تجمع بين الحروب التقليدية والسيبرانية وغير النظامية، وكل هذا من أجل تحقيق المستهدف الذي تسعى إليه؛ وهو أن تصبح “تركيا” دولة ذات نفوذ متزايد تقود تطور الأحداث في المنطقة.
الأكراد صامدون.. المعركة بدت أصعب على أنقرة..
يسير صف من الشاحنات بأعلى سرعة بإتجاه مدينة “رأس العين” السورية، وتنقل القاطرات الدبابات والعربات المدرعة مع مدافع رشاشة محمولة، وهي من نفس الطراز الذي كانت الميليشيات السورية الموالية لـ”تركيا” تستخدمه، لكن المعركة بدت على الأرض أصعب بكثير مما كانت تتوقعه “أنقرة”، إذ أنه رغم مرور أكثر من أسبوع على بداية العملية لا يزال الأكراد قادرين على الصمود.
ورغم أن السلطات التركية لم تكشف عن أعداد الجنود الذين يشاركون في العملية، إلا أن خبراء صرحوا، لصحيفة (البايس) الإسبانية؛ بأن عددهم يقدر بنحو 15 ألف شخص، كثير منهم تابعون لقوات “العمليات الخاصة”، بالإضافة إلى “المشاة” وقوات “المدفعية”، وما بين 6 آلاف و20 ألفًا من المقاتلين السوريين الموالين لـ”تركيا”، وقال الخبير الأمني والعسكري التركي، “عبدالله أغار”، إن سلاح الجو يدعم المقاتلين على الأرض بأسلحة ذكية وعلى الأقل مئة (درون)، وتُعد الطائرات المُسيرة مصدر فخر تركي، ليس فقط لأنها تمنحها ميزة تكتيكية؛ وإنما لأنها أيضًا تُصنع محليًا، ونفس الأمر بالنسبة إلى المدرعات وبعض أنظمة الهجوم التكنولوجية المتطورة.
العملية التركية تؤثر على وحدة “الناتو”..
أوضح الباحث في صندوق مارشال الألماني، “يرونو ليت”، أن: “تركيا لا تزال حليفًا مهما لـ (الناتو)، وتشارك في مهاماته وعملياته، كما أن موقفها جوهري فيما يخص المصالح الجيوسياسية للحلف في الشرق الأوسط، لذا لا أتوقع أن يؤدي ما يحدث في سوريا إلى إقصاءها”.
وأضاف: “لكن من المؤكد أن ما يحدث من شأنه التأثير على وحدة الحلف، كما أن العلاقات بين أنقرة والحلف، خلال السنوات الأخيرة، كانت مضطربة”.
الميليشيات السورية عقبة أمام تقدم تركيا..
أشارت (البايس) إلى أن إعتماد “تركيا” على الميليشيات السورية الموالية لها قد يمثل عقبة أكثر من كونه ميزة، وأوضحت أن “أنقرة” اضطرت إلى اللجوء لهذه الميليشيات لأن الرأي العام لن يقبل بفقدان المزيد من العسكريين.
وأوضح الباحث بمعهد أبحاث السياسة الخارجية، “آرون ستاين”، أن: “تركيا تسير في العملية وفقًا للنموذج الأميركي، إذ تستخدم ميليشيات غير تركية، موالية لها على الأرض، بدلًا من الدفع بالعسكريين المهنيين”، وأضاف أن المعضلة تكمن في أن هذه القوات غير جديرة بالثقة، لأن الطائفية والحزبية تشقها بعمق، كما أنها تتسم بالوحشية في بعض الأحيان، ويرى أن إعتماد “أنقرة” على الميليشيات السورية جعل من التقدم أكثر بطئًا، وأنه كان يجب التوغل بسرعة أكبر، وهو ما أعطى الفرصة لخروج ردود أفعال عالمية قوية، وهناك قوتين عظمتين تطالبات بوقف إطلاق النار.
وكتب العسكري السابق، “ميتين غوركان”، بصحيفة (المونتيور) الإلكترونية؛ أن الهجوم التركي لا يمكن أن يقتصر فقط على المواجهة، وإنما يجب أن يمتد ليشمل الجانب الدبلوماسي والرأي العام، ومن هنا يمكن القول بأن “تركيا” مستعدة للفوز.
تصنيع الأسلحة سبيل تركيا للاستقلال..
استثمرت “أنقرة”، خلال العقود الثلاثة الماضية، أكثر من 30 مليار دولار من أجل إنشاء مجمع عسكري صناعي، يُدار وفقًا لتوجيهات الحكومة، وقامت بتطوير دبابات خاصة بجيشها، إلى جانب سفن “فرقيطة” الحربية وطائرات هليكوبير وصواريخ متعددة المدى.
وأوضح الباحث في مركز “ثينك بانك”، “عمر أوزكيزليك”، أن التطور الكيفي الأكبر في “تركيا” هو أنها باتت تُصنع 70% من الأسلحة المستخدمة، وأوضح “أوزكيزليك” أن هذه الميزة جعلت الجيش التركي أكثر صمودًا أمام أي نوع من الحظر يفرض عليه من أطراف خارجية.
ومنذ عدة عقود، كان يُعتبر الجيش التركي إمتدادًا للتصميم الأميركي في المنطقة، لكن مع الإصلاحات المتكررة، باتت القوات المسلحة التركية أكثر استقلالًا عن الحلفاء الغربيين فيما يخص الجانب التقني، وهو ما يجعلها أكثر استقلالًا من الناحية السياسية والإستراتيجية، وأضحت “أنقرة” أنها اليوم قادرة على شن هجوم دون أخذ إذن مسبق، وأشار “أوزكيزليك” إلى أن القوات التركية أكتسبت خبرة كبيرة خلال العمليات العسكرية التي نفذتها ضد إرهابيين في “تركيا والعراق وسوريا”.