يرفض الطائفية والتدخل الخارجي .. هجوم أتباع إيران على “السيستاني” بسبب إدانته قتل المتظاهرين !

يرفض الطائفية والتدخل الخارجي .. هجوم أتباع إيران على “السيستاني” بسبب إدانته قتل المتظاهرين !

خاص : كتبت – هانم التمساح :

سيل من الانتقادات وجهه أتباع “إيران” وأنصار الحكومة العراقية، على صفحات التواصل الاجتماعي، ضد  المرجع الشيعي الأعلى في “العراق”، آية الله “علي السيستاني”، الذي يمثل ذروة سنام المرجعية النجفية، بعد أن حَمل حكومة “بغداد” المسؤولية عن مقتل عشرات المحتجين؛ وأمهلها أسبوعين للكشف عن “العناصر الخارجة عن القانون” التي أطلقت النار عليهم، لدرجة أن أحدهم قال: “السيد السيستاني.. أنت ضيف بالعراق” !

تصريحات “السيستاني” تهز موقف حكومة “عبدالمهدي” وتقلص دور أتباع إيران..

أثار هذا الانتقاد غضب مريدي “السيستاني” وتلاميذه في “العراق” وفي دول أخرى؛ معتبرين أن هؤلاء المنتقدون يتجنون على الرجل الأكثر حكمة وحرص على مصلحة “العراق”، والذي ينبذ فكرة الطائفية ويرفض التدخل الخارجي بشؤون “العراق”، ويرجع ذلك الهجوم الذي يفترض تدخل “السيستاني”، الذي نادرًا ما يدلي برأيه في السياسة باستثناء أوقات الأزمات، ويعتبره مزيدًا من الضغط على كاهل رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، لتقليص نفوذ جماعات شيعية تدعمها “إيران”، يوجه لها الاتهام على نطاق واسع بالمسؤولية عن مقتل أكثر من 100 محتج في حملة صارمة على المتظاهرين.

وقال ممثل لـ”السيستاني”، ألقى خطبة الجمعة في مدينة “كربلاء”: “إن المرجعية الدينية تطالب بقوة الحكومة والجهاز القضائي بإجراء تحقيق يتسم بالمصداقية … ثم الكشف أمام الرأي العام عن العناصر التي أمرت أو باشرت بإطلاق النار على المتظاهرين وعدم التواني في ملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت إنتماءاتهم”.

حمل المسؤولية للحكومة..

وقال “السيستاني” إن الحكومة مسؤولة عن سقوط قتلى بين المحتجين الذين خرجوا إلى الشوارع، الأسبوع الماضي، للتعبير عن غضبهم لقلة فرص العمل وسوء الخدمات والفساد الحكومي.

وهذه الاحتجاجات هي الأسوأ منذ هزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”، في 2017، وأكبر اختبار لحكومة “عادل عبدالمهدي”؛ التي تولت السلطة قبل عام. وشهدت الاحتجاجات إطلاق قناصة النار على المحتجين من فوق الأسطح، وشاهد مراسلون من (رويترز) مقتل وإصابة محتجين بطلقات في الرأس والرقبة والصدر خلال بعض أسوأ أيام الاحتجاجات، في الأسبوع الماضي.

وانتقد “السيستاني” أيضًا الهجمات على الصحافيين؛ بعدما داهم مسلحون مجهولون مقرات عدة محطات تليفزيونية، حيث خطف أفراد أمن مجهولون، صحافيين إثنين على الأقل، وأحتجزوهما لفترة وجيزة.

“عبدالمهدي” يستجيب ويشكل لجنة تحقيق..

وأصدر مكتب “عبدالمهدي”، السبت، بيانًا جاء فيه أنه: “استجابة لخطبة المرجعية الدينية العليا ليوم أمس الجمعة، وإستكمالًا للتحقيقات الجارية، قامت الحكومة بتشكيل لجنة تحقيقية عليا تضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن مجلس القضاء الأعلى ومجلس النواب ومفوضية حقوق الإنسان”.

وأضاف أن هذه اللجنة ستعمل على “إحالة المتسببين إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل، وملاحقتهم واعتقالهم وتقديمهم إلى العدالة مهما كانت إنتماءاتهم ومواقعهم”.

إصلاحات بلا جدوى..

وأعلن رئيس الوزراء مجموعة إصلاحات تشمل تعديلات وزارية وتحسين فرص العمل وتعهد بمد يد العون للفقراء.

لكن من غير المرجح أن تهديء، هذه الإجراءات، الغضب الشعبي تجاه طبقة سياسية فاسدة يقول العراقيون إنها فشلت في تحسين معيشتهم حتى في أوقات السلم بعد عامين من إعلان هزيمة “تنظيم الدولة الإسلامية”.

يرفض التدخل الإيراني..

ويُعد “السستاني”، ذا المكانة الروحية العليا في “العراق”، أبرز الرافضين لأي تدخل خارجي في شؤون “العراق”، وقد سبق أن رفض لقاء رئيس “إيران” السابق، “محمود أحمدي نجاد”، لكنه وافق مؤخرًا على  لقاء “حسن روحاني”، الذي يعتبره أكثر حكمة وهدوءًا، ولكن أثناء لقائه بالرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، شدد “السيستاني” على مباديء رئيسة تمثل أهمها في التالي :

1 . تعزيز علاقات “العراق” بجيرانه، وفقًا لمصالح الطرفين.

2 . احترام سيادة الدول.

3 . عدم التدخل في الشؤون الداخلية.

4 . حصر السلاح بيد الدولة وأجهزتها الأمنية.

5 . ضرورة أن تتسم السياسات الإقليمية والدولية في المنطقة بالتوازن والإعتدال.

6 . تجنب شعوب المنطقة المزيد من المآسي والأضرار.

هذه الخطوط العامة التي تحدث بها، آية الله “السيستاني”، مع ضيفه، “روحاني”، تمثل جوهر التفكير السياسي لمرجعيته. وتتضمن رسائل واضحة عن أهمية أن تطوي حقبة التوتر الأمني والعسكري والسياسي الذي تعيشه منطقة الشرق الأوسط. وأن يتحمل الإيرانيون والعراقيون مسؤوليتهم في هذا الصدد.

يرفض فكرة الميليشيات..

“السيستاني” لا يريد لـ”العراق” أن يتحول لساحة يعيث فيها سلاح المليشيات خرابًا.. وهو يرفض أن تتخذ “طهران” من “العراق” منصة إنطلاق لمحاربة خصومها.

قد لا يكون الرئيس، “روحاني”، معنيًا بشكل مباشر بحديث “السيستاني”، وإنما هنالك قوى إيرانية رئيسة وفاعلة، موجه لها الكلام بشكل رئيس، وهي: “الحرس الثوري، فيلق القدس، والتيار الأصولي الذي يؤمن بتصدير الثورة”.

الكثير من الدماء أريقت في منطقة الشرق الأوسط، وتحولت عدة دول إلى كيانات فاشلة. هي الأخرى الأصوات الطائفية والخطابات السياسية المتشنجة مازالت تحضر وبقوة.

والسيد “السيستاني” يعلم أن لا سبيل لمواجهتها إلا بالتأكيد على السياسة المتزنة والإعتدال والسلم الأهلي ونبذ العنف، وهو ما حث ضيفه عليه، لعل “طهران” تأخذ بنصيحة الأخ الأكبر، وتساهم بفاعلية في استقرار المنطقة، وتتواصل مع جيرانها العرب في الخليج، لما فيه مصلحة الجميع، تحت شعار المصالح المشتركة، واحترام سيادة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.

وإذا ما قارنا بين مرجعية، آية الله “علي السيستاني”، ومرجعية “كاظم الحائري”، (بإيران)، نجد أنه على طول الخط، كان “الحائري” يدفع العراقيين إلى المقاومة والإقتتال، وكان “السيستاني” يدفع بهم إلى الاشتراك بالعملية السياسية، وإتباع القانون واحترام مؤسسات الدولة، والسبب أن فتوى “السيستاني” ليست للبيع، ولا هي خاضعة للضغوطات.

مولده إيران أصله عربي.. ستون عامًا بالعراق..

يُذكر أن السيد “علي الحسيني السيستاني”، (مواليد 9 ربيع الأول 1349)، هو المرجع الديني الأكبر للشيعة في العالم، خلفَ “أبوالقاسم الخوئي”، في زعامة الحوزة العلمية في “النجف”، التي هي مدرسة العلوم الدينية الرئيسة لدى الشيعة الإثنا عشرية.

ولد في مدينة “مشهد” في “إيران”، من أصول عربية إذ يرجع نسبه إلى الإمام “الحسين” حفيد رسول الإسلام “محمد”، ويعيش منذ ستين سنة في “العراق”، في مدينة “النجف”، حيث مرقد “علي بن أبي طالب” ومقرّ الحوزة العلمية.

ويُعد “السيستاني” أحد أكبر الشخصيات النافذة في “العراق”؛ نظرًا لإمتداد مرجعيته الدينية، فكان له دور كبير في كثير من التحولات السياسية بعد تغيير النظام، عام 2003، وأطلقت عليه الصحافة الأوروبية لقب “دالاي لاما العراق” لمكانته.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة